أسماء جمعة تكتب النفايات يا والي الخرطوم
النفايات وما أدراك ما النفايات. كارثة بيئية ظلت تشغل بال المواطنين خلال عقود النظام المخلوع الثلاثة، ورغم أن العالم خلال هذه الفترة طور تقنيات متقدمة جدا لمعالجة النفايات وتحويلها الى مواد قابلة للاستخدام، إلا أن النظام ظل غير مهتم بهذا التطور وظل مستمرا في معالجتها بالطرق البدائية التي تهدر أموالا طائلة ولا تحقق نتيجة جيدة، وحتى هذه غير ملتزم بها، وكم نادى الكثيرون بضرورة إدخال هذه التقنيات التي ستحل المشكلة نهائياً لتصطاد الولاية عصفورين بحجر، تنظف البلد وتحصل على عائد من النفايات ولكن لا حياة لمن تنادي.
النظام المخلوع كان يسهل لكوادره ليتكسبوا من مشكلة النفايات هذه لذلك لم يسعَ لإدخال التقنيات الحديثة التي تعالجها، فقد تأسست شركات وهمية كثيرة مملوكة لهم، وتعمل في نظافة الخرطوم بإمكانات الدولة وتُرسي عليها العطاءات بلا أية شروط ولا تنافس، فأصاب أصحابها الثراء وأصيبت الخرطوم بانتشار النفايات والتلوث والقبح حتى صنفت واحدة من أكثر عواصم العالم قذارة ومازالت متمسكة بهذا التصنيف، ورغم هذا لم تتحرك حكومة الولاية وكل مسؤول يأتي يحافظ على عدم معالجة النفايات لأنها الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً وماساً، وحتى بعد الثورة لم يتغير الحال أبداً بل ازداد سوءاً.
هذه الأيام ازداد تراكم النفايات بشكل كبير واختفت تحتها الشوارع، وقد واحتار المواطنون في التخلص منها ووقفوا مكتوفي الأيدي، حتى الحرق وسط الأحياء أصبح وسيلة غير فعالة، فهو يشوه الشوارع ويزيد من تلوث البيئة ويراكم نوعا آخر من النفايات الضارة، وكثيرون اصبحوا يرفضونه في الأحياء بسبب مرضى حساسيات الجهاز التنفسي، ومن يلاحظ الشوارع الرئيسة هذه الأيام يتعجب حيث أصبح المواطنون يضعونها وسط الشوارع ذات الاتجاهين اعتقادا منهم ان الولاية ستخجل من منظرها وستسارع الى رفعها ولكن هذا لم يحدث والآن أغلب الشوارع الرئيسية عبار عن (كوش ممتدة من بدايتها وحتى نهايتها، أما الأحياء فحدث ولا حرج. في كل حي هناك أكثر خمسة أو ستة مكبات.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا؛ أين والي الخرطوم، ما السبب الذي يجعل حكومته عاجزة عن حل مشكلة بهذه البساطة؟ ونحن نرى أرتالا من عربات النفايات تقف في صفوف الوقود وقد خصصت لها طرمبات بعينها، والعدد الذي رأيته في طرمبة النيل بشارع الأربعين يكفي تماما لرفع جبال النفايات الموجودة في أحياء أم درمان، ثم ما هي رؤيته لحل هذه المشكلة وقد أكمل في منصبه نصف عام وهي مدة كافية لمعالجة أمر النفايات وهي ليست مشكلة غير مهمة ليؤجلها او يتغاضى عنها.
السيد والي الخرطوم لقد أصبحت النفايات استثمارات تصرف على نفسها وتحقق أرباحا كبيرة توفر للدولة منتجات تحل أزمات مستفلحة في البلد، إذ إن معالجتها تمكن من الحصول على إسفلت وغاز وبترول وكهرباء، وكثير من رجال الأعمال السودانيين مستعدون للدخول في هذا النوع من الاستثمار. ماذا تنتظر حكومتكم؟ اخرجوا من التفكير بعقلية النظام المخلوع ؟ نحن الآن أمام كارثة بيئية خطيرة، ونحن إذ ننبهكم بالاستعجال في معالجتها الآن قبل أن تصبح أكثر كارثية وتكلفة.
أسماء جمعه – صحيفة السوداني
الوالي مشغول بكنس الكفاءات … اما النفايات فلا كانس لها … ومن لم يكنس النفايات سوف تكنسه …