حاتم.. المُبدع لا يموت..!
نادرون الذين يزينون الذاكرة وينثرون فيها الجمال والمتعة وهم من خارج حدود الوطن، قليلون الذين يتفق الناس عليهم وحولهم في زمنٍ قل فيه الإجماع والاتفاق.
رحل المخرج حاتم علي، صاحب الإرث الفني والفكري والثقافي الذي قل أن تجد نظيره، شكل فيها وجدان الكثيرين منذ بداية التسعينات، عبر رحلة تاريخية ودرامية مشوقة.
حفظت اسم حاتم علي وأنا في العاشرة من العمر حينما مثل دور “شهاب ” في المسلسل التاريخي “الجوارح”، الذي وضعنا منذ الصغر أمام أمجاد القبائل العربية، ومنذ حينها ظل اسم حاتم علي محفوراً في الدواخل ممثلاً ومخرجاً..
أذكر أننا كنا أمام كتب تاريخ غليظة المواضيع، كثيفة الصفحات، لا نعلم من أين نبدأ وإلى أين نمضي، غير أن حاتم أحد الذين أسهموا بتحبيب التاريخ إلي وإلى آخرين، عبر رحلةٍ مرئيةً جسد فيها كل المشاعر العربية والإنسانية، فكان “الزّير سالم”، أحد أبطال الجاهلية راسماً مغامراته في حرب البسوس التي دامت لأربعين عاماً..
استمر إبداع حاتم في إخراج مسلسلات مثل “صلاح الدين الأيوبي” الذي تُرجم إلى عدة لغات و”صقر قريش” الذي يحكي عن تاريخ المسلمين في الأندلس، ثم “ربيع قرطبة” و”ملوك الطوائف”، وكان مسلسل “عمر”، كما لا ينسى له المشاهدون “التغريبة الفلسطينية” التي عكس فيها واقعاً معاشاً مؤلماً..
ليس غريباً أن يحزن العالم العربي على رحيل إنسان، أثرى الذاكرة والوجدان، فكان مجرد ظهور اسمه في شارة الختام، يعني أن للعمل قيمة عظيمة، وأن هناك حدثاً يستحق أن يُروى.
رحل حاتم وكم يشبه موته أعماله، فقد كان تشييعه عظيماً ومهيباً، توحد خلفه السوريون والعرب على اختلاف انتماءاتهم، هو ما يؤكد أن الشعوب لا تزال قادرة على تقدير من يستحق التبجيل، وأنها تدرك من كان مشواره في الحياة حافلاً بما ينفع الناس أم لا.
قال الله سبحانه وتعالى “فأما الزبد فيذهبُ جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”، ونحسب أن حاتم قد ترك عملاً ضخماً سيظل الناس ينتفعون منه.
لينا يعقوب – صحيفة السوداني
الأستاذة لينا دائماً ما تجد في كتاباته المفيد
ماكتبته عن الأستاذ حاتم تشكر عليه
اهلا لينا و التي كتبت عن الإبداع الذي لا وطن له و ذكرت أن حاتم كان مبدعا في الجوارح.. و مع ذكر الجوارح لا لي أن أشير إلى الممثل السوداني الاسمر الذي كان أحد مبدعي الجوارح و اسمه إدريس له الرحمة من أبناء مدينة الحصاحيصا المعطاءة… و كانت معه امل عرفة و رنا جمول.. و كانت نجاح العطار وزيرة الثقافة وقتها من المعجبين بأدائه و تزوره في البيت في منطقة دمر السياحية و كان صديقا لأخي عصام الذي يدرس الأدب الانجليزي وقتها في جامعة دمشق و يستاجرون الشقة التي كلها إبداع في دمر الخضراء… رحم الله حاتم و رحم الله إدريس الذي نقش الإبداع على أرض الشام… لك ودي لينا