رأي ومقالات

الاقتصاد في ثنائية الداخل والخارج


💧دعوة الحكومة للتركيز على حل اقتصادي يرتكز علي الداخل لا يعني بأي حال من الأحوال حثها بإهمال البعد الخارجي. لا يحتاج أحد الِي شهادة في الاقتصاد الدولي ليدرك أهمية العامل الخارجي وثقله في ميزان التنمية.
💧الدعوة للاهتمام بالبعد الداخلي تنبيه لترتيب الأولويات بحيث يكون محور التوجه داخلي ويلعب العامل الخارجي دورا داعما بعد التئامه مع شروط التوجه الداخلي وليس العكس. فالبعد الخارجي للتعافي الاقتصادي له أهمية فائقة وان لم تكن حاسمة ولا كافية لوحدها.
💧لذلك فالرسالة هي وضع الداخل في محور التنمية ثم تجويد البعد الخارجي وتطويعه لخدمة الخيار الوطني وهذه الرسالة لا تنفي دور الخارج ولا تقلل من تأثيره ولا تدعو لمقاطعته. ولكم في الصين قدوة فقد شاركت في الاقتصاد العالمي وتعاملت مع جميع الدول المتربصة بها ولكنها انطلقت دائما من سيادة وطنية علي القرار الاقتصادي والسياسي وتعاملت مع راس المال الأجنبي في اطار خططها الوطنية الخمسية للتنمية.
💧 وكنا نظن ان هذا من الوضوح بحيث لا يستحق التكرار في كل مقال. من المضجر والمهدر للسطور ان يردد كل مقال مثل هذه البديهيات ولكن للأسف كثيرا ما يتم تفسير الدعوة لمركزة الداخل علي انها تقليل من أهمية الخارج أو دعوة لإعلان الحرب عليه أو مقاطعته وهذا تبسيط أحيانا يأتي عن سوء فهم بحسن نية واحيانا يأتي كسيل من سفسطات السوشيال ميديا التورولية التي تهدف الي اغراق الكاتب واهدار جهده في نفي وتصحيح مفاهيم لم يدع لها حتى لا يتبقى له زمن لطرح اراء اخري لا تريح.
💧المؤسف ان هذه الحكومة تهمل العامل الداخلي تماما وتضع كل بيضها الضعيف في سلة الخارج وتضيف الي ذلك ضعف إدارة رقعة الشطرنج مع الخارج فتتخبط ويهزم كل قرار اخاه ويمنع ثماره.
💧فعلي سبيل المثال هذه حكومة تنفذ كل ما يطلبه الغرب وامتداده الإقليمي ثم تهب الروس قاعدة بحرية بإمكانيات نووية وكأن مثل هذا القرار لن يكن له صدي اقتصادي وجيوسياسي
💧 وهذا مثال قح علي عشوائية التموقع الخارجي ويمكن نضف اليه الكثير. فعلي سبيل المثال رغم ان الحكومة قد دخلت في الحبس انتظارا لمؤتمر باريس يعلن السيد وزير التجارة اليوم عن انشاء ثمانية شركات حكومية للعمل في مجال التصدير والاستيراد. ورغم ان هذا التوجه قد يفيد ان احسن تصميمه إلا ان صانع القرار السوداني لا يعي ان دخول الشركات الحكومية في مفاصل الفضاء الاقتصادي غير مقبول في فكر المانحين النيو لبرالي ويدخل في عداد المحرمات وبالتالي قد يثير حفيظتهم ويغلق محفظتهم التي يعول عليها الطاقم الحاكم.
💧 وفي مثل ذلك صرح السيد وزير شئون مجلس الوزراء بنية حكومته تقييد استيراد سلع كمالية لإيقاف تدهور الجنيه رغم ان صندوق النقد في نفس الفترة حذر من “وضع أي قيود علي معاملات الحساب الجاري”.
💧يتلخص التخبط في تنفيذ كل شروط الغرب والصندوق ثم اتخاذ إجراءات تثير شكوكهم في استيعاب أو نوايا أو قدرات الطاقم الحاكم مما يقلل من ثقتهم فيه ويدعوهم لوضع سلسلة مقود قصيرة حول رقابهم. ومن أراد طعام معاوية لا يمكنه ان يجهر بولعه بعلي في المسجد الاموي خمس مرات في اليوم.
💧 تتجلي المأساة في ان صانع القرار السوداني لا يعي طبيعة الفضاء الأيديولوجي للاقتصاد السياسي الدولي الذي يترنح فيه بلا هدي ولا يدرك انه يتخبط كمثل ذلك الرجل الذي لا يعلم ولا يعلم انه لا يعلم وقيل هذا احمق فاجتنبوه.
💧 إدارة اقتصاد في فضاء عولمة مفرطة ليس لعب عيال لان الخارج يضع قيودا ثقيلة علي كل الدول حتى لو كانت متطورة ولكن من الممكن الالتفاف حول بعض هذه القيود لتعظيم فوائد المشاركة في الاقتصاد العالمي وتقليل الضرر ولكن المناورات الذكية والقيادة السليمة في بحر العولمة السياسية والاقتصادية يحتاج الي الوعي بطبيعته وتعقيداته وضبط الرسالة أولا وهذا ليس شغل حلقمة خطابية.

معتصم أقرع


تعليق واحد

  1. الكلام دا قايم على نظرية نبات القرع وللا دي نظرية تانية من نظريات ال
    ? ecnoagric