عثمان ميرغني يكتب “أين تسهر هذا المساء؟”
زمان في السبعينات وثمانينات القرن العشرين كانت الصحف السودانية تحرص على نشر باب ثابت في صفحاتها ، تحت عنوان “أين تسهر هذا المساء”.. ويحوي تفاصيل الأماكن والفعاليات التي تتيح الترفيه لسكان العاصمة بل والمدن الأخرى أيضاً..
مثلاً دور السينما والأفلام المعروضة فيها وأسماء أبطال الفيلم وربما صور بعضهم، المسرحيات التي تعرض في المسرح القومي بأم درمان وفي مسارح الأقاليم.. والحفلات الغنائية في العاصمة والأقاليم.. ويجد القارئ أمامه لوحة ملونة من خيارات الترفيه .. بما فيها حفلات خاصة في الأندية المختلفة والفنادق أيضاً..
وبعد أكثر من أربعين سنة، وبدلاً من أن تزيد الخيارات وتتنوع إذا بالعاصمة قبل الولايات يتحول ليلها إلى سكون قاتم، إلا من بعض الترفيه الفقير المكتوم، حلقات تلتف حول “ستات الشاي” في شارع النيل في أكثر منطقة تحتمل أجمل الخيال للترفيه الراقي.. أو على امتداد شارع النيل بأم درمان حيث أنتج فقر الخيال شريطاً بعرض ثلاثة أمتار تتزاحم فيه حلقات الشاي الكسولة مع بعض الشباب الباحث بنهم عن بقعة ترفيه فيجلبون أي إناء يستخدمونه للإيقاع وهم يغنون جماعياً بما تيسر من أغاني الحقيبة..
المسرح القومي؛ الذي كان في الماضي يقدم أروع الأعمال المسرحية في مقام “نبتة حبيبتي” أو “خطوبة سهير” أصبح الآن أطلالاً بائسة شاحبة تحكي قصة الانهيار في الثقافة والنشاط الإبداعي للمجتمع السوداني..
حتى مسرح قاعة الصداقة الأفخم ، هو الآخر بلا جمهور ، لا سينما ولا مسرحيات ولا حفلات ولا حتى ندوات.
هذا المشهد الخاوي ليس وليد احترازات جائحة كورونا كما قد يحتاجج البعض، بل هو تشخيص لواقع باتت فيه الثقافة ضرباً من الكماليات التي لا تليق بشرف فقرنا المدقع.. بالله عليكم لماذا نسمي وزارة للثقافة ؟ هل هو مجرد “برستييج” مثل إبراز طرف المنديل في جيب البدلة الأعلى؟
المسألة لا علاقة لها بالأزمة الاقتصادية، بل على العكس غياب النشاط الثقافي هو من أسباب صناعة الفقر، فالثقافة تخلق وظائف عمل تضخ دماءً لشرايين الاقتصاد وتفتح بيوتاً كثيرة تعتاش على اقتصاديات الثقافة..
والأهم، أن الثقافة نشاط مجتمعي، لا تحتاج الحكومة للإنفاق عليه فالمجتمع وحده يتولى تمويله وللحكومة شرف التنظيم والتسهيلات الرسمية لا أكثر..
أين تسهر هذا المساء؟ مع ست الشاي أم في “المصطبة” أمام البيت مع شلة الأنس..
“
صحيفة السوداني
نحن شعب فقير ثقافيا وتنقصنا مفردة اللغه واصبح التخاطب ركيك بائس لا يعبر عن الفكره وذلك بسبب الفقر اللغوي والجهل فاستبدلت الفصاحة بالركاكه لذلك قل الانتاج الادبي والشعري والتاليف عكس ما كان عليه الحال في السبعينات و الثمانينيات من القرن الماضي حيث كان تدريس اللغة العربية ياخذ طابع الصرامه كما هو حال باقي المواد، غير الندوات الادبيه والمطارحات الشعريه في المدارس الثانوية وحتي برامج التلفزيون علي شاكلة فرسان في الميدان للمذيع القدير صاحب الصوت المميز حمدي بدرالدين رحمه الله