مزمل ابو القاسم

جوكر الحكومة الجديدة


* تبدو توليفة الحكومة الحالية أكثر إقناعاً من سابقتها، لجهة أنها تستند إلى طيفٍ سياسيٍ أوسع، وقاعدةٍ أكبر، وتضم ممثلين مرموقين لتكويناتٍ مؤثرةٍ، اختارت أن تشارك بأسماء معروفة، وقياداتٍ بارزةٍ في الطاقم الوزاري الجديد، خلافاً لما حدث في التوليفة السابقة، التي ضمت أسماءً مغمورةً وشخصياتٍ فاقدةً للكفاءة، فأتى حصادها شبيهاً بتكوينها.
* نالت الحكومة الجديدة ثقلاً إضافياً، بمشاركة أطراف عملية السلام فيها، ولعل الجميع يلحظون الطفرة التي طرأت على أداء وزارة المالية، عقب تقلد الدكتور جبريل إبراهيم لحقيبتها، حيث تمتعت بحيويةً أكبر، وديناميكيةٍ لا تخطئها عين.
* بالطبع لم يحن أوان التقييم النهائي لأداء جبريل في أهم وأكبر وزارات القطاع الاقتصادي، لكن ما فعله حتى اللحظة يبشر بالخير، ويبعث على التفاؤل، ويجعله مرشحاً لنيل لقب (جوكر الحكومة الجديدة).
* أسهم الحراك الذي قادته وزارة المالية بتعويم سعر الصرف وإطلاق حملة (حوّل بالبنك) في محاصرة مظاهر انهيار العُملة الوطنية، وأحدث استقراراً ملحوظاً في سعر الصرف، بعد شهور من الانهيار والتراجع المريع للجنيه أمام الدولار.
* يحسب لوزير المالية أنه ابتدر عهده بلقاءاتٍ عديدةً، جمعته مع غالب أطراف العملية الاقتصادية في بلادنا، وضمت سياسيين وأكاديميين ومستثمرين ومصدرين ومستوردين وممثلين لاتحاد أصحاب العمل والغرفة التجارية وأصحاب الصناعات وغيرهم، ودلًت تلك اللقاءات على اجتهاد الوزير لتحسس المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد، وحرصه على معالجتها بالسرعة اللازمة.
* يوم أمس نشرت الصحف تصريحاً للدكتور جبريل، أكد فيه أن السوق الموازية للدولار ستنتهي قريباً، وأن الدولة ستفرغ من تعديل سعر الدولار الجمركي في شهر يونيو المقبل.
* ندعم مساعي جبريل، وننصحه أن لا يتسرع في بذل الوعود، سيما في ما يتعلق بالقضاء على نشاط السوق الموازية للعملات الأجنبية.
* تشكل (تجارة العُملة) مؤسسةً اقتصاديةً ضخمةً، يتجاوز عمرها أربعة عقود، ويمتد نشاطها إلى كل قارات الدنيا، وتدور فيها رؤوس أموال كبيرة، تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات كل عام.
* غول بتلك الضخامة لا يمكن أن يموت في أيامٍ معدودات، لأن من يديرونه ويتكسبون من عوائده سيسعون إلى إطالة عمره والمحافظة على نشاطه المُربح، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
* صحيح أن بوادر الانفراج التي أعقبت رفع اسم السودان من القائمة السوداء وتعويم الجنيه أصابت تجارة العملة بانحسارٍ ملحوظ، لكن ذلك لا يعني أن الناشطين فيها سيرفعون الراية البيضاء، ويخرجون من السوق بلا مقاومة.
* استمرار حصر حركة تحويلات المغتربين على المواعين الرسمية يحتاج إلى قطاع مصرفي قوي ومُعافى، يمتلك قدراتٍ وأدواتٍ تمكنه من التعامل مع بقية بنوك العالم بنديةٍ وفعاليةٍ، ونعلم أن البنوك السودانية تأثرت سلباً بالعقوبات الدولية، وتضعضعت وفقدت غالب رؤوس أموالها بفعل التضخم، وما عادت قادرةً على أداء دورها بالفعالية المطلوبة.
* ستبقى تجارة العملة نشطةً وفاعلة ما عجزت البنوك والصرافات الرسمية عن توفير النقد الأجنبي لطالبيه، لكن تحجيم دور السوق الموازية يمكن أن يتم تدريجياً، بتقوية النظام المصرفي، وزيادة عدد منافذه ومراسليه، ومضاعفة الإنتاج لتنشيط الصادرات وزيادة معدل تحويلات المغتربين بالحوافز التي أعلنتها الحكومة مؤخراً.
* يبقى التحدي الأبرز الذي يواجه الدكتور جبريل مرهوناً بمدى قدرته على إبعاد الحكومة من ممارسة عادتها الذميمة، وإنهاء دورها المشهود في دعم تجارة العُملة، بوصفها المشتري الأكبر للدولار من السوق الموازية، وقد تابعنا كيف ساهمت في رفع أسعار الدولار وتدمير قيمة العملة الوطنية بالمبالغ الضخمة التي اكترتها من تجار العُملة لتوفير مبالغ التعويضات الأمريكية.
* إذا فعل ذلك، وأخرج الحكومة من السوق الموازية فستتواصل مظاهر استقرار الجنيه، وسيذُل عرش الدولار.. والعكس صحيح.
* اجتهاد (الجوكر) محمود، وسعيه مشكور.. أمنياتنا له بالتوفيق.

مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. نتمني التوفيق لجبريل و علي المواطن المغترب و داخل الوطن تحمل المسؤولية في مساعدة الحكومة للنهوض بهذا البلد و اللحاق بركب الأمم