مقالات متنوعة

العودة للأقاليم .. بوابة للتأزيم

في حوار صحفي أجريته معه قبل سنوات حكى لي الوالي الأسبق لولاية جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا ، كيف قام سلفه الوالي المعين في الولاية حينها علي محمود بالتخابث عليه في إطار الصراع الذي كان قائماً بين الرجلين بعد أن كان الحزب الحاكم حينها قد اختار كاشا مرشحاً لمنصب الوالي في انتخابات 2010 ، ولم يختر علي محمود الذي كان والياً مكلفاً وحريصاً على حكم تلك الولاية ، في ذلك الوقت فقام علي محمود بعد ان فقد الامل في حكم جنوب دارفور بإغراق الولاية بعدد اضافي من المحليات والوحدات الإدارية في مناطق وقرى صغيرة بغرض إفشال تجربة كاشا الذي وجد نفسه أمام معادلة صعبة ما بين الإقرار بذلك العدد الكبير من المحليات الجديدة التي لم تكن لديه ميزانيات تكفي حتى لبناء مقرات لرئاسة المحليات في تلك القرى وتوفير عربة لكل معتمد ، دعك عن تخصيص ميزانيات لها ، ومابين الإقدام على قرار مستحيل وهو إلغاء تلك المحليات بجرة قلم ..
فكتبنا حينها مقالًا بعنوان ( سنبك علي محمود في جنوب دارفور ) ، لأن أصعب قرار يمكن أن يتخذه حاكم في ولاية من ولايات السودان هو إلغاء محلية أو وحدة إدارية في منطقة من المناطق وترك الأخرى في منطقة مجاورة لها في مجتمع ترتفع فيه حساسية الصراع القبلي والجهوي والمناطقي خاصة في ولايات دارفور وشرق السودان والنيل الأزرق وغيرها ..
من يحكم ولايات السودان وكيف تحكم هذه الولايات ليست هذه قرارات سهلة وبسيطة لهذا الحد الذي قد يتصوره أفندية المركز ، وحتى شركائهم من قادة الحركات المسلحة ..وأزمة تعيين الوالي في ولاية كسلا مؤخراً هي أقرب وأبرز دليل .
صحيح أن المرسوم الدستوري الذي أصدره رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، يوم الخميس الماضي ، بإنشاء نظام الحكم الإقليمي الفيدرالي في البلاد هو أحد استحقاقات اتفاقية جوبا للسلام والتي أقرت بنودها نظام حكم فيدرالي يستند إلى 8 أقاليم فقط .
لكن العودة لنظام الحكم الإقليمي في السودان هي قضية معقدة للغاية ، إذا كان والي في ولاية واحدة لا يستطيع اتخاذ قرار دمج أو الغاء محلية من المحليات بسبب الأبعاد الاجتماعية والقبلية وتداعيات مثل هكذا قرار في الواقع الاجتماعي وتعقيداته في الكثير من ولايات ومناطق السودان .
الغاء الولايات ليس مجرد قرار يمكن أن يتم بمراسيم دستورية وقرارات فوقية فقط ، بل هو أمر يتطلب مشاورات واسعة واطمئنان تام للرضا الشعبي عنه ، وهذا لا تقرره حتى المؤتمرات والاجتماعات بين أهل السلطة بل يحتاج على الأقل لاستفتاء شعبي حوله .
الغاء الولايات وتحديد أين ستكون عواصم الأقاليم ومن الذي يحكم وماهي تلك الوحدات الإدارية التي يتم دمجها ومن الذي الذي سيديرها هي قضية تفتح ملف مصادرة نوع من الحقوق المكتسبة بنظر الكثير من مواطني تلك المناطق ، وهذا أمر مفهوم لكل من يعرف طبيعة المجتمعات القبلية وأعرافها وتأريخ صراعاتها وأوزانها في ارجاء البلاد المختلفة خاصة وأن هناك عنوانٌ عريض لقضية الحرب والسلام في بلادنا هو ثنائية التفضيل والتهميش .
فحذار من اللعب بالنار يا أفندية السلطة وخاصة أولئك الذين يحملون تصورات خياليةوأفكار معلبة ومعبأة ومشحونة في أذهانهم من أصقاع الدنيا وغير واقعية لقضية إدارة الدولة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

جمال على حسن – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. هذه سياسة مرسومة في الخارج جاء بها حمدوك العميل كبرنامج عمل بغرض تفكيك البلد وهو هدف مشترك مع اليسار يجب مقاومته من كل وطني غيور وابعاد حمدوك وجماعته قبل الكارثة