مقالات متنوعة

ديبي ..( المتغطي بباريس عريان )

من لم يكن يصدق أن الأزمات الأمنية على حدود الجنوب والشرق ستلقي بآثارها الكبيرة والخطيرة على السودان في المرحلة القادمة ، عليه أن يصدق الآن بعد مقتل ادريس ديبي وبعد أن أصبح السودان يطوقه حزام الأزمات من كل جانب .
ومن لم يكن يستوعب أن انعكاسات كل هذه الأحداث وخاصة أزمة سد النهضة وبعدها الأوضاع في تشاد على الداخل السوداني على المستوى السياسي والأمني ستؤدي إلى انتعاش رصيد المكون العسكري وليس المدني في معادلة الحكم الداخلية في المرحلة القادمة .. عليه الآن أن يقرأ ويحلل ويستخلص انعكاسات المشهد التشادي المفتوح على كل الاحتمالات والموقف المطلوب من السودان تجاه التطورات الجارية في تشاد بعد مقتل الرئيس ادريس ديبي حليف فرنسا الأبرز في أفريقيا ..
نقول وبكل أسف أن أحلام الحكم المدني والاستقرار الأمني والانتقال الديموقراطي الحقيقي في السودان في ظل كل هذه الظروف الداخلية والإقليمية قد تصبح معقدة أو مؤجلة لوقت طويل .
أما بالنسبة لتشاد فبكل وضوح ودون تردد نقول إن أفضل السيناريوهات الآمنة للشعب السوداني على الحدود الغربية هي تمكين حكم المجلس العسكري الانتقالي الجديد في تشاد برئاسة نجل الرئيس الراحل ادريس ديبي ، حتى لو استمر النجل على نفس خطى والده وابقى على سلطته الديكتاتورية وديموقراطيته ( الأفريقية ) الوهمية التسعينية الأرقام والتكاليف ..!!
لو احتفظ النجل بسياسة أبيه الداخلية لكنه التزم بالاتفاقيات القائمة وخاصة تلك الاتفاقية التي تحمي الحدود المشتركة بقوات سودانية تشادية مشتركة انتجت حالة من الانسجام الأمني الحدودي بين البلدين خلال السنوات الماضية فهذا هو مربط الفرس وحزام الأمان لحدودنا الغربية .
مطلوب من السودان إعلان دعمه ومساندته للمجلس الانتقالي في تشاد فعلاً وليس قولاً فقط لأن ذلك الموقف الواضح والكامل هو الذي سيشكل عنصر أمان وضمان كبير للسودان في الإبقاء على الأمن الحدودي مستقراً والقوات المشتركة كما هي في حال استطاعت السلطة الانتقالية الجديدة في تشاد البقاء وحماية نفسها وبلادها من الإنزلاق في الفوضى .
أما مقتل إدريس ديبي بهذه السهولة رغم الحماية غير المحدودة التي من المفترض أنه يحظى بها من فرنسا فإنه يبعث باستفهامات مرعبة وكبيرة .. ثم يثبت حقيقة ينكرها الكثيرون وهي أن ( المتغطي بالأوروبيين وبباريس عريان ) .
هذه الحقيقة التي يجب أن يعرفها من يتوهمون في بلادنا اليوم أن الصداقة مع الغرب والخارج يمكن أن تغنيهم عن المصالحة والتعافي السياسي والمجتمعي في الداخل .
الدعم والحماية التي كانت توفرها باريس لادريس ديبي لم يكن لها حدود .. باريس التي كانت تغض الطرف عن ممارسات ديبي الديكتاتورية وتتدخل بلا تردد لاحباط كل المحاولات الإنقلابية التي تعرض لها نظامه خلال السنوات الماضية ..هل يا ترى أسقطت ورقة هذا الرجل حين استنفدت منه غرضها ..؟!
وإلا فكيف سمحت بسيناريو استدراجه الى الموت وكل المؤشرات كانت تفيد بأن الأوضاع في غاية الخطورة .. وما هي علاقة سحب الأمريكان لطاقمهم الدبلوماسي من انجمينا قبل ساعات من مقتل ادريس ديبي في حين ما تعرفه فرنسا وما يتوفر لها من معلومات عن الوضع الداخلي التشادي من المفترض أنه أكبر بكثير مما يمكن أن تلتقطه الولايات المتحدة .
مات ادريس ديبي وترك مشهداً أمنياً وسياسياً داخلياً متفجراً في انجمينا .. مشهد إذا انزلق للفوضى يمكن أن يشعل دارفور من جديد .. وبلدنا ال ( ما ناقصة ) ..

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

جمال على حسن
صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. أو كما قال سيدك المخلوع عمر البشير :
    (المتغطي بى أمريكا عريان) .. ولذلك طلب من الرئيس الروسي بوتن أن يحميه من أمريكا .

    وطبعاً أنت تتمنى أن يعلن العسكر توليهم للسلطة في السودان حتى يكون الحكم عسكرياً خالصاً .. وبذلك يكون نظام الانقاذ عاد من جديد متمثلاً في عسكر اللجنة الأمنية التي كانت تحميه .