معتصم أقرع: مؤتمر باريس في فتيل الحقيقة
خطاب الحكومة عن الاستثمار الأجنبي مضحك. استثمار القطاع الخاص لا يتم جذبه في مؤتمرات. فقط تجذبه فرص الربح إذا ما احسنت الحكومة تهيئة البيئة القانونية والسياساتية له ويستطيع راس المال ان يتشمم رائحة فرص الربح من علي بعد سنين ضوئية من غير حاجة الي مؤتمرات.
المستثمر لا يوقع علي عقد استثمار في مؤتمر بعد عرض سوداني رائع وملون من كفاءة حكومية نادرة ولكنه يرسل فرق من المهنيين لتقييم المناخ الاستثماري من كافة مناحيه الحاضرة والمتوقعة ثم اجراء دراسات جدوي فنية ومالية تتعلق بمشاريع محددة ثم بعد ذلك يتم اتخاذ القرار.
أيضا فان حكومة الدول لا تقرر تقديم الدعم بعد مخاطبات مقنعة من كفاءات حكومة تبحث عن دعم في عاصمة الانوار.
ولا يعني هذا ان الحكومة بالضرورة قد تعود من باريس من غير عريس. من الممكن ان تعلن دول في المؤتمر عن خطوات إيجابية مثل تخفيف الديون وتقديم دعم انساني أو تنموي أو غيره ولكن في هذا الحالة تكون قرارات الدعم قد اتخذت سلفا قبل عقد المؤتمر.
لذلك فان الحديث عن مؤتمر باريس كمغنطيس للاستثمار حكي ساي لا يعول عليه. التفسير الاسلم للمؤتمر هو انه مهرجان سياسي قد يتم فيه اعلان عن مساعدات قررتها الدول الداعمة سلفا قبل ان تستمع الي خطب كفاءات السودان العصماء.
ربما قال البعض انه لا ضرر من الحشد السياسي وهذا صحيح ولكن من الجانب الاخر فان منظر جيش من قادة وأيقونات حكومة افريقية يمدون الف قرعة طلبا للمساعدات في باريس قد يتحول الي سيرك محرج لا يسلي وقد تسقط ثمار المهرجان السياسية في عب فرنسا الباحثة عن تدعيم ثقلها في مناطق نفوذها التقليدية الممتدة من غرب افريقيا الي تشاد والسودان بحكم تأثير دارفور علي منطقة النفوذ الغنية باليورانيوم والثروات الأخرى.
معتصم أقرع
الفرق واضح جداً بين الحديث عن شؤون الاقتصاد من منطلق علمي مجرد وبين الحديث عنها من منطلق الغرض السياسي الواضح .
…..
ظل هذ الأقرع يسخر ويقلل من أهمية مؤتمر باريس ويبخس نتائجه قبل أن يبدأ .. وكأن الحكومة تراهن فقط على هذا المؤتمر باعتباره المخرج الأوحد وطوق نجاتها الأخير للخروج من الأزمة الأقتصادية وليس لها حيلة سواه .. فإن فشل يعني ذلك نهايتها بفعل الانهيار الاقتصادي التام .. وإن نجح فذلك يعني انتعاش الاقتصاد السوداني وازدهاره فتنفرج كل الازمات ويبدأ في السودان عهد من بحبوحة العيش ورغده !
مع إن الأمر ليس كذلك أبداُ .. فمؤتمر باريس هو مجرد خطوة ومحاولة ضمن الخطوات والمحاولات الأخرى لمعالجة الأزمة الاقتصادية .
ولكن الاقرع لا يتحدث عن الاقتصاد في السودان من منطلق الحرص على إصلاحه .. وإنما ينطلق أساساً من موقفه السياسي المعادي لحكومة الفترة الانتقالية او المعادي للثورة نفسها .