رأي ومقالات

عزمي عبد الرازق: تفاصيل البلاغ رقم “٦٣٤”

هانذا استعير هذا الهاتف مؤقتاً للكتابة وتوضيح ما جرى، في تمام الساعة الواحدة ظهراً من يوم الخميس، وعلى امتداد شارع القصر جنوباً، قبالة المدخل الشمالي لحديقة القرشي تحديداً جرت عملية السطو، بصورة مباغتة احترافية، وكل ما أتذكره أنني التقطت ظل دراجة بخارية في مرآة السيارة، انعطفتُ منها يميناً ومن ثم يساراً وتوقفت على الرصيف، عند بائع الكفتة غرب حديقة القرشي، اختفت الدراجة من سطح زجاج المرايا الثلاثة، في الأيام الأخيرة كنت أشعر بأنني مراقب، تطاردني الأشباح، من كثرة الحكاوي التي قرأتها عن النهب والاحتيال والضرب، الأجندة تحتشد ببضع مشاوير، أجندتي اليومية، بنك الخرطوم، فندق براديس لتغطية احياء ذكرى رحيل نجوى قدح الدم، وعصراً زيارة مقر اعتصام العدالة في النيابة العامة للمطالبة بتحرير معمر موسى وميخائيل من الحبس المتطاول، ثم لا شيء بعد، الأجواء خريفية غير ممطرة، سحب مغبرة تحوم في دوائر بطيئة، تجار الدولار يتجشأون فارق السعر الحكومي متقطع الأنفاس، صور حميدتي من أنقرة ببدلته الكتانية الزرقاء الأنيقة اجتاحت السيرفر. والحكومة نصفها في جوبا، وحاضنتها في حُضن البرهان، خليط من الذبذبات المتداخلة، صوت شيخ الزين، موجز نشرة الأخبار المُكررة، مكثت ركشة غير بعيدة، انطلق منها النور الجيلاني بصوته الملوّع، “جمب الغابة الوردية.. فيفيان،” وعند هذا الاستغراق بالضبط اصطدمت بي الدراجة البخارية من الخلف، ترجلت من السيارة، وقبل أن اتفوه بكلمة بدا أحدهم بالأمساك بقميصي وقام الأخر بخنقي بعد أن نزل من الدراجة التي كانت دون لوحة خلفية، الذي أمامي بدا بسحبي بعيداً عن السيارة، شعرت بأن الحادث مفتعل وكذلك المشاجرة لشيء ما، أمسكت بقميصه بكلتا يدي أيضاً، سحب يده اليمنى بخفة واستل سكيناً، هنا أفلته، خشيت أن يتحول السلاح الأبيض إلى أحمر من الدم، تحررت منهما، لم يتدخل أحد من المارة، على مقربة صاح أحدهم ” تسعة طويلة ياخ” وانفجر ضاحكاً، أغاظني كثيراً، أصبحنا مثل الهنود في الأفلام السينمائية نجيد الفُرجة، فقدت توازني وسقطت على الأرض، هربت الدراجة البخارية، الذي على المقود شديد السمرة مربوعاً بلا لحية، والأخر لم اتبين ملامحه، عدت للسيارة، المفتاح بداخلها، قمت بتأمينها، لوهلة من الزمن لم يكن لدي تفسيراً لما جرى، بدأت استرجع التفاصيل، تفقدت الهاتف، لا أعرف أين وضعته، في جيبي أم داخل السيارة؟ يبدو أنني فقدته، بالفعل فقدته، نهبوه، قيمة ما بداخل الهاتف لا يمكن أن تعوض بسهولة، مقابلة صحفية مهمة جاهزة للنشر، تقارير استقصائية ، صور نادرة، مصادر وأرقام هواتف جمعتها على مدى سنوات، تلاوات نادرة أخشع لها في الصباح والمساء وعندالسفر، قمت بفتح بلاغ في قسم شرطة الخرطوم وسط بالرقم “٦٣٤”، قصصت فيه كل ما رأيته، الحمد لله أنني بخير .

عزمي عبد الرازق

‫3 تعليقات

  1. ان شاء الله تكون عرفت السبب.
    اعتقاد سؤ الظن هو الغالب في ان السبب معمر موسي الكيزان فاتو بس ديكتاتورية البوليتاريا والبرجوازين الجدد اشد وانكأ علينا .

  2. الف حمدلله على السلامة استاذ رمزي والجاتك في مالك سامحتك قصة السرقة والنهب دي شيلة من راسك انت مستهدف وتم مراقبتك لفترة طويلة للاسف الشديد لا يوجد أمن في الخرطوم الشرطة أصبحت جزء من المشكلة والدعم السريع أصبح اكبر مشكلة ناهيك عن الحركات التي تملا الازقة والميادين وهي لا تجيد اي شيء سوي الجلوس مع ستات الشاي ورصد الفتيات
    نصيحة ازرع كاميرا في السيارة ووصلها عن طريق الموبايل نظام واي فاي وكده تقدر تعرف الذين يترصدوك وتعرف كل من يقترب من السيارة سواء انت داخل السيارة او خارجها
    فكاميرات المراقبة مهمة داخل المنزل او المكتب أو السيارة نسأل الله أن يعجل بذهاب حمدوك واطفال قحت وبقية حركات النهب المسلح التي بغباء البرهان أصبحت حركات نهب مصلح وفقا
    لقانون الشرزمة التي تحكم البلد الان