محجوب مدني محجوب يكتب:《وإن يكن لهم الحق…》
محجوب مدني محجوب
إن قيم العدل لا تتجزأ بحيث نجعلها مرة مطلوبة ومهمة، ومرة نجعلها مهملة وغير مهمة.
كما أن الظلم واحد في كل الأحوال، وكذلك الفساد.
ليست لهما رائحة زكية إطلاقا.
رائحتهما في كل الأحوال نتنة ومميتة.
لا ينبغي أن نطلب العدل فقط حينما نكون مظلومين، ولا ينبغي أن نشتكي من الفساد فقط حينما نتضرر منه.
إذا كنا نريد أن نمنح مؤسساتنا القضائية الهيبة والثقة، وأن نضعها في مكانها الصحيح، بحيث تستطيع أن تقوم بفصل جميع القضايا.
يجب علينا أن نطلب العدل حينما نكون في موقف القوة، كما يجب علينا أن نرفض الفساد حينما يطال غيرنا حينئذ سوف نضع مؤسساتنا القضائية في مكانها الصحيح.
أما نسكت عن الظلم والفساد، ولا نهتم به حينما يوجه إلينا، ولا يرتفع صوتنا ويعلو إلا بعد أن نكون مظلومين، وإلا بعد أن نكون بعيدين عن الفساد، فلا نعتبر أنفسنا حينئذ ندافع عن العدل، وإنما ندافع عن أنفسنا، كما لا نرفض حينئذ الفساد، وإنما نرفض من هو ضدنا.
بمثل ما جاء في أمثالنا السودانية المعبرة( جلدا ماهو جلدك جر فيهو الشوك).
الذين يهمهم (البشير وصحبه) هل كانوا سيرفضون قرار محكمة الجنائية الدولية بهذا الحجم إن وقع على غيرهم؟
أم كانوا سيقولون فليذهب كل من يخالفنا إلى الجحيم؟
هل لو كان الأمر معنيا بغيرهم هل سيأخذ منهم كل هذا الرفض والهجوم؟
الحقيقة المرة هي أن إهانة القضاء السوداني لا نهتم بها إلا حينما تكون إهانة لنا.
وليست حينما تكون إهانة للعدل.
هل كانت تهمنا نزاهة القضاء؟
هل كان يهمنا أخذ الناس حقوقها؟
نحن أصابنا النسيان ومرض(الزهايمر).
فليذكر لنا التاريخ السوداني سابقة قضائية واحدة وقف فيها القضاء، وتحدى فيها نظام الحكم، وقال قولته فيها؟
هل قضاء البشير كان منفصلا عن سياسته ومستقلا عنها؟
أم كان داعما لها باسم (سيادة الوطن) و(الأمن القومي)؟
تموت كل القضايا وبدون استثناء من أجل بقاء الحكم.
لم يفلح قضاؤنا إلا في القضايا التي من مثل سرقة عامل لمروحة بأحد عنابر المستشفيات لو تذكرون.
وأيهما كانت له القوة والمنعة والإمكانيات القضاء أم أجهزة الأمن؟
وأيهما مقدم على الآخر في فصل القضايا؟
ضاع قضاؤنا باسم (سيادة الوطن) و(الأمن القومي). وعجرفة أجهزة أمن الدولة.
كم من خط قالوا عنه أنه أحمر أمام جهاز قضائنا؟.
ويأتي اليوم من يتحدث عن إهانته.
لا أحد أهان جهازنا القضائي غيرنا.
إن كنا نريد أن نقيم العدل، فلنتحدث عنه، ونحن في موضع المسؤولية لا في موضع المظلومين.
وإن كنا نريد أن نزيل الفساد، فلنتحدث عنه ونحن نمارسه لا نتحدث عنه وهو يمارس علينا.
إذا تحدثنا عن الظلم ونحن مظلومون، فكل حديثنا سوف يرتبط بمصلحتنا.
وإذا تحدثنا عن الظلم ونحن في موضع القرار والمسؤولية فسوف يرتبط كل حديثنا بالعدل.
لماذا كل هذا الاحتجاج على الجنائية؟
هل لأننا نخشى إهانة المسلم؟
إهانة المسلم طيلة سنوات حكم أجهزة الأمن أليست إهانة؟
إن القضاء عندنا في السودان بين فكي مفترس.
الأول: الإغراء وشراء الذمم.
الثاني: التهديد وإخافة من ينطق بالحق.
هذا إذا تجاوزنا الذين يتولون فيه مناصب لأغراض وأهداف سياسية.
هل سألنا أنفسنا لماذا تكثر الاعتذارات من القضاة لمواصلة مهامهم، ويتحججون بأعذار واهية؟
الحقيقة التي يدركها كل سوداني هي أنه لو كان في مكان (البشير وصحبه) في السجن، فسوف ينتظر حكم القضاء السوداني وهو نائم غرير العين مطمئن ألا أذى سيصيبه.
ف(المؤتمر الوطني) بممارسته الخبيثة أثناء الحكم حيث لم تغلبه وسيلة إغراء كما لم تغلبه وسيلة تهديد.
فلن يجلس الآن منتظرا مكتوف الأيدي؛ ليأخذ القانون مجراه.
فإن كان هو لم يفعلها وهو قوي هل سيفعلها وهو مسجون ضعيف؟
الحقيقة المرة ليست في لجوئنا ونجدتنا بمحكمة الجناءات الدولية.
الحقيقة المرة هي أننا لا ندافع عن المظلوم إلا إذا كنا مسجونين، ولا نحارب الفساد إلا إذا مارسه غيرنا.
هذه هي الحقيقة المرة التي ينبغي أن نقر بها.
تحدث الإنقاذيون عن سياسة التمكين وكأنهم لا يعرفونها.
وتحدثوا عن التعيين بلا وجه حق، وكأن هذا الأمر لا علاقة لهم به.
إن القضاء الذي لم ينفصل إطلاقا عن السلطة السياسية، فإن نتيجته الطبيعية هي عدم براءة البشير من التهم الموجهة ضده إلا إذا حوكم في (لاهاي).
كما أن العادة جرت على أن يكون الغرب شاهدا على نزاهة كل أعمالنا.
فانتخاباتنا لن تكون نزيهة إلا عبر مراقبة فريق دولي.
واتفاقياتنا في السلم والحرب لن تكون معتمدة وملزمة للطرفين إلا عبر فريق دولي.
هكذا تعودنا ألا عهد لنا وميثاق إلا عبر ضمانات دولية.
فكيف تريدوننا أن نقتنع بمحاكمة البشير محاكمة نزيهة عبر قضائنا؟
من أين نأتي لقضائنا بهيبة؟
وهيبته أضاعها الحكام.
هذا القضاء الملوث إما نتيجة إغراء وولاء لجهة معينة أو نتيجة تهديد وخوف من جهة معينة.
إذا أردنا أن نعيد للقضاء هيبته ومكانته، وإذا أردنا ان نزيل عقدة (الخواجة) منا، فلا يتم ذلك من خلال النوح بالظلم عندما نظلم فقط، ولا يتم بالصراخ بالفساد حينما نكون غير مسؤولين فقط.
نثبت هيبة القضاء ونزيل عقدة (الخواجة) حينما نهتم بالعدل ونحن مسؤولون .
نثبت هيبة القضاء ونزيل عقدة (الخواجة) حينما نرفض الفساد ونحن على موقع المسؤولية.
لن ينفعنا استشهادنا بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي ننتقيها فقط حسب حالنا.
إن الحالة السمجة التي تسيطر علينا يعبر عنها القرآن الكريم في معنى آخر في قوله تعالى:
{وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون(٤٨)وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين(٤٩) أفي قلوب مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون(٥٠)} سورة النور.
صحيفة الانتباهة
ليس هناك حقيقه مره الا انت..من قال لك ان من يرفضون المحكمه الجنائيه يدافعون عن البشير…اليس من حقى كسودانى ان أرفض تسليم سودانى اخر لاجنبى(خاصه اذا كان رئيسا للبلاد ويحمل كل الاسرار)..لقد طبعت بلادى مع إسرائيل وانا لم أكن راضيا وقد تكون انت راضيا فهل هذا يعطيني الحق باتهامك بمهادنة اليهود..لايااخى هذا رايك وذاك رأيي والفيصل فى ذلك هو الاستفتاء والا تكون قد مارست دكتاتورية علي لان بيدك القوة.