اسماء جمعة تكتب التشريعي سقوط آخر لشركاء الحكم
مضى أكثر من سنتين على تشكيل حكومة الفترة الانتقالية، وبدلا من أن تتضامن الكيانات المشكلة لها والتي انكوت بنار النظام المخلوع وتتوحد وتأتي بمجلس تشريعي يساعدها في تغيير حال الدولة ويعضد اداءها ويعزز مسيرة الفترة الانتقالية بالرقابة والشفافية،تحولت جميعها إلى اعداء للشعب ولنفسها بسبب الأنانية والتكالب على السلطة وصراعات المصالح، واصبحت تخاف من تكوين المجلس التشريعي لعدم ثقتها في نفسها وخوفها من العمل في النور، وهي الآن تتآمر على الشعب مع سبق الإصرار والترصد.
الحرية والتغيير التي تبرعت بأن تكون حاضنة سياسية للحكومة اقرت بفشلها في تحديد سقف زمني لتشكيل المجلس التشريعي، وقالت إن الامر يعود لأسباب موضوعية، وهي ان نصف الولايات أو أكثر لم تستطع حسم اختيار مُمثليها، وأن بعض الولايات غير قادرة على تلبية شروط اختيار نسبة الـ(40%) المُخصّصة للنساء،وأن بعضها اختارت قوائم مرشحيها خالية من تمثيل النساء تماما مما أدى إلى إعادتها.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا، لماذا فرضت قوى الحرية والتغيير نفسها حاضنة سياسية للحكومة إذا كانت هي عاجزة عن ملء هذا المكان؟إذ يفترض أن أحزابها لديها من القدرة ما يسمح باختيار ممثليها ونوعهم وفورا،بل ويفترض انها قادرة على مساعدة الآخرين في الاختيار مثل لجان المقاومة والحركات،أليست هي أحزاب ولها تاريخ سياسي طويل،وإلا لأنها لم تتعلم شيئا من هذا التاريخ الطويل ومازال مستواها صفرا.
المؤسف حقا هو أن تشكيل المجلس في العاصمة أو الولايات يعتمد بشكل أساسي على اختيار الأحزاب لممثيلها،فإن هينجحت فسينجح الآخرون، وبما انها لا تستطيع اختيار من يمثلها في التشريعي فهي إذاًليست جديرة بأن تكون عضواً في حاضنة سياسية مهمتها رعاية الحكومة، والاشرف لها أن تستقيل وتترك الشعب يقوم بهذا الدور.
الفشل في تشكيل التشريعي يصب في ضرر المؤسسةالعسكرية،لأنها ستظل جزءا من صنع السياسات والقرارات المدنية وجزءا من العملية السياسية كلها،وهي التي تؤخر العدالة وتفرمل عمل القوانين،وتشكيل التشريعي يساهم في إخراجها من هذا المأزق الذي يضر بها وبمسيرة الدولة والثورة.
تأخير تكوين المجلس التشريعي هو امتحان حقيقي للجميع شركاء الحكومة الانتقالية (قوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية والحركات المسلحة) وما يحدث يكشف بكل وضوح أنهم جميعا استمرأوا الوضع الراهن وقد حدثت بينهم إلفة وأصبحوا مثل حكومة النظام المخلوع يخافون الشعب،ولكن الفرق بينهما، هو أن النظام المخلوع حل المشكلة بأن جعل البرلمان كله من أتباعه مع القليل من تمومة الجرتق،اما مكونات الحكومة الانتقالية فليس أمامها غير التسويف.
عموما سقط شركاء الحكم في تشكيل التشريعي مثلما سقطوا في كل شيء نادوا به بعد الثورة، وعليه لابد من أن يتحرك الشعب ويضغط عليهم بشدة،فأحد أسباب هذا التماهي مع بعضهم هو سكوت الشارع،ونرجو من جماهير الأحزاب والحركات التي تشكل الحكومة التحرك أيضا، فهم جزء من الشعب قبل أن يكونوا جزءا منها،واقترح أن تخرج مليونية تطالب بتشكيل التشريعي تمهلهم اسبوعا، ثم بعدها التصعيد.
صحيفة السوداني
فعلا أنهم جميعا استمرأوا الوضع الراهن خاصة الذين يقبعون في الكراسي الوسيرة من المكون المدني في مجلس السيادة وانتفخت جيوبهم و بطونهم ووجوههم من الراحات والامتياوات التي كانوا لا يحلمون بها حيث كانوا مقطعين وهياكل عظمية ..باعوا الثورة ودماء الشهداء النبيلة واهدافها وطموحاتها بابخس ثمن.. لكن نقول قريبا ..قريبا سوف ياتي اليوم ويندمون على كل تلك الخيانات …وإن غدأً لناظره قريب ..