الفراغ القيادي العريض
(1)
“الفراغ السياسي ساهم في سوء الأحوال المعيشية للمواطنين وتفاقم الأوضاع الحياتية والاقتصادية والأمنية” كانت هذه خلاصة تشخيص السيد رئيس الوزراء في شأن الأوضاع المأزومة التي تعيشها البلاد، حسب تعميم لإعلام مجلس الوزراء الأربعاء الماضي عقب اجتماع دعا له قوى الحرية والتغيير واطراف اتفاق جوبا، وذكر البيان أن د. حمدوك “استعجل رفع قوائم الترشيحات الوزارية” معتبراً “إنجاز التشكيل الوزاري مرتبطا بفعالية التدخلات الحكومية في الملفات العاجلة”، “وضرورة الالتزام بمعايير الاختيار المتفق عليها، منها الكفاءة والتأهيل والخبرة”.
(2)
بالطبع يُحمد للسيد رئيس الوزراء الإقرار أخيراً بمدى التردي الشامل الذي أصاب حياة المواطنين اقتصادياً، واجتماعياً، وأمنياً، وان يصل وإن متأخراً إلى نتيجة نتيجة بالغة الأهمية “أن الشارع يتململ”، وهو ما لم يحدث بين ليلة وضحاها بل ظل يتراكم لفترة ليست بالقصيرة على صبر جميل من الشعب بأن يمنح السلطة القائمة الفرصة الكاملة لمواجهة التحديات الكبيرة التي خلّفها فشل وعجز وفساد النظام السابق، وحظيت سلطة الانتقال في مكونها المدني، في السلطة التنفيذية والحاضنة السياسية، بدعم شعبي غير مسبوق للوفاء باستحقاقات التغيير الذي طالبت به ثورة ديسمبر بتضحيات الجيل الجديد، من الخطأ تصور أن تململ الشارع باعثه مجردي تردي الأوضاع الاقتصادية، بل لإنعدام الأمل لرؤية ضوء في آخر النفق في غياب قيادة قادرة على إلهام الشعب بمهمة ودور، وتواضع أداء البقة الحاكمة في ترويكا الانتقال بمكونيه المجني والعسكري.
(3)
ولكن هل السبب سوء الأحوال إلى هذه الدرجة التي دعت رئيس الوزراء لدق ناقوس الخطر يعود ل”الفراغ السياسي”، أو سيحل بمجرد تشكيل حكومة جديدة؟ كما ذهب إلى ذلك، لا شك أن التشخيص الخاطئ سيقود لتعريف خاطئ للعلة، وبالتالي لوصف علاج غير ناجع، مما يعني أن الدوران في الحلقة المفرغة سوف يستمر بكل تبعاته الكارثية وعواقبه الوخيمة على البلاد والعباد، ذلك أن اعتبار حالة الهرج والمرج التي تسود حالياً على نحو غير مسبوق في إدارة الفترة الانتقالية، سياسياً وتنفيذياً، مجرد نتاج لـ”فراغ سياسي” ليس صحيحاً، بل تعاني الساحة في الواقع من “تخمة سياسية”، فالقوى المختلفة كبيرها وصغيرها حاضرة بشحمها ولحمها في مؤسسات سلطات الانتقال المختلفة، وتملك القدرة على صناعة القرار، ولكن السؤال الحقيقي ما هي أجندة هذه القرارات؟ هل هي لخدمة الصالح العام وتجسيد مطالب الثورة وتقديم التضحيات اللازمة في هذا السبيل، أم هي في حقيقتها لخدمة أجندة حزبية وذاتية بامتياز وتنازع على اقتسام السلطة والثروة؟
(4)
واقع الحال يغني عن الإجابة على هذا السؤال، فالحالة التي وصفها رئيس الوزراء لم تأت من فراغ، بل لأن الصراع على السلطة والثروة وامتيازاتها، باعتبارها غنيمة يتكالب عليها الجميع بلا فرز، على أشده ولا شيء أدل على ذلك من التشاكس المستميت من أجل الحصول على أكبر قدر من كعكة السلطة، وهو السبب الذي يجعل التوصل إلى تشكيلة حكومية محاط بتعقيدات، ليس لأنها هناك خلافات حول برنامج للحكومة ابتداءاً، وهو ترف لا يذكره أحد لأنه ليس هناك برنامج من الأساس كان محل اعتبار، بل لأن الصراع على الكراسي وتوزيع الغنائم محتدم. ولا شئ يدع للرثاء أكثر من انقلاب الطبقة الحاكمة باسم الثورة على تعهداتها بأن يسند أمر إدارة الفترة الانتقالية إلى كفاءات ذات قدرات واستقامة، فضربت بكل ذلك عرض الحائط، وبدلاً من أن تراجع معايير الاختيار على خلفية اخفاق التجرية الحالية، اعتبرتها فرصة للظفر بنصيبها من السلطة، دون تفويض شعبي يهربون من استحقاقه بلا استحياء.
(5)
ولذلك فإن المشكلة الحقيقة الآن ليس الفراغ السياسي، بل الفراغ القيادي، فالشخصيات التي تتصدر الساحة كطبقة حاكمة جديدة، أثبتت أنها لا تملك شيئاً من صفات القيادة ذات البصيرة والرؤية والإرادة القادرة على تحويل استحقاقات الانتقال إلى فعل ملهم، وليس ترديد الشعارات بغبغاوية، فهي منغمسة في أجندتها الشخصية، وعجزت تماماً أن ترتقي إلى مستوى اللحظة التاريخية، وكم رأيناها تتنابذ بالفشل وإلقاء اللوم على المجهول، وكأنهم مراقبون وليسوا أصحاب القرار، ومن لا يملك القدرة على تحمل مسؤولية دوره في الفشل، فلا يستحق أن يصبح واعظاً. ولذلك في ظل هذا الفراغ العريض، لن يقود أي تشكيلة وزاري ولو احتشدت فيه كل رموز الطبقة السلطوية الجديدة إلى مزيد من الفشل، ولن تبقى ردة فعل الشارع في محطة “التململ”.
صحيفة السوداني
اليعوسوا الكوجنوه..
ودارة الايام ..يضحك البشير في سجنة .. ويرجف حمدووك وقحت في قصرهم.
يا حسن الصدف.
اكبر مشكلة هي وجود حمدوك كاكبر فاشل في تاريخنا فالرجل بلا فكرة او فعل والاصرار عليه واصراره بعد اقراره بالفشل سيجعل الفشل ملازما للجميع عدا نجاح الرجل في لملمة اصحاب الحرب علي الاسلام
محمد