اقتصاد وأعمال

جحيم المعيشة .. تجذّر الأزمة

الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد منذ زمن ليس بالقليل، ظهرت آثارها في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وحدوث زيادات مفاجئة في أسعار عدد من السلع أبرزها السكر والزيوت.

وشهدت حركة التجارة ومبيعات السلع تراجعًا ملحوظًا، كما تراجعت القوة الشرائية لأدنى مستوياتها وتراجعت مستويات معيشة المواطن، وأصبحت مصدر قلق له في ظل غياب رؤية لحل الأزمة الاقتصادية.

فالأمس وصف عضو المجلس السيادي الطاهر حجر صورة بائسة للأوضاع الإنسانية والتي يعيشها الشعب بالجحيم، هذا ما يؤكده الوضع الحالي الذي تضاعفت فيه معاناة المواطنين من محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، بسبب الزيادات المستمرة في الأسعار.

ويقول مواطنون، إن هذه المتطلبات باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلا بالتزامات متعددة تشمل السكن والغذاء والمواصلات والتعليم والعلاج، كمتطلبات أساسية، فيما استغنى الكثيرون عن الكماليات، لأن الحصول عليها أصبح “بعيد المنال”، وتضاعفت المسؤولية أمام المواطنين بعد تخلي الدولة عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء.

تعاني أسواق السلع عامة من محنة حقيقية تتمثل في ضعف الإقبال والركود الشديد، وكشفت جولة لـ “الصيحة” بعدد من أسواق الولاية عن ركود غير مسبوق بخلاف المستلزمات الاستهلاكية مع تباين في الأسعار التي ثبتت على معدلات مرتفعة.

وشكا تجار تحدثوا لـ “الصيحة” أمس، عن وجود صعوبات في توصيل السلع والبضائع لتراجع حركة النقل بإغلاق الكباري، علاوة على عودة صفوف الوقود وصعوبة التزود بالجازولين لشاحنات النقل الكبيرة.

ويقول التاجر عبد الباقي الشيخ حسين، صاحب محل إجمالي بالخرطوم، إن ركود السوق “ليس جديداً” رغم زيادة حدة الركود بسبب الوضع العام الذي تمر به البلاد، وقال إن أسباب الركود متعددة، موضحاً أن غياب الكاش يتصدر هذه الأسباب، إضافة إلى الوضع المعيشي الذي يواجهه أغلبية المستهلكين، مشيراً إلى أن غالب المتوافدين على الشراء يبتغون السلع الأساسية التي تنحصر في السكر والدقيق والزيت والشاي وبعض الأغراض المنزلية اليومية.

وحذر الخبير الاقتصادي بروفيسور ميرغني أبنعوف، من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقال في حديث لـ “الصيحة”، إن الحكومة التي تم تشكيلها مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقال إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعا لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قال إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة على الإنتاج وكثيراً ما يتكبدون الخسائر.

وفي ذات السياق، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المشرق ب. عصام الزين: لا بد من التركيز على التنمية والإنتاج ورفع الإنتاجية ورفع مستويات المعيشة وتحديد مؤشرات اقتصادية ثابتة ورفع معدلات التضخم وخفض البطالة واستقرار سعر الصرف وكل ذلك لن يتأتى إلا بإصلاح الهياكل الاقتصادية وخفض الإنفاق وتشجيع الادخار وزيادة معدلات الاستثمار والاستفادة من أسواق المال العالمية لزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى السودان.

وحذرت خبيرة الاقتصاد د. إيناس إبراهيم، من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت لـ “الصيحة”، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقالت إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة للإنتاج.

الخرطوم- سارة إبراهيم
صحيفة الصيحة