مقالات متنوعة

بلغ السيل الزبى

في بدايات عملي في سوبا ..كنا نمر يومياً بالترحيل على مجمع سكني فاخر ..كانت الفلل فيه ترمقنا باعين متعالية ..(هي فين ونحن فين ) وكنا نمازح بعضنا بعضاً بأننا سنمتلكها يوماً ما ..بل وصلت بنا الاحلام اننا توزعناها فيما بيننا ..(دي حقتك يا دينا ..وانا حقتي ديك الفاتحة غرب ..وانت يا رانيا أسكني جارة حنان ..)..تفرقنا في الأرض ..وانتهى عهد الترحيل ..فقط بقيت ذكريات تلك الايام الجميلة ..أذكر انني كنت كلما مررنا بذلك الحي (الراقي) أدعو بأعلى صوتي (شاحدة ربي يا الفلل ترخصي كدي ونشتريك من باقي المرتب) .. كانت أيام كنا فيها نحلم بغد أفضل ..و ..لا كملت حكاوينا ولا لقينا (البسكنا في تلك الفلل).
كتب علينا في هذه البلاد الصابر أهلها ..ان نعيش الاحلام و(نلوك القرضة) ونتمسك بارض الوطن ..وكل يوم تظهر لنا الايام ما كنا (نجهله) ..الرفاهية والحياة المستقرة زي بقية خلق الله ..يبدو انها ستصير مثل أحلامنا بالسكني في الفلل الراقية ….اذ كل ما نشتل الأفراح ..تأتي معضلة تمد ايدها وتقتلع الفرح من الدواخل ..
الكهرباء وما ادراك ما الكهرباء ..(قصة ونهايتها لسه) ..قطوعات غير مبرمجة ..وغير معروفة الامد ..ولا اعتذار و(لا حتى رسالة واحدة بيها أطمن شوية )..لا وكمان تحت شعار كفاك وللا أزيدك ..تظهر فجأة تعريفة جيدة للكهرباء ..لتصير سلعة لمن يستطيع اليها سبيلا ..وياريت بعد دا كلو لو متوفرة ..فهي غالية ..وتشتريها بحر مالك ..وبعرق جبينك ويمكن تدخل في ديون ..وبعد كل هذا ..السادة القائمون على أمرها عندهم رأي ..فمن حقهم (يسحبوها وقت ما عايزين ويعيدوها وقت ما عايزين )..ونحن لا نزال على جمر الصبر قابضين ..وكلما ضربونا على خدنا الأيمن ..أدرنا لهم الأيسر ..خانعين .
الطريف انني قرأت بياناً لقوى الحرية والتغيير ..تستنكر فيه بشدة زيادة تعريفة الكهرباء ..فقلت في نفسي ..ما هذا الأب الذي لا يستطيع ترويض ابنه ؟؟ ..ويشكو لجميع أهل الحي من عقوق ابنه الذي لا يسمع كلامه ؟ نعمل شنو في الحالة دي نحن ؟ أنا شخصياً في قصة الكهرباء دي بالذات عارفة أعمل شنو
فقد قررت بعد طول تفكير وتمحيص ..سأتحول الى خدمة الألواح الشمسية ..لا يأتي أحدكم ليقول لي ان مدخلاتها غالية ..فهي ستريحني لباقي العمر طال أم قصر ..(حابيع الوراي والقدامي ..وادخل صندوق ..واستلف) ..المهم ساجتهد في الخروج من الشبكة الكهربائية ..وسأبذل جهدي في الترويج لهذه الفكرة ..(وداعا يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب ..ومرحب يا صباح الالواح الشمسية ..ٌقرب تعال ماتبتعد )..
لا شئ سيوقف صلف الكهرباء وأهلها غير الاستغناء عن خدماتهم..لأن الأمر بلغ حدا لا يمكن السكوت عليه ..كل هذه القطوعات والتذبذب في الخدمات ..ولم يفكر أحدهم في الخروج بتفسير او الاعتذار عن سوء الخدمات .. لا شئ سيردعهم غير التخلي عنهم نهائياً ..لذلك رجاء كل من يأنس في نفسه الكفاءة في مساعدتي في موضوع الالواح الشمسية ..أرجو مراسلتي على الايميل خاصتي ..اما انت يا الهيئة القومية للكهرباء ..(شاحدة ربي تبور بضاعتكم ..وترخص رخصة شرائح الموبايل ..اشوف فيكم يوم تبيعوا عداداتكم في الطبالي ومعاها كيلوهات الطاقة ..وماتلقوا اليشتروها ..تشيلوا وتعملوا في العروض وبرضو ما تلقوا زول يشتري .. ..بركة اللا نام ولا أكل الطعام).

***********

ناهد قرناص – صحيفة الجريدة

‫2 تعليقات

  1. يا دكتورة ناهـد لك التحية
    مقال جميل ورائع ومعبر عن حالنا جميعا سكان العاصمة ، قبل فترة سمعنا عن شركة بلجيكية تم الإتفاق معها على إنارة كل العاصمة المثلثة بالطاقة الشمسية دون أي أعباء على الدولة وفقط تعطى حق الإعلان على أعمدة الكهرباء وستمنح ولاية الخرطوم نسبة من الدخل لا يقل عن 20% وقبل أنه تم الإتفاق مع هذه الشركة من قبل المسئولين السابقين بما فيهم الوالي السابق وعند حضور الوالي الجديد كان عليه فقط ارسال وفد من الخبراء مكون من خمسة اشخاص الى بلجيكا للمعاينة على الطبيعة …. فماذا تم في أمر هذه الشركة وماذا ينتظر الوالي لحل هذه الأزمة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. والله يا دكتورة ع شان تعرصة الحكومة واستغلاليتها للمواطن دي بقيت اكره جميع المدن والولايات لاني عندي ضغط و ما بتحمل الحقارات