عثمان ميرغني

عثمان ميرغني يكتب (الحكومة تكلم الحكومة)!


فيلم ” اللعب مع الكبار” بطولة عادل إمام وحسين فهمي.. في شارع عام بضاحية المعادي ، لاحظ حسين فهمي “ضابط المباحث” على بعد خطوات رجلاً يلبس زياً مدنياً عادياً لكن يبدو المسدس تحت ثيابه بما قد يدل على أنه شرطي، فاقترب منه الضابط وبدأ محاولة جره للحديث..نهره الرجل بصرامة “انت بتكلم الحكومة ؟” ..هنا رد عليه الضابط حسين فهمي (ما فيهاش حاجة أنو الحكومة تكلم الحكومة).. يريد طبعاً أن يفهمه أنه أيضاً شرطي مثله.
سؤال يحيرني كثيراً.. هل الحكومة تستطيع الحديث مع الحكومة؟
ولمزيد من التوضيح؛ هل الخدمة المدنية جسم واحد؟ أم أجسام متعددة بقدر تعدد إدارات الدولة؟
في إعلان منشور تطلب الحكومة من المواطن:
شهادة خلو طرف من الضرائب.
شهادة خلو طرف من الزكاة.
شهادة المسجل التجاري
شهادة المواصفات والمقاييس.
كل هذه الجهات “حكومة” والجهة التي تطلب هذه الشهادات “حكومة” ، فلماذا “الحكومة لا تكلم الحكومة” ويرتاح المواطن من مهمة تزويد الحكومة بإفادات الحكومة.. بعبارة أخرى عندما يقدم المواطن لأية خدمة أو مشروع أو إجراء لماذا تطلب منه “الحكومة” أن يحضر مستندات من جهة حكومية أخرى؟ لماذا لا (الحكومة تكلم الحكومة) مباشرة دون حاجة لإرهاق وإضاعة زمن المواطن في استخراج مستندات من الحكومة ليسلمها إلى الحكومة في موقع آخر.
إعلان لشغل وظيفة حكومية… مطلوب من المتقدمين.. شهادة الرقم الوطني – شهادة التخرج من الجامعة – شهادة الميلاد..
كلها مطلوبات من جهات حكومية ..
ما فائدة الرقم الوطني إن كانت (الحكومة لا تكلم الحكومة)..
الحقيقة؛ الرقم الوطني ( وليس شهادة الرقم الوطني كما تطلب الجهات الحكومية) كافٍ تماماً لتحصل منه الجهة الحكومية على كل المطلوبات (ومعها كيكة) حتى فصيلة الدم والأسرة ومخالفات المرور وموقف الائتمان البنكي و أرقام البطاقات البنكية ومنها معلومات آخر مطعم اشترى منه وجبته أو آخر طبيب زاره وربما حتى السيوبرماركت الذي اشترى منه اليوم..
مثل هذا النظام سيزيد عمر المواطن السوداني بأكثر من الضعف.. المواطن يضيِّع ثلث عمره في استخراج مستندات حكومة لتقديمها إلى الحكومة (ذات نفسها) في مكان آخر..
حتى عهد قريب كان على المواطن أن يركب المواصلات ليذهب إلى مجمع خدمات الجمهور ويقدم ليحصل على “تأشيرة الخروج”.. ويطلب منه تصوير جواز السفر “لزوم تشغيل ماكينة التصوير في المجمع ” وقد يستغرق ال؟إجراء في أفضل الأحوال ساعة كاملة.. ثم يتكبد المواطن عناء العودة الى منزله وعندما يصل الى صالة المغادرة في المطار يمد جواز سفره إلى “الحكومة” ذات الجهة التي استخرجت له تأشيرة الخروج.. لتضع عليه ختماً يؤكد أنه فعلاً حصل من (الحكومة) على تأشيرة الخروج!! ضياع زمن ومال وجهد وطني بلا طائل..
المطلوب : بعد انبلاج فجر الثورة، أن ترفع الخدمة المدنية شعار (الحكومة تكلم الحكومة) في كل المرافق.. كل المطلوب من المواطن أن ينطق (لا يقدم ورقة) برقمه الوطني..!!
بالله عليكم دي صعبة؟
29 Comments

صحيفة السوداني


‫4 تعليقات

  1. الجواب ببساطه أنه ، و في كل الدول المتحضره أيضا ، هناك خصوصيات لبيانات المواطنين ، ولا يمكن الإطلاع عليها من إي جهه حتي لو كانت حكومه إلابإذن من المواطن نفسه وهذا يتم بطلبها منه ، أو بإذن من المحكمه إن كان الأمر يتعلق بجريمه أو محاكمه
    وهذا الإجراء يساعد في حفظ بيانات المواطن و منع الفساد والجريمه
    ظننت رجلا مثلك يفهم هذه الأمور يا أستاذ عثمان

  2. لكن المشكله الحقيقيه تكمن في أنه يتم طلب معلومات كثيرا لا حوجه لها أصلا ، و أشياء انقرض عليها الدهر ، مثال فصيله الدم في رخصة القياده ، التي لا تفيد باي شيء ، فعند أي حادث سياره و نقل مريض لمستشفي يجب فحص فصيله الدم قبل أي إجراء عمليه نقل دم

  3. مقال موضوعي جدا نرفع له القبعة لاستاذنا عثمان
    بمعني اخر مطلوب حكومة الكترونية تربط كل معلومات المواطن برقمه الوطني كل جهة تنزل المعلومات فيه
    وعندها لا تحتاج لهذا الرهق
    دول الخليج الان انتهجت هذا المسلك ومشت مسافات طويلة وبنجاح كبير
    هويتك تنزل فيه كل امورك مخالفاتك مؤهلاتك سداد التزاماتك وهكذا ونحن ما زلنا بعيدين والغريب كل تجديد للجواز
    ياتيك برقم مختلف عن الاول لا اعلم لماذا

  4. يا عثمان
    هناك كود لكل موظف حكومي
    في اي جهة حكومية
    للدخول لتلك المعلومات
    و هنا التحكم في السرية
    و من يسمح له و من لا يسمح له
    و متى يسمح لك
    و هنالك نظام
    يوضح من و متى ومن اين دخل الموظف
    و يحاسب ان اتطلع على مالايخصه
    او ما لا عمل له به
    اتمنى انك تكون فهمتني