يوسف السندي يكتب الشرعية الثورية هل تعصم الحكومة الانتقالية
طيلة ثلاثين سنة لم يرتق عمر البشير في أذهان المواطنين إلى مرتبة رئيس دولة شرعي، كان دوما هناك حاجز ضخم بين البشير والرئاسة الشرعية في نفوس الناس، هذا الحاجز هو وصوله إلى السلطة عبر الدبابة، طيلة فترة حكمه كانت معركة البشير الاولى هي معركة اكتساب الشرعية في نظر الشعب، وهو ما كان صعبا للغاية، إذ ظل كل مواطن حتى وإن خرج وهتف في الطرقات للبشير يملك في داخله يقينا راسخا بأن هذا الرجل ليس رئيسا شرعيا وإنما رئيسا مغتصبا للسلطة، لذلك ظل سؤال الشرعية يقض مضجع البشير وجماعته، وسعوا بكل الطرق للاجابة عليه، بالحوار مع المعارضة، بالسلام مع الحركات المسلحة، بالانتخابات المزيفة، فعلوا كل شيء ولم يكسبوا الشرعية حتى سقطوا بالثورة.
سؤال الشرعية من اعقد الأسئلة في النظم السياسية عبر التاريخ البشري، الإجابة عليه كانت هاجس كل الازمان، منذ أيام أثينا القديمة، التي بحثت في أمر شرعية القيادة، مرورا بكل الممالك والدويلات والامبراطوريات عبر تاريخ الامم، في كل زمان كان هناك سعي محموم نحو اكتساب شرعية الحكم، في سيرة الاسلام يمكن ان نرى صراع الشرعية بين الإمام علي كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان، صراع العباسيين والامويين، في تاريخ السودان صراع الشرعية في مملكة سنار، صراع الشرعية بين الإمام المهدي وشيوخ الدين في السودان التركي، وصراع الشرعية بين الاشراف وخليفة المهدي، وهكذا في تاريخ كل أمة ودولة وشعب يظهر أن سؤال الشرعية هو الأكثر إثارة للمعارك والخلاف في عالم الحكم والسياسة.
في العصر الراهن وصل الإنسان إلى إجابة آنية لسؤال الشرعية، وهي اكتساب الحكم عبر انتخاب الجماهير، وهذا ما يسمى بالديمقراطية، هذا التعريف حرم جميع الشموليين والدكتاتوريين من شرعية الحكم، وجعلهم في نظر الجماهير مجرد مغتصبين للحكم وان لم تعلن الجماهير هذا صراحة. سؤال الشرعية يظهر بصورة حادة دوما حينما يفشل الرئيس في إنجاز الأهداف التي تحقق رفاه وتطور المجتمع، كلما يأست الجماهير وأحبطت كلما ارتفاع سؤال الشرعية في وجه الحاكم وظهرت شعارات مثل (الشعب يريد إسقاط النظام ) و (تسقط بس)، اذا كانت شرعية الحاكم عالية فإن هذه الشعارات ستظل محصورة في دائرة ضيقة ولن تجد دعما جماهيريا كثيفا يحولها إلى ثورة، فالجماهير ليسوا قطيعا أعمى، وإنما هم مجموعة من العقول تعيش مع بعض بصورة اجتماعية، وتكتسب خبراتها من الممارسة والتجربة والعلوم، وجميع هذه المصادر لا تؤيد حراك الجماهير نحو نزع الشرعية من شرعي.
هذه الأيام ومع زيادة الأزمات الاقتصادية يتصاعد هنا وهناك سؤال الشرعية ضد الحكومة الانتقالية، لا تملك الحكومة الانتقالية شرعية ديمقراطية -وهي أرفع أنواع الشرعيات، ولكنها كذلك ليست حكومة مغتصبة للحكم فاقدة تماما للشرعية كما كانت حكومة الانقاذ، هي مرحلة وسطى فهي حكومة اكتسبت شرعيتها من ثورة شعبية ضد نظام حكم غير شرعي، وظيفتها الاهم قيادة البلاد نحو الشرعية الديمقراطية. لذلك ستواجه الباحثين عن إسقاط حكومة الثورة عقبات إقناع الجماهير بعدم شرعية هذه الحكومة حتى تثور عليها، لأن المناداة بالثورة هذه المرة لن تكون ضد نظام فاقد للشرعية بالكلية كالانقاذ وانما ستكون ضد نظام جاء بالثورة ايضا، فهل ستثور الثورة ضد الثورة؟!! هل هذا موضوعي؟! استنتاجنا هنا هو ان سقوط الحكومة الحالية يبدو متعذرا بثورة جديدة، ولكنه ليس متعذرا اذا طالبت الجماهير بالانتخابات المبكرة التي سترفع الشرعية الثورية إلى شرعية ارفع هي الشرعية الإنتخابية، أو تضغط الجماهير لإنشاء مجلس تشريعي انتقالي يملك سلطة إقالة الحكومة فيقوم بإقالتها، ويعاد تشكيل الحكومة الثورية بصورة مؤسسية من داخل الثورة نفسها.
صحيفة السوداني
فسرت الماء بعد الجهد بالماء كان ابرك لك ان تدعو لانتخابات يمقراطية باشراف ورقابة دوليه من اللك والعجن البتقول فيه ده اوانك تخشا من الديمقراطية ان لا تاتي علي هواك ياقحاطي