رأي ومقالات

كيف نُقَيِّم السياسة الاقتصادية؟

💧لا يجوز الحكم على أي سياسة اقتصادية بمقياس واحد لأن الاقتصاد معقد ومتعدد الأوجه ، فهو يشمل جميع الجوانب المتعلقة بـالظروف المعيشية الحالية بالإضافة إلى تأثير السياسة على مستقبل الاقتصاد وعلى كل أوضاع المستقبل.
💧إذن كيف يمكننا تقييم السياسة الاقتصادية؟ فيما يلي بعض القواعد الأولية البسيطة:

🍡ابدأ بتحديد معايير النجاح، لا تضع المقياس على مستوى منخفض حتى تتمكن من الاحتفال بقفزة كسيحة وبطريقة غير مبررة.
🍡قارن الإنجازات الإيجابية للسياسة بتكلفة تحقيقها.

🍡على سبيل المثال ، لا يمكن الاحتفال بالحصول على قرض أو مساعدة دون التفكير في تكلفتها – أي سداد المبلغ الأصلي بالإضافة إلى الفائدة في حالة القروض واحتمال فقدان السيادة في حالة المساعدة التي تأتي مع شروط مكتوبة أو سرية. في كلتا الحالتين، اسأل أيضًا عما إذا كانت الحسنات كبيرة بما يكفي لتفوق التكاليف الاقتصادية والسياسية.
🍡في التقييم, يجب أن نتساءل أيضًا عما إذا كان يمكن لمسار سياسة مختلف أن يحقق نفس النتائج أو نتائج مماثلة بتكلفة أقل. أو ما إذا كان يمكن للسياسة البديلة أن تحقق فوائد أكبر مقابل نفس تكلفة السياسة التي طبقت.

🍡بمعنى آخر ، عند تقييم شرعية حزمة السياسة ، قارنها بالحزم البديلة بالإشارة إلى نتائجها الصافية – الفوائد مطروحًا منها التكاليف.

🍡فمثلا لا يمكن وصف سياسات النيوليبرالية في مصر بالنجاح لان الاقتصاد المصري استقر, وذلك لسبب بسيط هو ان الدول التي انتهجت نهجا مغايرا حققت نتائج افضل – مثل ماليزيا والصين وفيتنام والبرازيل في عهد لولا وبوليفيا واوزبكستان.

🍡كما لا يمكن النظر للأوضاع الاقتصادية المعقولة في روسيا والاستنتاج بان سياسات الصدمة التي أتت من البنك والصندوق كانت ناجحة وذلك لان الصين التي اختارت تدرج محسوب بقيادة الدولة حققت تطورا فاق ما حدث في روسيا اضعافا حتى صارت الصين قوة عظمي اقتصاديا وتكنولوجيا وعلميا.

🍡ولا تنس أيضًا تأثير أي سياسة على مستقبل الاقتصاد. على سبيل المثال، في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، حصل السودان على مليارات الدولارات من المساعدات والقروض، ونتيجة لذلك تحسنت الحياة على المدى القصير ايما تحسن واحتفل القوم بالتنمية حتى قدو اضاننا وشتموا “السلبيين” الذين حذروا من عواقب ما يحدث ورموهم بالصفات إياها واولها انهم ايديلوجيون متكلسون وكان في ذلك من الخبث والجهل الفادح بما ان الرأسمالية والنيوليبرالية وأي سياسة اقتصادية بالتعريف يستحيل خلوها من شحنة عالية من الأيديولوجيا.

🍡ومع ذلك، سريعا ما تبخرت حسنات القروض والمساعدات الخارجية، ومنذ ذلك الحين دخل السودان في دوامة التبعية وأصبحت البلاد مثقلة بالتكلفة الاقتصادية والسياسية الهائلة للديون وخدمتها.

🍡ويكفي ان تتذكر ان السودان قد حصل فقط علي ثمانية عشر مليار من ديونه التي تتراوح بين خمسين الي ستين مليار دولار وما تبقي فوائد وعقوبات. وهذا يعني ان ما يقارب ثلثي الدين العام هو فوائد متراكمة يدفع السودان فيها ثلاثة دولارات عن كل دولار اقترضه, اضف الي ذلك التكلفة السياسية لهذه الديون البغيضة.

🍡لاحقا اصدر التاريخ حكمه واتضح انه كان من قصر النظر والحماقة المبتذلة أن يحتفل أي شخص بتلقي المساعدات والقروض في السبعينيات ، لأنه كما تبين فان كل ما حدث هو زراعة وتعميق التبعية بعد ان باع صانعو السياسات المستقبل للشيطان ونظموا حفلة تيس على حساب أطفال لم يولدوا بعد يكتوون الان تحت كلكل ما اقترض أسلافهم “البراغماتيون الواقعيون” .
🍡أخيرًا ، لا تنس أبدًا أنه على المدى المتوسط إلى الطويل ، فإن التكلفة الاقتصادية للمشروطية السياسية وما يترتب عليها من تبعية قد تكون أكبر بكثير من أي فوائد قصيرة الأجل للمساعدات الخارجية.

🍡كما ذكرنا سابقا فان نجاح السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة أو أي حكومة اخري تكون بالإجابة علي أسئلة مثل: هل تحسن دخل المواطن الحقيقي؟ هل استقرت الاسعار؟هل تحسنت فرص الحصول علي وظائف لائقة للشباب والكبار؟ هل تحسنت الخدمات والسلع الأساسية مثل الخبز والوقود والعلاج والدواء والتعليم؟ هل تراجع أو استقر الدين العام حتى لا تكون وجبة اليوم علي حساب أطفال المستقبل؟ هل عاد القرار الاقتصادي الي السيادة الوطنية ام ما زال بيد الخارج؟

🍡 لاحظ صديق ان جل كتابتي صارت بديهيات وقد كان محقا في ذلك , فحتى هذا المقال بديهيات نبررها بانخفاض سقف الحوار الاقتصادي الِي ما دون الصفر.

معتصم أقرع

تعليق واحد

  1. ليس اشد ما يخيفنا هو القروض والمنح وانما ما يخيفنا هو ما وطن الشعب السوداني وقيادات حكومته واحزابه عليه نفسه من محبة العيش على التسول من المجتمع الدولي وضعف روح الاعتماد على النفس . القروض ليست مخيفة في حد ذاتها وانما المخيف هو ضعف العزيمة لانتاج اعظم الفوائد الممكنة من الدين بعد وضعه في المكان المناسب . وايضا المخيف ما يعقب ذلك بعد الحصول على الدين من الاحساس بالراحة وان المشكلة قد تم حلها وعلى الجميع ان ينام في العسل !!! في حين ان التحدي الاكبر يكون قد بدا لتوه . وهذا ما كان يحدث في الماضي ومنذ ايام النميري وحتى وقتنا الحاضر . كانت الدولة تاخذ القروض وتنفقها في ما لا يفيد الاقتصاد والانتاج لذلك في النهاية تدهور الاقتصاد وعجزت عن السداد . القروض احيانا شر لابد منه لكن اذا اضطرت الدولة اليه فعليها ان تعرف اين تضعه وكيف تحقق منه اعظم فائدة ممكنه بدون سقف للطموح .