مقالات متنوعة

حكومة التناكر .. عامان بقرنٍ من الزمان ..!

غريب جداً نهج الحكومة الانتقالية ورئيس وزرائها الخبير الأممي عبد الله حمدوك في إدارة شؤون البلاد ، ففي الوقت الذي تلمح نشاطاً كبيراً وإصراراً غريباً في انجاز ملفات ليس فيها أية صفة استعجال مثل تغيير القوانين والتشريعات التي تمس أبعد نقاط الحساسية الثقافية والاجتماعية والدينية ، والبت في ملفات غير مستعجلة بل هي ليست من مهام وصلاحيات حكومة الفترة الانتقالية ، تجدهم بالمقابل خارج نطاق الخدمة وخارج التغطية تماماً عن القضايا والملفات الطارئة والملحة التي يتعذب بنارها المواطن .
الأمن والصحة والوباء ومياه الشرب والكهرباء والتعليم ومعاش الناس .. والتي لم لايقف الوصف فيها للحكومة الحالية بالفشل فقط بل أصابتها صاعقة حارقة جعلت وصف المعاناة التي كان يعانيها المواطن حين ثار بمثابة حالة مترفة بالمقارنة مع الجحيم الذي يعيشه الان .
الملفات التي تمثل أولويات الحياة لدى المواطن السوداني شهدت انتكاسات كبيرة عن الوضع الذي وجدت حكومة حمدوك البلاد فيه عند مجيئها .
هذه الملفات هي التي تسبب التراجع والفشل فيها في إسقاط حكومة البشير بالمناسبة ، فحكومة البشير لم يسقطها غياب الحريات التي لا تزال غائبة .. ولم تسقطها قوانين النظام العام التي تم حذفها دون الإتيان بأي بديل أفضل يحفظ ويحافظ على انضباط ووقار وأدب الشارع السوداني .
لم تسقط الإنقاذ إلا حين ازدادت صعوبة الحياة على المواطنين ، فاندلعت الاحتجاجات التي لم يحضرها حمدوك ولم يشارك فيها نصر الدين عبد الباري ولايعرف لونها وطعمها أمثال الرشيد سعيد ولقمان ولم يكن المكون العسكري الحاكم بالطبع جزءاً منها .
ويبقى السؤال حائراً قائماً وموجهاً بشكل مباشر لرأس السلطة التنفيذية والسيادية أيضاً ، لماذا تعجز حكومتكم عن تحقيق أي تقدم ولو بسيط في أيٍ من الملفات الرئيسية التي تهم المواطنين ؟
لماذا لا تختفي صفوف الوقود إلا لتعود مرة أخرى .. ولا تنتهي أزمة الخبز إلا لتبدأ من جديد .. ولا دواء ولا مجانية تعليم ولا كهرباء ولا ماء ولا حتى أمن وأمان وطمأنينة في قلب عاصمتكم ياحمدوك وياحميدتي ويابرهان ..!
ألم ترفع حكومتكم الدعم عن الوقود كلياً وكم وفرت من هذه الخطوة من ملايين الدولارت كانت تنفقها الحكومة في دعم الوقود ولماذا لم تتوجه هذه الأموال الموفورة ذاتها وليس غيرها إلى ملف الصحة والدواء ومعالجة مشكلة مياه الشرب بشكل عاجل ومباشر مثل القوانين غير العاجلة التي تجيزونها بالكوتة في اجتماع رمضاني واحد ..!
بل السؤال الذي يؤكد أن الفشل في هذه الحكومة هو فشل جيني يرتبط بدماغها السياسي الذي يفكر وبقدراتها التنفيذية الضعيفة في إدارة الدولة من أبسط الى أعقد الملفات .. السؤال هو لماذا تحدث أزمة وقود أصلًا بعد رفع الدعم كلياً عن الوقود الذي يتوفر في عرض البحر وكل المطلوب عملية إدارية بسيطة جداً لجعله متوفراً بشكل مستمر لا تدفع فيها الحكومة دولاراً من جيبها بل هي في الواقع تربح أكثر من مائة جنيه في خزانتها على كل جالون بنزين يتم صبه في جوف سيارة ..لماذا تظل الخرطوم أوسخ عاصمة في العالم ألم تتعلموا من سلوك شباب الثورة سطراً واحداً ، أو تلتقطوا منهم مفتاح صندوق الحلم بوطن جميل ..وليس وطناً جائعاً يعيش كلياً على الهبات ..؟!
أين الانتاج وخططه وأين هي أموال التمكين المصادرة وأموال الدعم المعلن وغير المعلن الذي تم ضخه من الخارج ألم تجدوا فيه بعد توفير رواتبكم و مخصصاتكم وعمولات بعضكم ما يتبقى لإنجاز خطط جاهزة وموجودة أصلاً في الأدراج لمعالجة مشكلة مثل مشكلة مياه الخرطوم بشكل جذري .
حديث المدير العام لهيئة مياه الخرطوم، مأمون حسن، عن عزمهم توزيع مياه الشرب عبر التناكر لمعالجة شحّ المياه في عددٍ من أحياء العاصمة الخرطوم التي تشهد عطشًا وشحًا في المياه أصبح مثار سخرية العالم ونكتة المدينة العاجزة عن الضحك حالياً .. المدينة التي تبكي حالها وفقد ابنائها في كل لحظة .
( فقط افهموا ان لا وثيقة أو وثاق ولا حقيقة أو نفاق ) تخفي عورة فشلكم ..
هذه ليست حكومة الثورة التي كان يحلم بها الشهداء .. هذه نكبة حقيقية أصابت هذا البلد .
أثق ومن واقع النظر في علامات الاستفهام والتعجب المحتشدة كحال أصحابها الثوار والمواطنين الأحرار .. أن حجم الفساد الذي يحدث الان في السودان .. الفساد بمعناه الشامل .. فساد سياسي ومالي واداري وعدلي لن يقل عن حجم الفساد الذي حدث في سنوات الإنقاذ مجتمعة إن لم يكن قد تضاعف .

جمال على حسن

صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. يضاف اسم حكومة التناكر للاسماء المتعدده لهذه الكارثة التى ابتلى بها وطننا المنكوب بهولاء الفشلة .. ثم ماذا بعد من صنوف العذاب والضنك ينتظر هذا الشعب المسكين … ياعطالى وسكارى قحط يامسئولى الفترة الانتقامية …ياحمدوك والبرهان .. الله لا بارك فيكم