عثمان ميرغني

حلوا عن سمائنا

[JUSTIFY]
حلوا عن سمائنا

بصراحة.. لست من أنصار بث الإحباط وتوسيع دائرة اليأس.. رغم أن الحقائق حولنا لا تنذر بغير ذلك.. لكني أقترح وإلى حين تراضي الساسة على قرار وطني يخرج بلادنا من الظلمات إلى النور.. أقترح فصل السياسة عن المصير..

دعونا نستخدم نظرية ومنهج تقسيم المشكلة إلى طبقات Layers.. ونعزل كل طبقة على حدة.. فنعالجها بصورة منفصلة حتى لا تؤثر وتؤخر نهضتنا وخروجنا من النفق المظلم.

دولتنا وكل الدول تنقسم إلى أربع طبقات.. أعلى طبقة هي (طبقة السياسة) وتشمل المؤسسات السيادية والتشريعية والحزبية.. تليها (طبقة الخدمة المدنية) ثم (طبقة الأعمال) وأخيراً (طبقة المجتمع).. لو دققنا النظر لاكتشفنا أن أكبر علة تهدم وتهزم سوداننا الكبير هي الطبقة الأعلى.. (طبقة السياسة).. ليس لعطب فيها فحسب.. بل لأنها تتغول على الطبقات الأدنى منها وتسيطر عليها وتتنفذ فيها.

الخطوة الأولى في طريق الحل الوطني، أن نعزل هذه الطبقة (طبقة السياسة)..طبعاً بالقوانين.. ونحجب تدخلها في كل الطبقات الأدنى منها..

فحيث أن الساسة يتعاملون مع الوضع المنهار في بلادنا (على أقل من مهلهم).. وهم ليسوا مكتوين بنار الحياة ولا الانتظار المريع.. فلا أقل من أن يتركونا نعيش بعيداً عن خصوماتهم وويلاتهم وتنافسهم غير الشريف..

ثم نتعامل مباشرة من الطبقات الأدنى لإصلاحها.. طبقة (الخدمة المدنية) وهى التي تسير عجلة الدولة.. لكنها الآن واقعة تحت تأثير الطبقة الأعلى.. طبقة السياسة.. تعرضت لانهيار مريع .. أودى بحيدتها وكفاءتها وجعلها ماكينة معطوبة في نفسها.. ومعطبة للوطن أجمع..

فصل الخدمة المدنية من كل تأثيرات السياسة.. يجعل الوطن ينعتق من (بلاوي) الساسة.. فمهما عبثوا بالبلاد فإن عبثهم سيكون حبيس المؤسسات السياسية التي يتحكمون فيها بينما تمضي الخدمة المدنية في أداء دورها بكل حيدة وتجرد وكفاءة..

نفس الأمر ينطبق على الطبقة التي تليها.. طبقة (الأعمال).. وهي بدورها مكتوية بنار الساسة.. الذين يهدرون قدرتها على التنافس والتطور والانطلاق.. وتتعرض لأبشع أنواع الاستغلال والتسلط والابتزاز السياسي.. ورجال الأعمال لا يطمعون في أكثر من أن (يحل الساسة عن سمائهم) أن يبتعدوا عنهم ويتركوهم في فضاء العمل التجاري بلا وصاية أو وصية..

أما الطبقة الأخيرة.. في القاع.. فهي (طبقة المجتمع) .. وهي التي تدفع الفاتورة كاملة.. فاتورة الخطل السياسي الذي دمر الطبقات الثلاثة الأعلى وترك الثقل كله في رأس الشعب يحمل أوزاراً لم يرتكبها..

هذه الفكرة مهمة جداً في سياق الإصلاح .. لأنها تترك الشعب يمارس حياته وتطلعه لمستقبل أفضل بعيداً عن رهق الساسة وإرهاقهم العنيد.. على سياق (لكم دينكم ولي دين..) فليتعاركوا وليتشاكسوا وليتنابذوا وليتصالحوا بعد ذلك كيف شاؤوا.. بعيداً عن الشعب ومصالحه..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]

تعليق واحد

  1. من خلال تحليل الكاتب هم فعليا طبقتين فقط . طبقة السياسيين و طبقة عموم الشعب من موظفين حكوميين و موظفين قطاع خاص . لان طبقة السياسيين تؤثر علي كل الطبقات التي ذكرتها بينما لا تؤثر هذه الطبقات فيما بينها تثيرا ملموسا.
    تكمن المشكلة في ان طبقة السياسيين ليس لها قوانين تحكم سلوكها و اسس لمحاسبتهاو معايير لممارساتها.