مرتضى الغالي يكتب وزارة المالية..رفقاً بالذاكرة الوطنية..!
يدعونا الحق جلّ وعلا إلى إضمار إعلاء قيم الحق ودمغ الباطل في كل فعل أو قول من أجل استقامة الحياة وتأسيس القدوة الصالحة وبيان الطريق الصحيح للأجيال القادمة.. وهذه الدعوة الربانية تتفق مع المقاصد الإنسانية والرؤي العقلانية..وأيضاً من المهم جداً إسهام الجميع في إصحاح (الذاكرة الوطنية) وتنقيتها من الانحيازات وتلويث التاريخ بتحسين القبيح وتقبيح الجميل بسبب المناصرة السياسية.. وقد كان عهد الإنقاذ من الفترات التي ولدت فساداً عظيماً في مصفوفة القيم ولا مجال للتغطية على سلوكيات الأخونجية الفاسدة بحجة أن النظام قد رحل وأن بعض قادته ذهبوا إلى ربهم..فهذه دعوة لإغلاق جروح الوطن قبل تنظيفها من صديد المؤتمر الوطني..!
وكلنا مع توقير جلال الموت ولكننا لسنا مع تحرير شهادات الزور.. ولهذا استوقفنا النعي الذي صدر من وزارة المالية بحق أحد وزراء الإنقاذ السابقين..(الرحمة لأمواتنا جميعاً)، ولكننا نرى أن النعي تجاوز (حياد الدولة) واقترب من المناصرة السياسية..وهذه من السنن غير الحميدة التي تهزم الموضوعية من خلال بيانات وتنويهات رسمية من دواوين الدولة..!
فإذا أراد شخص ما أن يمدح ويقرّظ راحلاً بالحق أو بغيره فهذا شأنه.. ولكن المشكلة أن النعي الصادر بحق وزير سابق للإنقاذ باسم قيادات الوزارة والعاملين يحمل تقديرات (موضع اختلاف) حول أداء وزير من جماعة الإنقاذ شغل الوزارة في أسوأفترات استباحة الدولة وإعلان ما وصفوه بسياسة (التحرير الاقتصادي) وهي تسمية معكوسة قصدوا بها تحرير أيادي الإنقاذيين لتفعل ما تشاء بالدولة تدميراً وتشليعاً بغير رقابة ..(وهذا ما حدث) بتشريد مئات آلاف العاملين في عملية تسييس (لم يخافوا الله فيها) عرّضت ملايين المواطنين لمذلة الإفقار والانكسار الاجتماعي.. وتم فيها التدشين الرسمي لسياسة المحاباة وإحالة مرافق الدولة (للدلالة العمومية) أمام السمسرة الإنقاذية تحت شعار الخصخصة المدغمسة التي شهدت أكبر عملية لتحويل ملكية المؤسسات العامة إلى ملكيات خاصة لقيادات الإنقاذ وأصهارهم ومحاسيبهم ومن ركب معهم في (سفينة القراصنة)..!
وهذا ما لا ينبغي نسيانه..والأنكى أن فترة التحرير الاقتصادي كانت فترة كارثية على الفقراء وذوي الدخل المحدود.. فقد كان المقصود بالتحرير في عهد الوزير الراحل عبدالرحيم حمدي تجيير خدمات الدولة للأغنياء (والرأسمالية الجديدة) وللقادرين على (شراء الخدمات)..بمعنى إذا لم يكن لديك فلوس لدفع فاتورة المستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة فهذا من سوء حظك..! وهذا هو النهج الذي بنى عليه مأمون حميدة وكان صريحاً في الإعلان عنه بأقواله وسياساته (إذا ما عندك فلوس..العلاج والقراية ليك شنو..)..!!
من حق الوزارة نعي وزراء المالية السابقين وطلب المغفرة لهم فهذا سلوك حميد؛ وكذلك يمكن ذكر الفترات التي عملوا فيها وحتى تعاملهم الديواني داخل الوزارة.. ولكن ليس من حق الوزارة أن تخرج علينا بحكم قيمي على وزير سياسي والإشادة بمنهجه الاقتصادي حتى إذا أفضى إلى تدمير الاقتصاد في عهد الإنقاذ التي أسقط الشعب نظامها…فقد كان نعي الوزارة صادراً باسمها وعلى رأس النعي الوزير جبريل إبراهيم والوكيل الأول عبد الله إبراهيم ووكيل المالية آمنة بابكر ووكيل التخطيط أمين صالح يس.. فهل كانت سياسات الوزير الراحل حقاً كما قال النعي الرسمي (سياسات رشيدة وقرارات حكيمة)..؟!! وألا تسهم هذه الإشادة في طمس الذاكرة الوطنية بتحسين الأفعال الخاطئة..؟! وإذا أشادت قيادة الوزارة بسياسات التحرير الإنقاذية فمن الممكن أن تتبنّاها وتعيدها علينا مرة أخرى..فهل يمكن أن يندرج هذا تحت فضيلة (اذكروا محاسن موتاكم)..؟!!
صحيفة السوداني
الانشاءات التي شيدتها الانقاذ ستظل قائمة رغم أنفك وان استطعتم خدعة الشباب والاطفال برهة من الزمن فسوف ياتي يوما يعرفون من عمر البلد ومن دمر البلد .
سيصحى الشباب والاطفال من نومه ولا يجدون عدوا لهم ينتقمون منه غير الكذابين وسوف يدوسوهم بارجلهم فعلا وليس قولا … سوف يقارنون بين فترة الانقاذ وما قبلها وما بعدها وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون ..