يوسف السندي يكتب: إدارة الصراع في الفترة الانتقالية
بعد سقوط المخلوع يعيش السودان في وضع ديمقراطي الى حد ما، والديمقراطية فوضوية، متشابكة، متعثرة(تقوم وتقع)، مستفزة للدرجة التي يصعب معها احيانا السيطرة على النفس، هي تساوي في الفرص بين الجميع، العاقلين والمغفلين، الشرفاء والخونة. تسمح لكل شخص ان يعبر عن رايه بغض النظر عن طبيعته وقيمته بالنسبة للآخرين، تسمح لكل تيار يملك أهدافا ان يسعى لتحقيقها بكل الطرق والوسائل السلمية بغض نظر عن موقع هذه الأهداف من اهداف الغير، تفسح المجال للجميع وتفتح الباب للكل، حتى يظن المواطن المراقب للمشهد أن الأمور مختلطة والبلاد في فوضى، وهو يرى كل هذا يحدث امامه، يحاصره في الوسائط و الاخبار وأي مكان، الجميع يتعاركون في نفس الميدان وامامه مباشرة، وتأتيه أصوات الصراع من كل صوب وحدب حتى يصيبه أحيانا منها الغثيان والهذيان، ويغلبه التمييز و يصبح في دوامة بلا قرار .
هذه طبيعة الديمقراطية، طبيعة لم يتعودها الشعب خلال ٣٠ سنة من القهر والكبت، والديمقراطية لا تسمح بالكبت، لاتسمح لشخص أو حزب او جهة بان تقهر اخرى او ان تقصيها، القهر والإقصاء بالوسائل غير المشروعة محرم في كوكب الديمقراطية، ومتاح للجميع التعبير والعمل على تحقيق اهدافهم بالوسائل السلمية.
ما يحدث من خلاف في قوى الحرية والتغيير، هو هذا الجو الديمقراطي المشحون بعشرات الآراء والمواقف والاتجاهات المتباينة، الجو الملون بكل الوان الطيف السياسي والثقافي والاجتماعي والمهني، الجو المكهرب بالخلافات التاريخية، والملطف بالتضحيات المشتركة، الجو الذي لا يمكن ان تمرر من خلاله اجندة التمكين ولا فهلوة الأحزاب السياسية الساعية للهيمنة على السلطة بالطرق الانتهازية، فالكل بالمرصاد للكل، ولا يصح الا ما بني على أساس ديمقراطي سليم، أو جاء باختيار الشعب.
عليه فإختلاف الآراء بين الكيانات والأحزاب السياسية شيء طبيعي، فهم بشر وليسوا ألهة، وطبيعة البشر الاختلاف، و لن تكون الخلافات هذه الأيام داخل قحت هي الأخيرة، بل ستكون هناك نسخ متعددة قادمة من الخلافات، الفيلم مازال طويلا، فيلم الديمقراطية وفوضويتها، فيلم الآراء المختلفة تحت سقف واحد، فيلم فيه فوضوية نعم ولكن أدواته ديمقراطية والغلبة فيه للأسس الديمقراطية وليس للانتهازية.
لذلك لا داعي للخوف من صراعات الأحزاب مادام انها تحت سقف العمل الديمقراطي، ولا من تدافع الآراء وان كان بخشونة وغلظة، الخوف يجب أن يكون حين تستخدم الأحزاب وسائل غير مشروعة كالانقلابات او اختراق الجيش او اختطاف الأجسام المستقلة او التمكين لنفسها وإقصاء غيرها، غير ذلك سيكون الإختلاف موجودا بين الاحزاب والتنظيمات ما دامت الديمقراطية، المهم أن نتحمل هذا الاختلاف ونعتبره جزء من الممارسة، وان نحسن ادراته بحيث لا يؤثر على مشروع الثورة وهدفها النهائي في بناء وطن ديمقراطي حقيقي.
صحيفة السوداني
والله يا يوسف السندى لو منتظر ليك تحول ديمقراطى والذى شرطه هو قيام إنتخابات حره من الشيوعيين والبعثيين والناصريين والجمهوريين ومؤتمرجية الدقير فإن واطاتك وواطات الشعب السودانى أصبحت !!!