مقالات متنوعة

سهير عبد الرحيم تكتب لجنة التمكين … لا !!

قبل حوالي شهر أو يزيد، كنت أتناول وجبة العشاء في فندق (كورنثيا) بصحبة أسرتي الصغيرة، وحدث أن جاء إلى الفندق الأستاذ صلاح مناع عضو لجنة إزالة التمكين بصحبة بعض الأشخاص، وقبيل أن يجلس إلى طاولته القريبة منا، جاء إلينا وألقى التحية.

ما أن عرفت ابنتي الكبرى رهف بأن هذا هو صلاح مناع، حتى أطلقت في مواجهته عدداً من الأسئلة، وتحدثت بقوة عن مدرستها الحكومية التي طالتها يد لجنة إزالة التمكين، مناع بدوره دافع عن قراره، لكن هجوم رهف كان أشدّ ضراوةً من باب انتمائها للمدرسة ومعايشتها لتجربة مدارس الموهوبين!

أقول مدارس الموهوبين الحكومية وليست مدارس المواهب الخاصة، وهنالك فرق شاسع بين المدرستين، الأولى والتي درست بها رهف يتم قبول الطلاب الموهوبين والمُميّزين أكاديمياً وإبداعياً، حيث يتم قبول أوائل المدارس بولاية الخرطوم ويُخضعون لحوالي أربعة اختبارات ذكاء وقُدرات ومعلومات وتحصيل أكاديمي .

ثم تتم فلترتهم وتصفيتهم ليتم استيعابهم في مدارس الموهبة والتميُّز بالمحليات الثلاث الكبرى داخل ولاية الخرطوم، هذه التجربة المُميّزة مُطبّقة في كل أنحاء العالم، ويعتبر مثل هؤلاء الطلاب ثروة قومية حقيقية .

ولا أدري حقيقةً مَن هذا العبقري الذي قرر أن يقوم بتدمير كل مشروع في عهد النظام البائد لمجرد أنه أقيم في ذلك العهد، حتى لو كان هذا المشروع ناجحاً وقومياً ويخرج أجيالاً مختلفة تفكيراً ومنطقاً ووعياً .

مثلاً هل يعلم مناع ولجنته كم عدد البحوث والدراسات التي أجراها هؤلاء الطلاب..؟! هل يعلمون عدد مؤلفاتهم ودواوين أشعارهم التي رفدوا بها مكتبات هذه المدارس..؟! هل يعلم مناع أن طلاب هذه المدارس لديهم مقرر اسمه إداراة الأزمات..؟! هل يعلم أنهم أوجدوا حلولاً لأزمة المواصلات وتردي البيئة وأفضل الوسائل للتعليم..؟!

هل يعلم مناع أن كل طالب في هذه المدارس ومنذ الصف الخامس أساس يصبح قادراً على تصنيع روبوت، هل تذكرون فرحة الرئيس المخلوع بالطالب السوداني في أمريكا الذي اخترع الساعة..؟! الآن اذهبوا الى مدارس الموهبة والتميز في مرحلتي الأساس والثانوي واسألوا عن حجم اختراعات هؤلاء الأطفال .

قبيل أسبوعين وعقب إعلان نتيجة الشهادة السودانية الأخيرة علّق لي موجِّهٌ تربويٌّ على نتيجة ابنتي بعد ان شاهد تفاصيلها وقال لي: (بنتك طلعت شيخة) وذلك بسبب إحرازها ٩٩ درجة في امتحان التربية الإسلامية، ثم أضاف وأيضاً ابنتك نابغة لقد أحرزت ٩٢ درجة في امتحان الهندسية والذي بلغت نسبة النجاح العامة فيه فقط ٤٣٪‏ ..!!

أجبته الفضل لله أولاً ثم لأستاذ الأجيال كنان بمدارس الموهبة والتميز والذي لا يترك شاردةً ولا واردةً إلا وأجاب عليها، وبالمناسبة ابنتي لم تُخضع لدروس خُصُوصية معه ولا مع غيره، وهذا يدل على أنه أستاذ يعطي عصارة مجهوده في الحصة ولا يستبقي شيئاً ليجود به في الدروس الخصوصية .

التحية والتجلة والتقدير والاحترام لكل أساتذة تلك المدارس الحكومية التجاني الماحي وعبدون حماد وكل مدارس الموهبة والتميز بأمدرمان وبحري، القبعات تُرفع، والهامات تُحنى لأستاذ الأساتذة اسماعيل كيمياء والذي كاد قلبه أن يتوقف أثناء انفعالاته في إحدى الحصص فنُقل الى المستشفى وأجريت له عملية قلب مفتوح، التحية والاحترام لأستاذ عثمان رحمة الذي جعل كل طالب في الموهوبين يحفظ القصيدة بحب وعن ظهر قلب أثناء الحصة وذلك من فرط حبهم لتدريسه .

التحية والعرفان لأستاذ مصطفى وأستاذة محاسن هؤلاء علماء في الرياضيات وليسوا أساتذة فقط، هل تعلم يا مناع أن أستاذاً سأل ابنتي في أوروبا عن سر درجاتها العالية في مادة الرياضيات، فقالت له: لدينا في السودان أستاذ اسمه مصطفى درّسني في الثانوي وأستاذة اسمها محاسن درّستني في الأساس هذان يعود إليهما الفضل في كل درجاتي .

التحية لأستاذة هند الوكيلة وللمدير أستاذ أبراهيم سعيد وللأستاذ محمد يونس ونضال وسلوى والذين كان لدعمهم النفسي والمعنوي الأثر الأكبر في تفوق الطلاب.

التحية والتقدير وتعظيم سلام لكل الأساتذة بمدرسة عبدون حماد بالأساس أبوبكر مصطفى، فاطمة، وفاء ولأساتذة التجاني الماحي إبراهيم السمير وعبد الباقي ومأمون ووجدان وهشام وعواطف وايهاب وحسن وأسامة ورحاب وإشراقة وابتهال ومهيرة وسلوى وحاتم وبتول.

خارج السور:

ارفعوا أيديكم عن مدارس الطلاب الأذكياء الموهوبين، فوالله وتالله أنّ عقولهم وتفكيرهم ونبوغهم يفوق عقول أعضاء مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين!!

سهير عبد الرحيم-صحيفة السوداني

‫4 تعليقات

  1. الأخت الفاضلة سهير مادام ذكرتى لجنة التمكين ( لجنة الأنتقام والتفشى ) ليه مايكون طرحك للكل يجب عدم تدمير ما أتى فى زمن الكيزان بل دراسته ومراقبته بعدها يخضع للقانون ويقنن ويستمر منعا لكى لا يتضرر أناس أبرياء لا ناقة لهم ولاجمل لن يصلح حال البلد مادام التربية الوطنية معدومة والفساد عم كل السودانيين اللهم ارحم السودان وتغمده بواسع رحمتك شيعناهو للمثواه الأخير مادام كل الناس تكتب فى أفق ضيق عندما تتضرر وليس الآخرين .

  2. ولا انسي تكسير الثلج للاساتذة

    وهل يحتاج من يبذل معه الاساتذة الأجلاء مثل هذا الجهد الي دروس خصوصية

    وكيف يغكي هؤلاء الاساتذة تكاليف معيشتهم ان لم تكن لهم رواتب خاصة او مميزات اخري مدفوعة من ضرائبنا

    يبدو انه عندك آخرين في نفس المدارس