مزمل ابو القاسم

الكورونا في الفنانين!

* يتسرَّع بعض المسؤولين في إطلاق تصريحاتٍ مؤثرةٍ، تحوي معلوماتٍ غير مُحققةٍ، أو إحصائياتٍ غير موثوقة، تضر بسمعة البلاد أحياناً، وتؤثر سلباً على أمنها واقتصادها المتدهور أصلاً.
* مثال على ذلك التصريح الذي ورد على لسان مدير سلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان، الذي قال ببساطة: (مطار الخرطوم ما فيهو أي ضابط ولا رابط، ونخشى وضع قنبلة أوعمل تخريبي)!
* هل سيستغرب أحد لو قررت خطوط الطيران الأجنبية وقف رحلاتها إلى مطار الخرطوم تبعلاعتراف كبير مسؤولي الطيران المدني في بلادنا بأن مطارنا العتيق (قاعد في السهلة وعُرضة لإدخال قنابل إلى طائراته)؟
* على درب السيد عدلان سار د. نادر الطيب، مدير إدارة الوبائيات في وزارة الصحة ولاية الخرطوم، عندما ذكر أن (40%) من سكان ولاية الخرطوم مصابون بالكورونا!
* إذا صح حديثه، وتم تقدير عدد سكان الخرطوم بثمانية ملايين نسمة، سيصل عدد المصابين بالجائحة في عاصمة البلاد إلى ثلاثة ملايين ومائتي ألف شخص، لتصبح الخرطوم من أكبر بؤر الكورونا في العالم أجمع.
* لن يلوم أحد أي دولة تبادر بحظر دخول السودانيين إليها، ولن نستغرب إذا ما قررت كل خطوط الطيران الأجنبية وقف رحلاتها إلى الخرطوم، تبعاً لتصريحٍ خطير لا تسنده أية إحصائية مؤكدة.
* الغريب في الأمر أن ولاية الخرطوم التي تشكو تفشي الفايروس بين سكانها لم تسن أي تشريعٍ محلي يلزم مواطنيها بارتداء الكمامات، وذلك يمثل أبسط إجراء يتخذ لوقف انتشار الجائحة القاتلة.
* في ولاية الخرطوم الموبوءة بالكورونا، تُقام مسابقة الدوري الممتاز لكرة القدم بمبارياتٍ مضغوطةً، لا تشهد أيَّة احترازات صحية، ولا يتم فيها تعقيم الملاعب، ولا حتى قياس درجة حرارة اللاعبين والمدربين والأطقم الإدارية والفنية المشاركة في المباريات.
* في ولاية الخرطوم التي تشكو حكومتها من لا مبالاة الناس بالكورونا بقيت الأسواق والمتاجر مفتوحةً كأن شيئاً لم يكن، يجول فيها الناس بلا كمامات، ولا تباعد اجتماعي، ولا تعقيم.
* في عاصمة البلاد التي يلوم مسؤولوها الناس لعدم احتراسهم من الوباء يتراص المواطنون في صفوفٍ تمتد بالكيلومترات أمام محطات الخدمة طلباً للوقود، ويقفون في صفوف طويلةٍ للحصول على الخبز والغاز، ولا يمنعهم أحد، ولا تتخذ حكومة الولاية إجراءات تقيهم شرور الصفوف، ولا تتبع إجراءاتٍ صحيةً لمنع تفشي الفايروس، ولا تلزم الناس حتى بارتداء الكمامات.
* (اللا مبالاة) التي دمغ بها الدكتور نادر تتمثل في الأداء الهزيل والتعامل غير المسؤول من حكومة الولاية مع أخطر وباء ضرب البشرية في القرون الأخيرة.
* قبل أيام من الآن حضرت مناسبة تتصل بعقد قران أقيم في إحدى قاعات الأفراح، فوجدت المكان مكتظاً بالبشر، ووجدت فرقة موسيقى الشرطة تشنف آذان الحاضرين بالألحان، وبالطبع لم تكن هناك كمامات ولا تباعد ولا تعقيم ولا يحزنون!
* من حملوا آلات موسيقى الشرطة عازفون، ومن يصطفون خلف الفنانين المحظورين من الغناء عازفون، فهل تقتصر الإصابة بالكورونا على الفنانين دوناً عن العازفين ومن يحضرون المناسبات؟
* أمس قررت حكومة الولاية منع نادي المريخ من عقد جمعيته العمومية المحدد لها يوم 27 الجاري، وعللت قرارها بتدهور الوضع الصحي في الولاية.
* حدث ذلك مع أن السلطات الصحية نفسها سمحت قبل أيام من الآن بحضور خمسة آلاف مشجع لمباريات المريخ والهلال الإفريقية في الخرطوم، فتم تخفيضها بأمر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى ألف مشجع.
* قد لا يعلم من بادر بحظر الجمعية أن نادي برشلونة الإسباني عقد جمعيته العمومية لانتخاب رئيس جديد قبل أيام قليلة من الآن.. وعدد أعضاء (البارسا) يفوق المائة وخمسين ألفاً.
* شارك النجم الأشهر ليونيل ميسي، الذي تبلغ قيمته السوقية أكثر من نصف مليار دولار، في تلك الجمعية، وأدلى بصوته فيها بعد أن ارتدى الكمامة، والتزم بالتدابير الاحترازية التي فرضتها السلطات الصحية في مقاطعة كاتلونيا الإسبانية، فهل توجد أدنى مقارنة بين معدلات انتشار الكورونا ووفياتها في إسبانيا والسودان؟
* الحل لا يكمن في المنع والحظر وقرارات الإغلاق العشوائية، بل في التعايش مع الوباء بحرصٍ وذكاء، والالتزام بالموجهات الصحية اللازمة لمنع انتشاره، وأولها إلزام الناس بارتداء الكمامات، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي والتعقيم بصرامة، مع الاجتهاد لتطعيم المواطنين باللقاح بأعجل ما تيسر.

مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. تنا استغرب عندما يتجه بعض الناس لمقارنة السودان ببعض الدول وخاصة الأوربية مثال اسبانيا فى هذا المقال. ياخى نحن الان ليس بدولة من الاساس أو هكذا صرنا. أين مقومات الدولة؟ لا شئ على الإطلاق. اقتصاد منهار ، أوساخ ونفايات فى كل مكان ،غلاء و شح فى المواد البترولية، قطوعات مستمرة لساعات طوال فى الكهرباء، انقطاع مياه شرب فى بعض الأماكن ندرة وغلاء واستهبال فى الخبز . غاز الطبخ معدوم تقريبا ووووووووو الى ما نهاية.