مقالات متنوعة

سليمان الماحي يكتب: السودان يخسر مياه الأمطار


لا حديث الان لأهل القرى وسكان المدن على امتداد بلادنا إلا عن مياه الأمطار التي انكبت عليهم هطولا بغزارة من السماء وتدفقت سيولا هادرة أرضا ودخلت البيوت واستقرت فيها ودمرت بعض المساكن وأتت على الكثير من الممتلكات وضاعفت من المتاعب الصحية والمعيشية وتركت الناس في حيرة من أمرهم وهم يواجهون المصيبة التي تحل بهم في كل خريف ولا يجدون لها حلا ولا مواساة .

في موسم الخريف من كل عام ينعم الله على السودان بأمطار تهطل بغزيرة وتخلف وراءها ثروة مائية ضخمة تغطي مساحات شاسعة وتبقى أياما بل شهورا قبل ان تجف و تذهب هدرا سواء بالجريان في فضاء الأرض الواسعة أو تبخرا بفعل عوامل التعرية عندما تتعرض لتيارات الهواء وحرارة الطقس بينما يكون الوطن هو الخاسر الأكبر في مسألة مياه الأمطار .

نقول الخاسر الأكبر لأن السلطة المؤقتة الحالية وأيضا غيرها من الحكومات التي سبقتها لا تهتم بثروة مياه الأمطار الضخمة وكل ما هناك من جهد فعلت يتم تصنيفها كمشكلة بيئية تعيق حركة السير وتلوث البيئة المجتمعية بالمياه الراكدة وأحيانا ينظر اليها على انها معضلة تعيق دولاب العمل العام والخاص وأما بخصوص استثمارها فهو الشيء الذي لا يزال غائبا عن رؤية السلطات وان كان ذلك هو الأكثر أهمية نظرا لارتباطه بالاقتصاد والتنمية ومعيشة الناس .

واللافت ان الجهود المأمولة لحماية مياه الأمطار من الهدر جريانا أو تبخرا والاحتفاظ بها لفترات طويلة لا تقوم على المشقة العملية أو التكلفة لأنها تكون عبارة عن حفائر تبنى بمواد أسمنتية ثابتة أو ترابية علاوة على تحويل الأراضي التي روتها مياه الأمطار الى مسطحات عشبية يستفاد منها كمراع للثروة الحيوانية .

و ليس ثمة جدال من أحد بشأن أهمية المياه في بلادنا أيا كان مصدرها متدفقة من النيل أو تنبع من جوف الأرض أو تمطرها السماء فهي ضرورة ملحة ناجمة من كون ان السودان يتمتع جغرافيا ومناخيا وبالأراضي الخصبة الواسعة وهو الشيء الذي جعل مهنة الزراعة الحرفة الأكثر أهمية في المجتمع السوداني إلى جانب مشاريع الثروة الحيوانية .

ولطالما ان مياه الأمطار هي بتلك الأهمية الحياتية لقاطبة الشعب السوداني وتدعم بقوة الجهود المبذولة لتحقيق الأمن الغذائي فإن من الضرورة بمكان الحرص على عدم تركها تضيع هباء في الخلاء بل ينبغي أن تكون على سلم اهتمام السلطة المؤقتة وأيضا مشاركة القطاع الخاص وتركيز الجهود لاستثمارها كمخزون مائي استراتيجي عبر بناء مراكز تخزين على شكل الحفائر في مناطق هطول الأمطار ويكون من المفيد جدا بناء تلك الحفائر بمواد ثابتة لتكون دائمة وتفيد في تخزين كميات ضخمة من المياه لفترة طويلة إلى جانب تزويدها بأجهزة رصد تفيد في متابعة الكمية التي يتم تخزينها لتكون في متناول الاستخدام وقت الجفاف .

ووفقا للتقارير الإحصائية المتوفرة فان الأمطار التي تهطل على السودان تكون أشد غزارة مقارنة مع ما يهطل على دول حوض النيل بما في ذلك أثيوبيا وقد أفادت تلك الإحصائيات أن متوسط المياه من هطول الأمطار تبلغ 416 مم سنويا وبإجمالي 1093 مليار متر مكعب ويوجه أكثر مياه الأمطار إلى قطاع الزراعة المطرية .

وختاما نؤكد على ان المطلوب لمواجهة مشكلة ضياع مياه الأمطار الشيء الكثير من الاهتمام الحكومي القائم على الدراسة العلمية والعملية وان كانت الأخيرة أي العملية هي بسيطة و تتمثل في عمل الحفائر من المواد الثابتة أو على الأقل من التراب في المناطق التي تشهد هطول الأمطار الغزيرة بالاضافة لنشر المسطحات العشبية لتكون داعمة لجهود تطوير الثروة الحيوانية .

صحيفة الانتباهة


تعليق واحد

  1. با اخى سليمان الماحى اشاطرك الراى وان كان تصورك يقتصر فقط باهمية مياه الامطار والتى لم يستفد منها الوطن نعم والاسباب عديدة اولا واين الدراسات والخبرات المحلية والدولية لخلق برنامج وطنى للمياه الامطار والتى يتم تصريفها فى نهر النيل ومما يزيد الفيضان وهل يا ترى قيام خزانات ارضيه وايضا شق ترع موازية للعاصمه لتخزين وتفريغ تلك الامطار والاستفاده منها فى الزراعه والتشجير والغابات لاصلاح البيئة ووقف الزحف الصحراوى وهناك عدة سبل لاستفاده من تلك المياه الرحمه من الله ولكن ما ظلننا ننادى به اين العلم والمعرفه والابداع والتطور ولديك وزراء ومستشارين ويمتطون السيارات بالمليارات وما قادرين يوظفوها فى تلك الاعمال والدراسات من اجل مصلحة الوطن وليس لخدمة افراد وزراء همهم الراتب والمخصصات ولم يقدموا للوطن اى مردود نفعى واين عملهم بس كلام و كراسى ام انتاج ومن اخد الراتب حسب بالعمل والانتاج واين هو الان ؟ وكيف يبنى الوطن وقس على دلك شتى المشاريع المهمة وهى اولا السكة حديد والمطار والنقل البحرى ومن ثم الكهرباء والماء والتعليم والصحة ولم يحس المواطن باى تغير لانه الامر اصبح رواتب ومخصصات والله المستعان