رأي ومقالات

محمد حامد: رحم الله الأستاذ عبد الحكيم الطاهر


رحم الله الأستاذ عبد الحكيم الطاهر ؛ رجل كلما كنت التقيه أتلمس فيه تلك السودانية المميزة له ؛ ملامح وسمت ومودة ؛ يتحدث حتى في أنسه كفنان حامل رسالة ؛ الدراما عنده صنعة لتأهيل الإنسان ونقله من كونها فعل لتجزية الوقت ؛ لتكون إرشاد وتقويم وفرصة لتحسين فرص المتلقي في الانتقال من مقعد المتفرج الى بطولة مطلقة في الواقع .
عبد الحكيم الطاهر الذي عرفه جيلنا بكابتن (كابو) . الشخصية التي جسدها في مسرحية نقابة المنتحرين ؛ النقابة التي ضمت وقتها ثلة من اعظم الممثلين ؛ والنجوم ؛ وكانت ذات حضور في ذاكرة السودانيين الى اليوم ؛ وشاع بعدها وانتشر لقب (كابو) الذي التصق بعدد من نجوم الكرة في الحارات والحواري وأندية القمة ؛ عبد الحكيم تميز بخاصية عصامية تشد صاحبها الى المعالي فتدرج بين التمثيل والتدريس وإدارة المشروعات التي نقلت خبراته الى التخصص ؛ في أدوات التمثيل لاصحاب الإحتياجات الخاصة ؛ ففاز وتقلد التكريمات في عواصم غربية وعربية ولو كان الرجل من بلد غير السودان ؛ لتعولم أسمه وقدم كصاحب نظريات وتجارب ؛ لكننا بلد وفي كل الحقب فيه ذاك السلوك الشنيع بطمر الكنوز في مدافن الإهمال .
أذكر في اخر مقابلة لي معه ؛ حمله لهم توظيف المسرح في ثقافة السلام ؛ وفتح ستائره على فئات مجتمعية في اخر صف الإهتمامات ؛ ولا أعرف اين بلغ فيها ؛ جزاه الله خيرا عما قدم وإنتوى .
حزني على كابتن كابو ؛ وبعد الاثر الإنساني في فقد شخص تعرفه ؛ مرده جزعي على فئة الفنان الرسالة ؛ صاحب الرؤية وهذا طيف يتناقص الان يشمل حتى الإعلاميين والمغنين ؛ إذ تقلصت مرشدات هذا النوع ؛ وانواره الدالة على الطريق ؛ ابتلينا بمن جعلوا تلك الحواضن أشغالا لكسب المال والتكسب والثراء ؛ دون مردود على الوعي ؛ وهذا الفرق المحير في هذه البلاد ؛ يغتني الفاشلون ؛ ويموت الأثرياء بالفكر والمعارف والمواهب ..مرقدهم تراب . وحتى موتهم يقع مثل دوي صاعقة في ليلة مطيرة ! فيقول مرافق للفاشل مات فلان يا استاذ ! ينسب الأستاذية لسيده ويسقطها عن صاحب اللقب وحيازته.

محمد حامد جمعة نوار