التاج بشير الجعفري يكتب: الصحافة ومصداقية الخبر !!
============
طالعنا خبر صحيفة “الإنتباهة” عن القصة المزعومة لسيدة أعمال أفريقية، أفاد الخبر انها جاءت للبلاد لتصوير افلام إباحية مع شريكها السوداني، وقد أثار الخبر موجة غضب واستنكار كبيرين من جميع الناس لأن موضوع الخبر يتسم بالغرابة والبعد عن تقاليد وقيم المجتمع السوداني المحافظة.
ولكن دعونا اولا نرى كيف تتعامل الصحف وأجهزة الإعلام بشكل عام مع ما يسمى “السبق الصحفي” او البيانات والمعلومات التي تتوفر لها من خلال التسريبات التي يتم الحصول عليها من مصادر مختلفة. فموضوع تسريب الأخبار من جهات بعينها ولأغراض ومرامي محددة شيء معروف في عالم الصحافة والاعلام في كل العالم، وهنالك العديد من الصحف العالمية الشهيرة التي ترسخت شهرتها وذاع صيتها بسبب ما تنفرد به من أخبار قد لا تتوفر للصحف الأخرى، نذكر منها علي سبيل المثال صحيفة الغارديان البريطانية والواشنطن بوست ونيويورك تايمز الأمريكيتين واللتان دائما ما تنفردان بأخبار مسربة قد لا تتوفر للصحف الأخرى، وهنا يتوقف نجاح الصحيفة من خلال “السبق الصحفي” على قوة مصادرها وموثوقيتها، ولذلك لابد من الإنتباه والحذر إذ أن نشر الأخبار المسربة يعتبر سلاح ذو حدين فإما أن يرفع من شأن الصحيفة لامتلاكها ناصية السبق الصحفي ونشر الاخبار التي لا تتوفر لنظيراتها الاخريات، وأما – وهو الأخطر – أن يتسبب ذلك في أن تفقد الصحيفة مصداقيتها المهنية بنشرها للأخبار الكاذبة والتسريبات التي تخدم أغراض وجهات معينة دون أن يقترن ما تنشره بالتقاليد المهنية المعروفة لجهة التأكد من صحة الخبر المسرب والتحقق من صدقية المصدر وموثوقيته.
ثانيا، من المعروف ان الصحف كمؤسسات إعلامية تدرك ان مصداقيتها نحو القاريء تمثل راسمالها الحقيقي “كما يقولون”، وبالتالي فهي تبذل كل جهدها للمحافظة على هذا الرصيد الذي لا غنى عنه، وبهذا الفهم فهي لا تغامر ولا تجازف بهذا الرصيد مهما بلغ المقابل لانه ببساطة يعني خسارة لا يمكن تعويضها.
ولقد أثار الخبر المُشار إليه حنق وغضب الكثير من الناس ومنهم من استغرب إمكانية حدوثه أصلاً في مجتمع يتميز بتمسكه بالتعاليم الإسلامية الفاضلة وينبذ ممارسات هي أقل بكثير مما ورد في فحوى الخبر، ومن هنا تكمن أهمية معرفة الحقيقة لتحصين المجتمع والحفاظ عليه.
وبما ان إمكانية حدوث الخطأ تظل واردة، لذلك نأمل في إيضاح ملابسات هذا “الخبر الخطير” الذي لا يزال لغزاً فيما يتعلق بصحته من عدمها، فالصحيفة لم تصرح بوجود خطأ لجهة صحة الخبر من عدمه، وهذه هي الحلقة المفقودة والتي يبحث عنها القاريء والمجتمع ككل.
وحتى تتضح الرؤيا للناس، ومن منطلق وحس مهني صاف، وحفاظا على مصداقية الصحافة يجب أن تُعلن ملابسات هذا الخبر وما اكتنفه وأحاط به من غموض وذلك بهدف الوصول للحقيقة لأن الأمر على درجة عالية من الحساسية والأهمية لكونه يمس الأعراض والشرف ويتناول موضوع بهذه الخطورة في مجتمع يعتبر ابعد ما يكون عن مثل هذه الممارسات المحرمة شرعاً وعرفاً.
ننوه كذلك، أنه رغم التغيرات التي حدثت بسبب الانفتاح الواسع على عالم الإنترنت وما يوفره من بعض المواد المنافية للأخلاق إلا أن مجتمع الشباب يظل محصناً ضد هذه التحولات بفضل التنشئة والتربية السليمة والمتابعة من قِبل الأسر لابنائهم وبناتهم.
ولكن في كل الأحوال فإن الامر سيستوجب الإعتذار للقراء والمجتمع، في حالة ثبوت عدم صحة الخبر، وذلك لما تسبب فيه من ظلال سالبه على قيم المجتمع وتقاليده واعرافه.
في الختام، ما كان لخبر بمثل هذه الخطورة والأهمية، رغم وجود فرضية عدم صحته، أن يمر مرور الكرام وذلك لحساسية موضوع الخبر وارتباطه بتقاليد وقيم المجتمع السوداني المحافظ، ولذلك ينبغي على محررو الاخبار التروي والتدقيق وتوخي الحكمة في تناول ونشر مثل هذه الأخبار الحساسة وذلك لما تسببه من تداعيات سالبة في المجتمع.
صحيفة الانتباهة
بدون كلام كتير عن الشرف والاعراض والقيم الفاضلة للمجتمع السوداني المحافظ .. وما الى ذلك من حديث محفوظ مكرور … يجب استدعاء رئيس تحرير الصحيفة من الجهات المسؤولة المختصة بهذا الشأن ومطالبته بإثبات صحة الخبر .. وإن عجز عن ذلك تجب معاقبته بما في ذلك إغلاق الصحيفة نهائياً