رأي ومقالات

حواكير قبائل شمال السودان .. في الوثائق الرسمية لحكومة الولايات المتحدة !!

في الشمال يطلق عليها إسم حيازات ، وهي نفسها ولو قلنا أنها تعادل حواكير دارفور لظلمنا حيازات قبائل الشمال والوسط ، لأن الوثائق التاريخية تفيد بأن حواكير دارفور كانت أنواع ، فمنها حاكورة قبيلة تمنح بصك من السلطان للانتفاع ولكن تظل الملكية للسلطنة وهذا ما لم يكن في حواكير الوسط والشمال ، ومنها حواكير أفراد تمنح لهم من السلطان للانتفاع وتورث ولكن يظل من حق السلطان استردادها بمقتضى الحال.
والغرب والمجتمع الدولي ومن قبله أوروبا ، جميعهم رصدوا ودرسوا جغرافية هذا السودان ورسموها زقاق زقاق ..زنقة …زنقة بدءا من القرن التاسع عشر خليك من زمن الأقمار الصناعية والجوجل إيرث.
ليست هذه مبالغة ، فقد حددوا جغرافية كل قبيلة بالإحداثيات ، واسم كل جبل صغيرا كان أم كبيرا ، وكل نهر وكل خور وكل بلدة وكل قرية حتى لو كانت عشرة قطاطي.
ولذلك حين كنت اعمل في تجهيز خارطة مسار جيش هكس تتبعت المسار في الجوجل إيرث ، وحين وصلوا قريبا من ترعة الرهد قال الضابط المصري علوب صاحب مذكرات علوب المشهورة أن شمال هذه المنطقة بحوالي 80 كيلومتر يوجد جبل كذا ، وبحثت عنه فوجدته بنفس اسمه من سنة 1883م وقست المسافة بمسطرة جوجل فوجدتها فعلا 80 كيلومتر.
المصريين أيضا أفترض أنهم يعرفون جغرافيا السودان جيدا لأنهم كانوا هم الحكام من 1821م حتى 1885م ، ولم تكن تلك الفترة كلها ضرائب وظلم فقط ، ولكن قبلها وخلالها تم تحديد كثير جدا من المواقع والثروات من معادن وغابات ومحاصيل ، وتم في تلك الفترة تركيب شبكة من خطوط التلغراف وصلت حتى فوجا Foga في دارفور وسواكن وكسلا وسنار وكل المدن السودانية وكانت الشبكة تتجمع في الدبة وتمر شمالا حتى تتصل بشبكة التلغراف المصرية وفي 1879م كان بإمكان المراسل الصحفي الإنجليزي إرسال التقارير الصحفية لصحيفته من الأبيض فيضمن وصولها مكتب الصحيفة في لندن خلال 30 دقيقة.
ولكن قبائل الوسط والشمال كان مفهوم الحاكورة عندها مختلف ، فلم تكن تناكف الدولة في الملكيات الفردية ، ولهذا ظل التمازج والتعايش منسابا لأنك بإمكانك أن تتملك قطعتك السكنية وتسجل شهادة البحث بإسمك سواء كنت في حاكورة جعليين أو كنت في حاكورة حسانية أو غيرهم فلن يعترضك أحد.
ولكن حمية القبيلة كانت تتحرك في حالة الاستثمارات الزراعية التي تحجز الأرض بالمساحات الشاسعة فظهرت مشكلة الحيازات وهي دليل على عدم احترام حكومات الخرطوم للحقوق التاريخية.
ولكن المستثمرين وخاصة العرب فهموا مشكلة الحيازات وتعاملوا معها بواقعية ، فصاروا بعد إكمال إجراءات التسجيل والتراخيص والحصول على الأرض من الحكومة وقبل أن يدقوا فيها مسمار يسعون للتواصل مع قيادات المجتمع المحلي للتفاهم والوصول إلى تسوية.
في 2015م جلست مع مستثمر عربي اعرفه من سنواتي خارج السودان فحكي لي عن تجربة الاستثمار في السودان ، وقال لي أنهم بعد الحصول على كل التراخيص تواصلوا وجلسوا مع شيوخ المنطقة وأظهروا لهم أولا الإحترام ثم قالوا لهم : هذه تراخيصنا وهذه أوراقنا من الحكومة ولكن نحن نعلم أنو مافي أرض هاملة في السودان وكل أرض لابد ولها أسياد ، وأنتم أسياد هذه الأرض وإذا لم نصل معكم لاتفاق مكتوب وتسوية بالتراضي لن ندق فيها ولا وتد واحد.
وقد كان ، تم عمل عقد مكتوب وتم سداد مبلغ محترم وصل منه نصيب محسوب لكل مواطن بالمنطقة فضلا عن توظيف عدد من أولادهم بالمشروع.
ولذلك فالخرطوم عبارة عن حيازات (حواكير) وأم درمان كذلك حيازات (حواكير) وقد أنشر خلال الأيام القادمة مواقع الحيازات التاريخية للقبائل في وسط وشمال وشرق السودان وكذلك دارفور اعتمادا على الوثائق الرسمية المعتمدة لدى الحكومة الأمريكية.
ورمضان كريم.
كمال حامد 👓

‫2 تعليقات

  1. كلامك صحيح لمن يظن أنها بلا أصحاب وحسبنا الله فيمن أوصلنا لهذه الدرجة من التفكير حتى في حيازات أمدرمان ضمن الهرجلة الشاملة والتفكيك والتعدي.

  2. التحية للكاتب المهتم ..
    بس الكتاب والمؤرخين والمسؤلين السودانيين جميعهم يقول الحكم المصري على السودان ويقول الحكم التركي المصري ..والله ان المصريين لم يحكموا السودان ولا دقيقة واحدة .. للاسف الجميع يعتبر محمدعلي باشا مصري حتى المصريبن يعتبرونه مصري مع العلم بانه الباني حكم مصر والسودان تحت التاج التركي من ١٨٢١ حتى الاستقلال عام ١٩٥٦ ..
    اما اتفاقية الحكم الثنائي عام ١٨٩٩ كانت حبر على ورق ولم يكن هنالك حاكم مصري واحد على السودان وكان هدفها هي ان تقوم مصر بتمويل الحملات العسكرية على السودان وتكاليف كثيرة اخرى ..
    ثم كيف مصر تحكم السودان وهي مستعمرة من تركيا وفوق تركيا بريطانيا …
    للاسف كل كتب التاريخ السوداني ترجمها مصريين وعلى هواهم ونحن كالرعاع مشينا على ترجمتهم ..
    اصحوا يا مدعين السياسة واعيدوا صياغة التاريخ ..