أحمد يوسف التاي يكتب: الانتباهة و القحاتة و الكيزان
(1)
«ضبط مخططات عسكرية، وخُطة إعلامية لتنفيذ انقلاب»… كان ذلك «مينشيت» الانتباهة قبل أسبوعين… يومها لم يهدأ الهاتف من الرنين ولا من تنبيه الرسائل المسيئة لي وللصحيفة أقلها اتهامنا بتنفيذ أجندة اليسار و»قحت» ، حتى أن ناشر الصحيفة هاتفني من خارج البلاد لتوصيل احتجاجات البعض المبنية على فرية أن «التاي» يخدم أجندة اليسار من خلال «الانتباهة» التي يريد لها صاحبها أن تكون مهنية ومحايدة ، ثم ما لبثت إلا قليلاً حتى استقبلتُ أخرى من عضو مجلس الإدارة الفريق إبراهيم الرشيد يبدي من خلالها اشفاقاً على صحيفته التي يريد لها أن تكون منبراً حراً لا تنحاز لجهة دون أخرى…الاحتجاجات والاتهامات جاءتنا يومها مباشرةً من أنصار النظام المخلوع التي رأت أننا نمهد لحملة تستهدف «الكيزان»…
(2)
يوم أمس بالطبع كان الأمر مختلفاً جداً…»القحاتة» أقاموا مأتماً وعويلاً على خبر «الانتباهة» الذي تناول وصول سيدة أعمال أفريقية إلى الخرطوم لتصوير أفلام إباحية ، وقد أقسموا بالله جهد إيمانهم أن الخبر مصدره الأمن والكيزان وأن الصحيفة تنفذ أجندة الثورة المضادة، وأن المقصود من نشر الخبر هو إثارة الشارع ضد الحكومة وأن المنشور يهدد الأمن القومي والمجتمعي ويعطي انطباعاً بأن الحكومة تشجع الإباحية… ونحنُ في الحالين لم ننشغل بهذا أو ذاك ولم نندهش ولم نستغرب لأن هذه الحالة مرت علينا كثيراً ،الاختلاف فقط هو تبادل المواقع بين اليمين واليسار: (إن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين)… وهذه صفات المنافقين الذين ما أن جمعتنا معهم المحافل سمعنا منهم الإشادة بخط الانتباهة الداعم للثورة، وإذا خلوا إلى اجتماعاتهم داخل الغرف المظلمة قالوا إن الانتباهة هي عدو الثورة الألد، ومع ذلك لم نلق بالاً لكثير من الترهات… تغيرت مواقعهم فقط ولكن «نحنا يانا نحنا لا بدلتنا ظروف ولا هزتنا محنة»…
(3)
بعض الزملاء «القحاتة» الذين كانوا مطاردين ومضطهدين معنا أيام النظام المخلوع تواصلوا معي هاتفياً يعتبون عليَّ الموافقة على نشر الخبر، وحجتهم في ذلك أن هذا الخبر يهدد الأمن القومي… كان ردي بسيطاً لعدد كبير منهم: (أنا الآن أراكم تتحدثون بلسان اللواء أمن تبيدي سابقاً)… وتبيدي هذا هو مسؤول الصحافة بجهاز أمن البشير فلم تكن حجته علينا حينما يتقبض علينا إلا هذه العبارة (تهديد الأمن القومي) فكان يُحرّم علينا نشر أخبار الاغتصاب وارتفاع الدولار وظواهر التفكك والانحلال الذي تسببت فيه الحكومة… الفرق الآن أن «قحت» ليس لها جهاز أمن يقبض على الصحافيين لمجرد نشر خبر من ذاك ، لكن الزملاء «القحاتة» من بني جلدتنا يقومون بدور جهاز الأمن والتحريض وتدبيج التقارير الجبانة التي من بواعثها الغيرة المهنية والعجز عن بلوغ الذُروة كما كان يفعل اسلافهم «الكيزان»… وهؤلاء أنفسهم الذين كانوا يحتفلون بتحقيقاتنا وتقاريرنا وأخبارنا التي كانت تُغضب نظام البشير….ألم أقل إنو نحنا يانا نحنا…الخ…
(4)
الذي نريد أن نؤكد عليه أننا أشد الناس حرصاً على سلامة المجتمع وأمنه واستقراره، ولم ننشد من النشر إلا مصلحة المجتمع وإلا لما امتلكنا هذه الحساسية التي تجعلنا نعطي قيمة كبرى لخبر نرى في نشره إنذاراً مبكراً لخطر داهم لكي ينتبه القائمون على الأمر، خاصة السودان الآن ليس محصناً من هذه الأمراض وهو الذي بات وكالة بدون بواب، ومستباح الحمى والحدود… وحتى مطار الخرطوم الدولي كما قال المدير العام لسلطة الطيران المدني (بلا ضابط أو رابط)…..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة
من يتهمونك بالإنحياز لليسار وقحط مُحقون لأن كل مقالاتك تتحامل فيها على الكيزان وقليلاً ما تنتقد حكومة قحط لذر الرماد على العيون … الإنتباهة تستحق رئيس تحرير فى قامة الإنتباهة !
احسنت ان صدقت واتمني ان تكون صادقا…. ضاع البلد بين يدي المتنفعين لاوطنية ولا ضمير ولا يحزنون الله وحده يصلح حالنا حتي نستطيع ان نصلح وطننا ودنيانا