مقالات متنوعة

تعدد الجيوش.. (ربنا يكضب الشينة)!!


السبت الماضي تحولت قرية طيبة الخواض الوادعة؛ معقل قبيلة الجعليين العوضية؛ إلى ثكنة عسكرية، أرتال من السيارات ذوات الدفع الرباعي كانت تمشط المنطقة جيئة وذهاباً، وتتجول في شوارعها على طريقة المطاردة في أفلام الكاوبوي الأمريكية .
لك أن تتخيل أن كل هذه السيارات والأسلحة المتطورة وفدت إلى المنطقة في مهمة تأمينية لعدد من قادة حركات الكفاح المسلح، فقد جاء كل قيادي بجيشه على نحو لايبعث أي احساس بأنهم جميعاً ممثلين لحكومة واحدة، لديها جيش وشرطة وقوات ينبغي أن تضطلع بمهامها المعلومة في تأمين الشخصيات السيادية.
هذه القوات الكثيفة العدد كثيرة العدة والعتاد، جاءت لتؤمن قيادات الحركات المسلحة وجميعهم باستثناء مناوي، يشغلون مواقع سيادية ومن واجب الدولة أن تؤمنهم بأجهزتها المخصص لهذه المهام بغطاء قومي يشعر المواطن بوجود عقل مركزي للحكومة يتولى تنسيق المهام كافة.
جاء إلى طيبة الخواض برفقة الفريق أول محمد حمدان دقلو الطاهر حجر الهادي إدريس، عضوا مجلس السيادة
ومني اركو مناوي حاكم دارفور المرتقب، ودكتور جبريل إبراهيم، كل الحاضرين يملكون جيوشاً بالطبع، حضروا هؤلاء جميعاً مدججين بالقوات تتقدمهم سيارات التأمين المزودة بالبنادق والدوشكات، كان السلاح في كل مكان ، والقوات تتسيد المشهد فتلبس المنطقة لون الكاكي، كل من هؤلاء قدم بجيشه ، المشهد ذكرني إحدى زياراتي للصومال في عز أعمال القتل والدمار ، لعله كذلك جاء مستلفاً من العراق او ليبيا بعد سقوط القذافي او افغانستان ، على كلٍ لم يكن المشهد مريحاً البتة، تعدد في حجم الأسلحة ونوعها وتنوع في الأزياء وألوان (البوريهات) والأزياء العسكرية، كل هذا بخلاف قوات الجيش والشرطة التي كانت موجودة في المكان ولكنها لم تكن سيدة الموقف على كل حال.
لاضير في أن يسعى كل قائد لتأمين نفسه ، مع إقرارنا بأن اتفاقية جوبا جاءت وفقاً لترتيبات أدخلت قوات الحركات للخرطوم، غير أن هذا وذاك لا يمنعنا من القول بأن تأمين الشخصيات السيادية ينبغي ان يتم وفقاً لإجراءات معلومة قوامها التنسيق المشترك؛ تفادياً لحدوث أية احتكاكات بين هذه القوات ، والمهم كذلك التأكيد على أن تأمين كل قائد لنفسه على هذا النحو أحدث مظهراً امنياً شائهاً تترتب عليه مخاطر عديدة.
مازلنا نبحث عن معادلة تنسيق ترتب المشهد وتحاصر مظاهر العسكرة التي تسيطر على الأوضاع وتخلق حالة من القلق والإشفاق والخوف من مآلات المستقبل في ظل تعدد الجيوش، وما يترتب على ذلك من مخاطر على الأمن الوطني.
نضع في بريد السادة المسؤولين في الدولة رسالة مفادها أن تعدد الجيوش والمليشيات من أكبر أسباب تفكك وانهيار الدول، ونعبر عن قلقنا من تكاثر وتناسل الحركات وتعدد منصات تأمين المسؤولين، لما يحمله هذا المسلك من صورة سالبة وشائهة تتجنى على ملامح ومقومات الدولة المدنية، ثم هل تستحق زيارة إلى عمدة منطقة قي قلب ولاية نهر النيل كل هذه القوات بصرفها وحوافز جنودها ووقود متحركاتها مع أزمة البنزين والجازولين والأزمة الاقتصادية التي تعايشها حكوماتنا.
سنظل ندعو إلى الأمن والأمان لهذا البلد الذي يواجه تحديات خطيرة ومفصلية في هذه المرحلة أولها تعدد الجيوش وتكاثر مراكز القوة، ولسان حالنا يردد: ( ربنا يكضب الشينة).

صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. المشهد كله _بما في ذلك كاتب المقال الكوز_ هو حشد أقامه فلول نظام الكيزان البائد في تلك القرية بولاية نهر النيل .
    دعوا فيه حميدتي ممثلاً لعسكر المجلس السيادي المعادين للثورة .. وقادة الحركات المسلحة المعادين لقوى الثورة الممثلة في قحت والداعبن الى التصالح مع الكيزان .
    أما جيوس الحركات المسلحة المدججة بالسلاح الحارسة للقادة .. فرسالتها موجهة الى قائد الجنجويد (الدعم السريع) حميدتي الذي أيضاً جاء بقواته الخاصة التي تحرسه وتحميه . يعني الحكاية استعراض قوة .. ومافيش حد أحسن من حد .