بدء محاكمة المتهم اليوم وغرامة كبيرة بانتظاره.. صفعة ماكرون لم تكن الحادثة الأولى مع رئيس فرنسي
ما تزال الصفعة التي تلقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على وجهه خلال رحلة إلى منطقة دروم، يوم الثلاثاء 8 يونيو/حزيران الجاري، تثير الكثير من النقاش داخل فرنسا وخارجها، حيث شوهد فيديو الواقعة في مناطق العالم المختلفة. وهتف الشخص الذي صفع ماكرون “تسقط الماكرونية”، قبل أن يتدخل أفراد الأمن بسرعة لإبعاد ماكرون وطرح الرجل أرضا. ولم تكن الصفعة الأخيرة الواقعة الأولى من نوعها بالنسبة لماكرون، فعندما كان وزيرا للاقتصاد، ضربه متظاهرون معادون لقانون العمل بالبيض في مونتروي في 6 يونيو/حزيران 2016. وعندما كان مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية في عام 2017، ألقي البيض على وجهه في معرض الزراعة، وقال آنذاك إنه “جزء من الفولكلور”. وفي تصريح للرئيس الفرنسي لصحيفة لودوفين ليبير المحلية، قال “يجب وضع هذه الحادثة في سياقها، هذا حادث فردي”. ماكرون سبق وتعرض لحوادث خلال لقاءات مع غاضبين في سنوات سابقة (رويترز) المتهم وصديقه واعتقلت الشرطة منفذ “الصفعة”، واسمه داميان تاريل، 28 عاما، ويعيش في سان فالييه بمدينة دروم وليست لديه سوابق جنائية. وداميان، هو رئيس الاتحاد الأوروبي لفنون القتال، ويظهر شغفه بالفروسية في صورة نشرت له على إنستغرام وهو يرتدي ملابس الفارس وبجانبه سيف. ومما يفسر شغفه ما قاله في الفيديو “مونتغوا سانت دوني!”، وهي صرخة لحشد الجيوش الملكية الفرنسية. كما أنه يهتم لآراء الملكيين ويتابع عددا من المتطرفين اليمينيين على وسائل التواصل الاجتماعي، ويقال إن له ارتباطا بحركة السترات الصفراء، دون أن يكون عضوا في أي حزب أو نشاط. أما الشخص الثاني الذي اعتقلته الشرطة بسبب تصويره فيديو الواقعة، فهو صديقة ويدعى آرثر سي. وتقول أجهزة الأمن إنها عثرت على “أسلحة” في منزله، بما في ذلك مسدسات وأسلحة بارود تاريخية وبنادق وسيف، فضلا عن كتاب “كفاحي” لأودلف هتلر. وتواصلت الجزيرة نت مع شرطة التحقيق في مدينة دروم، وأشارت -بشكل مقتضب- إلى أن التحقيق ما يزال مستمرا لمعرفة دوافع الهجوم وأن المتهمين رهن الاعتقال وتحت المراقبة. وبالتالي، لم يتم تحديد العقوبة النهائية بعد، ومن المتوقع أن يحاكم المتهمين اليوم الخميس. ساركوزي نال النصيب الأكثر من حوادث الضرب من طرف المواطنين الغاضبين (رويترز) 45 ألف يورو ويمثل المهاجم اليوم الخميس أمام مكتب المدعي العام في فالنس، أليكس بيرين، لمحاكمته بتهمة العنف على شخص يتولى السلطة العامة. أما المشتبه به الثاني(بحسب الجزيرة) فلن تتم محاكمته بالوقائع المرتكبة ضد إيمانويل ماكرون، لكن سيستدعى للمحكمة العام المقبل لمحاسبته على “الجرائم المتعلقة بحيازة أسلحة بشكل غير قانوني”، وفق ما أوضح المدعي العام. وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية الوطنية ألغت “تهمة إهانة رئيس الدولة” في عام 2013، بعد أن أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا لاستخدامها هذه التهمة. عنف وقال المحامي الفرنسي ألكسندر أوندريه للجزيرة نت إن ما حصل يعتبر عنفا يمكن أن يحصل مع أي شخص عادي. وبحسب قانون العقوبات للمادة 222ـ13 “يعاقب على العنف الناجم عن عدم القدرة على العمل لمدة تقل عن ثمانية أيام أو ما يعادله بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 45 ألف يورو عند ارتكابها”. ويشرح المحامي أوندريه أنه في حال وجود ظروف مشددة، أي عندما يكون المتضرر ينتمي إلى السلطة العامة، مثل القاضي أو رئيس الدولة أو وزير أو رئيس بلدية، ترتفع العقوبة إلى 5 سنوات وغرامة قدرها 75 ألف يورو. الراحل جاك شيراك تعرض لمحاولة اغتيال في 2002 (الأوروبية) وإذا ثبت على الشخص أنه تعاطى الكحول، فسيكون هذا ظرفا مشددا ثالثا، وفي هذه الحالة قد تصل مدة السجن إلى 7 سنوات ودفع غرامة قدرها 100 ألف يورو. لكن من الناحية العملية، ليس من المؤكد أن المشتبه به، في حالة محاكمته وإدانته، سيعاقب بهذه العقوبة الشديدة. ويقول البعض في الشارع الفرنسي إن اعتقاله قد يستمر بضعة أيام ثم يطلق سراحه حتى لا يحصل الرئيس ماكرون على انتقادات هو في غنى عنها أساسا. مساندة وتفاعلت الطبقة السياسية بأكملها مع حادثة الصفعة التي تعرض لها إيمانويل ماكرون. فقد قال رئيس الوزراء جان كاستكس “لا يمكن للسياسة أن تكون عنفا أو عدوانا لفظيا، أو حتى عدوانا جسديا بأي حال من الأحوال. نحن جميعا معنيون، ويتعلق الأمر بأسس ديمقراطيتنا”. وانتقدت زعيمة حزب اليمين المتطرف مارين لوبان الحادثة، بالإضافة إلى فابيان روسيل، السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، ورئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، والرئيس السابق فرانسوا هولاند. حالات سابقة وسبق إيمانويل ماكرون رؤساء آخرون أو مرشحون للإليزيه تعرضوا للهجوم اللفظي أو الجسدي في السنوات الأخيرة، ويمكن القول إن نيكولا ساركوزي أخذ النصيب الأكبر. ففي 30 يونيو/حزيران 2011، انتزع موظف بلدية، ويبلغ من العمر 32 عاما، سترة الرئيس ساركوزي الذي كان يلقي بالتحية على سكان بلدة براك الفرنسية. واعترف في وقت لاحق أنه كان يريد أن يخبر رئيس الدولة أن عليه “الاستماع إلى الأشخاص الذين انتخبوه”. وتلقى عقوبة بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ. وقبل ذلك بسنة، تعرض ساركوزي لهجوم لفظي من شاب، يبلغ من العمر 21 عاما، أثناء زيارته لمدينة لا كورنوف وشتمه قائلا “اذهب عليك اللعنة أيها الأحمق، أنت هنا في منطقتي”. وأصيب الرجل أثناء اعتقاله من قبل الشرطة وحكم عليه بالسجن لمدة 35 ساعة في خدمة المجتمع بتهمة إهانة رئيس الدولة والشرطة. أما في عام 2007، فقد نظم صيادون غاضبون احتجاجات بسبب ارتفاع أسعار الديزل أثناء زيارة ساركوزي إلى جيلفينيك وشتمه أحدهم ولم يتردد في القفز على الحاجز باتجاه الرئيس قبل أن يتم اعتقاله من الأجهزة الأمنية. لكنه لم يحاكم في الأخير. وفي 14 يوليو/تموز 2002، نجا الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك من محاولة اغتيال حاول تنفيذها ماكسيم برونري، 25 عاما، الذي كان يحمل بندقية مخبأة في علبة قيثارة خلال العرض الرئاسي في جادة الشانزيليزيه بمناسبة العيد الوطني. ولم تصل الطلقة إلى الرئيس وحكم على برونري في ديسمبر/كانون الأول 2004 بالسجن 10 سنوات، ثم أطلق سراحه في أغسطس/آب 2009. وقال في إحدى وسائل الإعلام إنه أراد إنه أراد القيام بفعل شيء “تاريخي”. وفي 4 مارس/آذار من العام ذاته، تعرض الرئيس جاك شيراك “للبصق” في منطقة مانت لا جولي عندما كان يقوم بالجولة الثانية حول موضوع الأمن خلال حملته الرئاسية. كما تعرض سياسيون آخرون لحالات اعتداء مماثلة، مثل رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، الذي كان مرشحا للانتخابات التمهيدية اليسارية حينها، وتلقى “صفعة” في 17 يناير/كانون الثاني 2017 في بريتاني على يد شاب حكم عليه بالسجن 3 أشهر. وعلق فالس على ذلك قائلا “يوجد دائما من يحاول منع الديمقراطية من التعبير عن نفسها”. أما في مدينة ستراسبورغ، فقد أفرغ رجل كيس دقيق على رأس ومعطف رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون قائلا “49.3 لا ننسى”، مشيرا إلى المادة 49.3 من الدستور التي استخدمها فالس 6 مرات لتمرير قانون ماكرون وقانون العمل دون تصويت النواب. وفي عام 2002، تم رش الكاتشب على المرشح الرئاسي ورئيس الوزراء ليونيل جوسبان من قبل شابين قبل إلغاء الخطاب في مدينة رين. الجنرال ديغول نجا من محاولة اغتيال بسبب قبوله مسار استقلال الجزائر (غيتي) تاريخ “الصفعة” وتحولت الصفعة إلى جريمة ترمز إلى الذل، وظهر هذا المفهوم في عهد الجمهورية الرومانية. ثم تحول هذا المفهوم إلى “جريمة” لإهانة شخص رئيس الدولة ليتم إدراجه في عام 1881 في المادة 26 من قانون حرية الصحافة. وفي فترة حكم الجنرال شارل ديغول، تم الحكم على 350 شخصا، معظمهم من الصحفيين والكتاب، خلال 9 سنوات. وقبل حوالي 59 عاما، نجا الجنرال ديغول، رئيس الجمهورية آنذاك، بأعجوبة من هجوم بيتي كلامارت في 3 يوليو/تموز 1962، وهو العام نفسه الذي وقعت فيه اتفاقية إيفيان لإضفاء الطابع الرسمي على استقلال الجزائر.
الخرطوم كوش نيوز