رمزي المصرى يكتب مليونية ود الشيخ !!
مليونية ود الشيخ ليست كالمليونيات التي ينظمها شباب ديسمبر ويقوم الجيش على اثرها كعادته بقفل شوارع القيادة وتختنق الخرطوم مروريا لعدة ساعات . انها ياسادة مليونية بلون خاص وطعم خاص هي مليونية دولارية اودعت في خزائن البنوك كوديعه لمساعدة الدولة في تكوين رصيد كافي بالنقد الاجنبي لانجاح قرار تعويم الجنيه .
وحتى لا يتجنى علينا أحد نبادر بتقديم الشكر باسم شعب السودان للسيد ابراهيم الشيخ رجل الاعمال سابقا ووزير الصناعة حاليا ( او هكذا من المفترض) على هذه المبادرة ذات الحس الوطني العالي !! وقد تبعه اتحاد الغرف التجارية ورجال الاعمال وألتزموا بوضع وديعة دولارية مليارية في حساب بنك السودان كمساهمة منهم لانجاح هذه الخطوة الاقتصادية الكبيرة جدا وهي خطوة تعويم الجنيه وهي في نهاية الامر خطوة جيدة ولكنها محفوفة بمخاطر جمة وصعوبات قاسية جدا على الشعب .
نعود لمبادرة رجال الاعمال ورغم ان طابعها وطني خالص ولكن وطنيتهم هذه التي ظهرت الآن فقط اين كانت والشعب يعاني والدولة تعاني حتى من تأمين الادوية المنقذة للحياة وصفوف الخبز وصفوف الوقود تتلوى وتتطاول يوما بعد يوم .. اين كانوا ؟؟ واين كانت هذه المليارات الدولارية .؟
ومن حقنا ان نسأل اين كانوا يحتفظون بهذه المليارات ؟ هي قطعا ليست في البنوك ولو انها كانت مودعة في البنوك لما احتاج البنك المركزي لطلب العون من دول العالم . ولما تهاوى سعر الجنيه الى هذا الدرك السحيق .
تصوروا معي السودان به ٣٦ بنك تجاري أكرر العدد ٣٦ بنك حسب آخر إحصائية قبل اربعة اشهر ورغم هذا العدد المهول من البنوك رجال الاعمال لا يثقون ولا في بنك واحد من هذا العدد الضخم لذا يحتفظون بهذه المليارات بطريقتهم الخاصة بعيدا عن حسابات البنوك . وتخيلوا معي لو ان هذه المليارات كانت موجودة في حسابات البنوك هل كنا سنحتاج الى طلب اي وديعة من اي دولة كانت ؟؟!!
من حق رجال الاعمال البحث عن الارباح والبحث عن الفرص الافضل للاستثمار والمحافظة على اموالهم وتنميتها ولا جدال في ذلك .
ولكن هذا الوطن الذي يعيشون فيه ويتنعمون بخيراته له حق عليهم . وهذا المواطن الغلبان الذي بالكاد يؤمن قوت يومه وهو نفس المواطن الذي يبيع له رجال الاعمال بضاعتهم له قطعا له حق عليهم .
فلماذا تركتم هذا الوطن وهذا المواطن يرزح تحت نيران الحوجة كل هذا الوقت وظهرتم اليوم بودائعكم المليارية ؟؟ الاجابة لا تحتاج الى اي ذكاء .. فقط عندما شعرتم ان السعر الرسمي للدولار قد قفز بالزانة ووصل لارقام فلكية وانكم ستجنون الكثير من الارباح جراء هذه السياسة ظهرتم على سطح الاحداث وقررتم الوقوف لانجاح هذه السياسات ليس حبا لهذا الوطن ولا رحما بمواطنه الغلبان ولكن سعيا لكسب المزيد من الاموال .
وهذا من حقكم ومن حقنا ايضا ان نطالبكم بالقليل من الوطنية في اسعار منتجاتكم لانكم اذا واصلتم بنفس النهج لن تجدوا من تبيعون له .. ببساطة اما امتنع عن الشراء او انتقل الى جوار من هو ارحم منكم .
وهذا الحديث يقودنا لفتح ملفات البنوك التجارية الكثيرة لهذا الحد المزعج .. كيف لهذا العدد الكبير لا يستطيع ان يستوعب هذا التغيير الكبير في سياسات تعويم العملة . وما فائدة وجود هذا العدد الكبير من البنوك التجارية اذا كانت معظمها عاجزة حتى عن استلام النقد الاجنبي من المواطنيين الذين يقفون بالساعات الطويلة في انتظار دورهم في تغيير ١٠٠٠ دولار او ٥٠٠ ريال بالحنيهات السودانية ( الكحيانة ) .
كتبت مقالا منذ عدة شهور ان اقتصاد السودان لن يتقدم خطوة واحدة للامام طالما فيه ٣٦ بنك تجاري وفيه ١٧ نوع مختلف من اسطوانات غاز الطبخ رغم انه نفس الغاز ونفس المنظم ويستلمون الغاز من نفس المستودع والفرق فقط في لون اسطوانه الغاز واختلاف اسم الوكيل !! ونفس الوضع شركات توزيع البترول اعتقد عدد الشركات يفوق الثلاثون شركة … لماذا يحدث كل هذا ولمصلحة من ؟؟
كان الله في عوننا
صحيفة السوداني
فعلا حاجات تحير ..كان الله في عون الحكومة التي ينتظر الشعب منها إصلاح دمار 30 سنة في سنتين أو أقل