عبد الله مسار يكتب : ديمقراطية تتريس الشارع (٢)
كتبنا في مقالنا ديمقراطية تتريس الشارع (١)، أن العالم المتحضر يحتج على حكومته بطريقة حضارية لا تؤثر على الحياة العامة، ولا تدخل في حقوق وحريات الآخرين، بل يمنع استعمال الممتلكات العامة كوسيلة احتجاج مثل قفل الطرق او حرق اللسانك او تخريب المؤسسات العامة او الاعتداء على المركبات العامة ودور الحكومة، بل يمنع الاعتداء على ممتلكات المواطنين بأي وسيلة، ويمنع التخريب ويحاسب على ذلك القانون، بل اذا اريد التعبير عبر المظاهرات والمسيرات يجب ان يكون بإذن وتحديد زمان ومكان المظاهرة ووقتها ومنتهاها والغرض منها والمشاركين.
ولذلك اعتقد ان الطريقة التي درج عليها المتظاهرون منذ قيام الثورة وحتى الآن كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج، عقيمة ومضرة للمواطن والوطن، وايضاً عائق كبير في الحركة وهي عقاب للمواطن وليس للحكومة، بل تعطل دولاب الحياة والعمل وتُوقف العمل في كل المؤسسات وتضر بالانتاج، وتجعل الحركة العامة مشلولة، بل تكلف المتنقل عبئا كبيرا في الوصول الى مكان محله ويضطر ان يستعمل الطرق الجانبية وداخل الاحياء،
والذين يقومون بهذا العمل شباب صغار سن وعدد محدود ويشرف عليهم ناشطون حزبيون.
وعليه، اعتقد ان هذه الطريقة ليست الطريقة المثلى للاحتجاج، ويمكن ان تخرج مظاهرات وتذهب الى اماكن صنع القرار وتعبر عما تريد وتنفض.
واعتقد، ان اسقاط الحكومة رغم خلافنا معها بهذه الكيفية عقيمٌ وضارٌ، صحيح ان حكومة الانقاذ سقطت بالمظاهرات والمسيرات،
الآن يمكن ان تقوم مظاهرات ومسيرات ووقفات احتجاجية، ولكن لا تؤثر على حياة المواطنين وحركتهم ولا تعتدي على حقوقهم وممتلكاتهم.
واعتقد، ان وسيلة محاسبة الحكومة عبر تتريس الشارع العام لا تضر الحكومة بقدر ما تضر المواطن. ولذلك يجب ان نفرق بين معارضة الحكومة واسقاطها والضرر البالغ الذي يقع على المواطنين.
نحن ضد هذه الحكومة واحزابها و”قحت” واخواتها، ولكن نرغب ان نرى معارضة مسؤولة، وان يسلك مسلكاً يسقط الحكومة دون ان تتضرر الحياة العامة.
أعتقد، ان ديمقراطية تتريس الشوارع هذه عقيمة واثرها بالغ علينا جميعاً، وعلى الوطن الدولة والحكومة والشعب والارض.
قطعاً حال البلاد من سيئ الى أسوأ منذ قيام الثورة ومنذ حكومة د. حمدوك الاولى والى هذه الحكومة، واعتقد ان المشهد الآن عقّده خروج الحزب الشيوعي منها، وكذلك بعض لجان المقاومة والثوار وهم سداة هذه الحكومة وسدنتها. وأعتقد ان الحكومة تتعامل في الشأن العام بعدم اهتمام وكذلك بمبالاة شديدة وكأن الامر في الشأن العام لا يعنيها وخاصة في قضايا المعيشة والخدمات وهموم المواطنين والغلاء وارتفاع الاسعار، بل يشعر المتابع لشأنها انها وصلت الى مرحلة الانسداد وليس لديها جديد تقدمه ولا حلول وبدائل مع ان هنالك حلولا كثيرة لما نحن فيه،
ولكن لان شعار الحاضنة الحرية والتغيير الكنكشة والسيطرة على الوظائف والانفراد بالحكم وعزل الآخرين، بل ما دايرين شخص يقرب للحكم وادارة الشأن كأنما الدولة صارت ملكاً خاصاً لهم (شركة خاصة)، ولذلك فشلوا لانهم احتكروا القرار وصاروا هم المالكون للعمل العام، وابعدوا كل السودانيين بحجج واهية (ديل كيزان) وديل دولة (عميقة) وهؤلاء مفسدون، كل هذه الادعاءات مستعملة كوسيلة لابعاد الآخرين، وبهذا الفهم ابعدوا حتى صانعي الثورة. من ينكر ان الحزب الشيوعي لم يكن من صناع التغيير، وكذلك البعث السوداني (وداعة)، وكذلك الجمهوري (د. اسماء محمود محمد طه والاستاذ حيدر خير الله)، بل المؤتمر الشعبي والإصلاح الآن وحزب دولة القانون وغيرهم كثير وخاصة من فصائل اليمين، بل هنالك عدد كبير من لجان المقاومة والثوار ابعدوا، وسيطر على المشهد وتسيده حزب البعث (السنهوري) وحزب المؤتمر السوداني وتجمع الاتحاديين الديمقراطيين وبعض من تجمع المهنيين، وهؤلاء قلة وكذلك ليس لديهم ما يقدمونه لحكومة حمدوك غير الوظائف التي شغلوها من مجلس الوزراء، والمجلس السيادي، واللجان والولاة وحتى الخدمة المدنية.
إذن هؤلاء ليس لديهم الآن افق سياسي ولا حلول اقتصادية ولا وجود اجتماعي ولا مبادرات ولا ظهور إعلامي ولا عبر الوسائط ولا شئ يقدمونه لحمدوك وحكومته، ورافضون اي سوداني فردا او تنظيما او حزبا سياسيا او جماعة اجتماعية او منظمة مجتمع مدني تشاركهم الحكم وهم (عمد خالي أطيان).
إذن د. حمدوك في أزمة “ما عاوزين يتركوه يوسع قاعدة الحكم ولا قادرين يحلوا معه مشاكل السودان”.. هذا الحال لا يمكن ان يستمر، يعني البلد (مدقرة ومعشقة) مستحيل هذه الوضع يستمر، لا يمكن لحمدوك وحكومته و”قحت” المحدودة هذه ان يحلوا مشاكل السودان وهم فقط منتظرون القدر والغيب.. نحن نرفض تتريس الشوارع ولكن نرفض ان نظل تحت رحمة القدر.
أيها السادة
السيد علي السنهوري
والسيد عمر الدقير
والسيد محمد عصمت
والسادة تجمُّع المهنيين
أناشدكم أن تقدموا مبادرات وحلولا لازمة الحكم الآن، وانتم واحزابكم الآن الحاكمون والبلاد في وضع حياتي واقتصادي واجتماعي وامني وسياسي لا يُحتمل، وانتم واحزابكم تقع عليكم المسؤولية.. اسألوا انفسكم لماذا خرج من حكومتكم الحزب الشيوعي وهو شريكٌ اصيلٌ في التغيير وفي النضال، اغلب قياداته قابلناهم في السجون وبيوت الاشباح، ولماذا خرج محمد وداعة وبعض الجمهوريين وجزء من تجمُّع المهنيين وكذلك بعض لجان المقاومة والثوار، الذين اسقطوا البشير لاعتماده على شلة صغيرة.
الآن “انتم ماشين في نفس الطريق” رغم ان امامكم مجال واسع من الحلول وخاصة ان الازمة سياسية وحلها سياسي، مع رفضنا تام لديمقراطية تتريس الشوارع، ولكن نرفض هذه الكنكشة في الحكم واحتكار السلطة دون تقديم حلول لازمات الوطن وحياة كريمة للمواطن.
أما الإخوة في حزب الامة القومي يجب أن يقوموا بدور أكبر، لأنهم الحزب صاحب القاعدة والتاريخ، الآن هم خارج الحلبة.
أما الأخ د. حمدوك مع قناعتنا بقدراتك وكفاءتك، ولكن انسد الطريق أمامك، ويجب أن تقدم حلولا عاجلة، اولها ان توسع الحاضنة مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وان تقدم حلولا سياسية منها الدعوة لحوار وطني، والسعي لوفاق وطني ومصالحة وطنية شاملة وهكذا.
أما الإخوان البرهان وحميدتي يجب ان تساعدوا في حلول لهذه الازمة، الآن انتم متفرجون وتكالون كل الامر لحمدوك وحكومته ولقحت السلة الحزبية الصغيرة، وهذه فشلت وكمل العندها وتسير فقط بجاز المطافيء، ولذلك انتم شركاء في ادارة الدولة ويقع عليكم حفظ الامن، وسيادة الدولة يجب ان يكون عندكم دور اكبر.
أما إخواننا في الكفاح المسلح الذين وقعوا سلام جوبا، مطلوب منهم دور لان الامر ليس وظائف “شغلتوها”،
الامر همٌّ وطني وقومي وامر بلد في طريقه الى الانهيار.
ايها السادة الحاكمون مدنيين وعسكريين، سياسيين وحركات كفاح مسلح، الوطن في ازمة حقيقية، عليكم جميعاً ان تقدموا حلولا قبل الفأس يقع على الرأس، والحلول موجودة ومتاحة وبثمن زهيد، اليوم الحل الآن مجان او بثمن قليل، وغداً بثمن باهظ ولكم في الإنقاذ عبرة.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد
تحياتي،،،
صحيفة الصيحة
من يخرب الممتلكات المندسين من الفلول وأذنابهم النفعيين.. و لماذا لم تذرف دموع التماسيح حفاظآ علي ألمؤسسات العامة البعتوها للأجانب ورجال الأعمال الفاسدين بأثمان زهيدة وعمولات أضعاف مايدفعونه لخزينة الدولة..لذلك كلامك ده ما هو إلا دس للسم في العسل ياضبان تبع الليان..!