د. محمد انور سعد يكتب : اضراب الصيدليات.. أزمة قطاع
دعت اللجنة التسيرية لاصحاب الصيدليات لاضراب مفتوح ، وذلك احتجاجا على قضايا متعددة ذات علاقه بالدواء والخدمة المقدمة.
الازمات والسياسات الخاطئة امتدت منذ النظام السابق (الذي لا استطع الكتابة وثوقاً انه بائد)،وتفاقمت في أداء حكومة الفترة الانتقالية بشكل خطير وملحوظ. الأبرز هو عدم أولوية قضايا الدواء في اجندة الحكومة السياسية منها و الاقتصادية. فضرب الذكر سفهاً للأجتماعات المطولة والوعود المفارقة للواقع، والتي اعتبرت ماركة مسجلة لممارسةالنخب الحاكمة في بلادي.
في أواخر العام السابق أعلنت الحكومة تخصيص حوالي (60) مليون من الدولارات ،وهذا رقمٌ لو تعلمون شحيح، مقارنة بالحوجة الفعلية ، وتم ذلك بعد وقفات وهجوم اعلامي واضرابات متعددة من القطاع المهني الصيدلاني، والتي حسب معلوماتي جآت منقوصة عرجاء. وذلك بالتزامن مع زيادات في أسعار الأدوية المصنعة منها محليا والمستوردة، الي نسب تراوح وبين (١٠٠ _٣٠٠ ٪).
ولكن الأخطر ان عمليه التجاهل المتعمد لهذا القطاع نتج عنها تشوهات عميقة، تحتاج إلى دراسة متكاملة في وصفها، هنا ساشير فقط الى نقطتين. الأولى هو بروز السوق الموازي للدواء كفاعل حقيقي في الإمداد الدوائي. والسوق الموازي هو منظومة تعمل خارج القنوات الرسميه للامداد ، وتعمل على تلبية احتياج المرضى. وسنامها قائم على الدواء المهرب المتسيد للمشهد في الخفاء، مع ضرب الموردين الحقيقين وشيطنتهم وافلاسهم فعليا لا قوليا، وطردهم من دائرة نشاطهم المقنن. وسيمتد سطوة النظام الموازي ليبتلع الدواء المدعوم من الحكومه فعليا (سعر الدواء مسعر في حدود دولار ١٢٠ ج ،وعمليا تحريك سعر الصرف مؤخرا الي ٣٨٠ جنيه). وهذا الابتلاع يتم عبر قنوات وتشوهات لا يسع المجال الي ذكرها حاليا، ولكن فالمحصلة هي عدم قدرة الصيدليات على تقديم خدمتها مع تعريضها للافلاس، اما المريض فلا يجدالدواء بسهوله، و اذا وجده فإن أسعاره وفعاليته محل تدقيق.
النقطه الثانية فإن عدم جدية الحكومة وتعاملها باستخفاف مزعج، جعل هناك قناعات لدي الكثيرين بأن متخذي القرار لا يرغبون في تبني سياسات واضحة ومستدامة، وأن الأفضل لهم هو تحرير سوق الدواء بشكل كامل لكي يستطيع أن يتنفس في ظل هذه الأوضاع الحالية المكتومة. وهذا يعني ان معادلة الموائمة بين حق المواطن في الحصول على دوائه بسعر معقول، وفي ذات الوقت الحصول على الحد الأدنى من تغطيه المصروفات وتحقيق أرباح معقولة للعاملين في القطاع ستختل.
لا يمكن فصل هذا الذي يحدث من التوجهات الكليه للحكومة، والتي جات مخيبة للامال في تلبيتها لاحتياجات شعبها، وذلك بتبنيها نظاما نيوليبراليا قاسيا غير خلاق ، جاء بالضروره تلبيه لمطلوبات الخارج. والذي يعتبر ماتقوم به الحكومة فعليا هي احد أدواتها المجربة باستراتيجية خلق الازمات للوصول إلى النتائج المطلوبة. وهي تراجع دور الدولة في المجال العام في حمايه المواطنيين، معاشهم وحياتهم الي صالح قوي السوق التي ليس من دورها منطقيا مراعاة المواطن، فعقيدتها الربح.
اضراب اليوم للصيدليات مبرر ومشروع، فالصيدليات تعاني من التشوه المزدوج، فمن ناحية التشوهات الكليه في قضايا الدواء وامداده والتي أشرنا إليها في أعلى المقال ، والثاني هو التعامل المستغل من اجهزه الحكومة بفرض الرسوم والجبايات الباهظة التي لم تفرق بين خدمة تقديم الايسكريم و خدمة تقديم الدواء..
أزمة قطاع الصيدليات يأتي في إطار أزمة شاملة متزامنة مع توقف مصانع الادويه المحلية، وتمنع شركات الأدوية عن البيع، وتنامي الخوف على الإمداد الطبي في الامدادات والخدمة المقدمة عبر التأمين الصحي. وعلى الحكومة تبني منهجا حواريا صادقا وشفافا غير منحاز مع الشركاء وصولا الي المبتغي وعليها ان تقوم بذلك محملة بهم شعبها
صحيفة الانتباهة
لم يكن اضراب الصيادلة هو الوحيد الان … بل هناك اضرابات كثيرة والصحافة التي تدعي الحرية تتكتم عليها ولا تريد الشعب ان يعرف حجم الفشل الذي تمر به البلاد … هل معلمي وزارة التربية في ولاية الجزيرة في اضراب … افتونا مأجورين