عثمان ميرغنى يكتب الأسئلة الصعبة
حديث المدينة .. الأسئلة الصعبة..
عثمان ميرغنى
تلقينا دعوة من قيادة القوات المسلحة لحضور لقاء صحفي أمس بمقر قيادة الأركان المشتركة بالقيادة العامة بالخرطوم. تحدث فيه الفريق الركن منور عثمان نقد الله ، الرجل الثالث في هرم قيادة الجيش، والفريق الركن عصام الدين كرار قائد القوات البرية السودانية، واللواء الصادق محمد مدير التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة.
لم يكن واضحاً لنا مناسبة وموضوع الدعوة إلى أن شرح لنا الفريق منور أن الجيش يخطط في احتفاله بعيده الـ”67″ يوم 14 أغسطس 2021 أن يجعله مناسبة لتقريب المسافة بين الشعب والجيش بعد المخاضات العسيرة التي تمخضت عن حالة تباعد نفسي بين الطرفين.
ومن بين المقترحات أن تقام فعاليات مختلفة منها حملة للنظافة وجمع النفايات تشارك فيها أليات الجيش وليالي فنية و أسواق خيرية وغيرها.
في مداخلتي قلت لهم؛ ما وصلت إليه العلاقة بين الشعب والجيش لا تعالجها مثل هذه الفعاليات مهما صرف فيها من مال وجهد، فهي علاقة تحتاج إلى عملية جراحية داخل غرفة العمليات وليس مجرد جراحة مناظير أو بالليزر..
اقترحت لقيادة القوات المسلحة أن يكون عيد الجيش مناسبة للاحتفال بذكرى لجوء الشعب إلى جيش وطنه عندما اعتصم الشعب السوداني نساء ورجالاً وحتى الأطفال في ساحة القيادة العامة – قبل سقوط النظام البائد- ورغم الهجمات الليلية عليهم كان الجيش يحميهم على الأقل معنوياً، إلى أن استجاب الجيش لطلب الشعب وتدخل وأنهى ليل النظام البائد.
أقترحت أن يسمح للشباب العودة لرسم الجداريات التي تمجد تلك العلاقة بين الشعب والجيش في تلك الأيام التاريخية العظيمة، بل وأن يوضع حجر أساس لبناء نصب تذكاري في ساحة الاعتصام وربما متحف لاحقاً ويصبح المكان مزاراً خاصة لضيوف بلادنا الأجانب من رؤساء الدول والشخصيات الرفيعة.
حجة الفريق منور أن الموقع حساس وقد لا يحتمل المخاطرة لأن هناك نوايا آخرى لآخرين قد تستغل الأمر.. و في تقديري رغم وجاهة الحساسيات الأمنية ، لكنه بالضبط عين “الجراحة” المطلوبة، فمن الممكن أن يكون تدشين الموقع والمزار والنصب التذكاري بدعوات محدودة لممثلين للثورة.. حتى ولو من الأحزاب والقيادة التنفيذية فقط.. فلا يشترط أن ينزل الشعب كله إلى ساحة القيادة طالما لا تزال التحسبات الأمنية والهواجس موجودة.. لكن في النهاية عندما يكتمل إصلاح المنطقة وتتحول إلى ساحة جميلة نظيفة ويمر بها الناس في غدوهم ورواحهم ستنبت بها بذرة محبة وتواصل نفسي بين الشعب والجيش، خاصة عندما يرى الشعب ضيوف بلادنا من السياح والزائرين الرسميين وهم يلتقطون الصور التذكارية في ساحة القيادة العامة..
بصراحة و (من الآخر كدا) هذا الاقتراح إن لم تنفذه قيادة القوات المسلحة الحالية فسيأتي يوم تنفذه قيادات لاحقة.. وعندها سيتحول إلى مرافعة ضد الذين كان في يدهم أن ينفذوه ولم ينفذوه خشية إملاق سياسي..
صحيفة السوداني
اصبت يا باشمهندس.