مقالات متنوعة

الانقلاب الخديج:رسائل ودلالات

محمد الأمين أبوزيد
🔹
طرحت المحاولة الانقلابية الفاشلة 21-سبتمبر 2021 التي نفذها مجموعة من الضباط المرتبطين بالنظام البائد، عدة رسائل في خارطة الحياة السياسية في الفترة الانتقالية، حيث تشكل الإجابة عليها مدخلا لتجاوز حالة الاحتقان السياسي والتردد وفقدان الاتجاه التي وسمت الفترة الانتقالية.

العسكر دور احترافي مهني ام سياسي؟
طرحت المحاولة الانقلابية التي تعد السادسة في عمر الفترة الانتقالية تساؤلا محوريا حول دور العسكر في السياسة، حيث يتفق معظم علماء الاجتماع والسياسة بأن الجيش الذي يتدخل في السياسة ليس جيشا احترافيا مهنيا حيث أن المهنيةَ والاحترافية تقول بأن الجيش مهمته تنفيذ السياسات الدفاعية للدولة وحماية الشرعية والدستوروالسيادة والنظام الذي تقره الإرادة الشعبية من خلال المؤسسات التشريعية، القوات المسلحة مؤسسة من مؤسسات الدولة التي يجب أن تقوم بدورها بتناغم مع كافة المؤسسات تحت إشراف السلطة المدنية الديمقراطية(السلطة التنفيذية)..

أصيب السودان بسرطان التدخل العسكري في الشأن السياسي منذ وقت مبكر من استقلاله السياسي، عطل مسيرة التطور الديمقراطي لاثنين وخمسون عاما، وبرغم من أن الأنظمة العسكرية التي صادرت إرادة الشعب بقوة السلاح سقطت بثورات شعبية سلمية، ولم تسعفها آلة القمع والسلاح من وقف إرادة الشعب، السؤال الذي يثور هنا لماذا بعد كل هذا التاريخ ماتزال جرثومة الانقلابات والتفكير الانقلابي موجودة داخل القوات المسلحة؟

يفترض العسكريون افتراضا مغلوطا بأنهم اوصياء على البلاد وأن دورهم في حماية وحدة البلاد، وفي التغيير السياسي بالانحياز لإرادة الشعب مرتبط بصعودهم إلى سدة السلطة، هذا الفهم هو الذي جعل من المؤسسة العسكرية تمارس دورا سياسيا صفويا، لم تخلق له ولاينبغي ووضعها في أتون الصراع السياسي في البلاد بعيدا عن المهنية والاحترافية.

البرهان :خطاب تحريضي يتناقض مع مفهوم الشراكة!!!
ينتقد السيد البرهان السلطة الانتقالية الذي يمثل هو رأسها السيادي في تناقض غريب، ويحمل مسؤلية الفشل وضياع أهداف الثورة (حسب خطابه في تخريج القوات الخاصة بوادي سيدنا) للقوى المدنية السياسية متناسيا دور المؤسسة العسكرية التي يقف على رأسها في صناعة الأزمات وتفريخ الانقلابات من خلال سيطرتها على مفاصل الاقتصاد الوطني بشركات لاتمتثل لولاية وزارة المالية ، ومن خلال عدم هيكلة القوات المسلحة التي تعرضت لأكبر عملية ادلجة وتسييس وتجريف في تاريخها، وتركه للفلول يتمددون داخلها(البربي الدبايب… والبشاغل الجريوات) ماشكل حاضنة لتفريخ الانقلابات المتكررة الفاشلة.. وايضا من خلال التماهي مع حالة الانفلات الأمني والجيوب القبلية والجهوية التي ادعي العسكر انها مبررهم الانفراد بتسمية وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية.

ومن عجائب الأقدار أن يخاطب قائد الجيش جنوده وضباطه باننا نحن الحانسوق الثورة دي، وعندما كانت الثورة جنينا تكوينيا ويطارد ثوارها ويطلق عليهم الرصاص لم نسمع بضابط عظيم وقف وقال للبشير انا ضد قتل المدنيين؟ولم نرى قيادات من الجيش مارست ضغطا على قيادتها، مثل مافعل ضباط رمضان الشرفاء في انتفاضة مارس-ابريل بالضغط على سوار الذهب، ولاحقا عندما تصدوا لتنفيذ حركة الخلاص الوطني(رمضان 90)وهل يعتقد السيد البرهان أن ذاكرة الشعب ذاكرة ذبابية متناسيا ماحدث في مجزرة فض الاعتصام التي قتل فيها الثوار أمام بوابات القوات المسلحة التي لجأوا إليها وسدت أمامهم، ياللفضيحة التاريخية..

ياسيادة القائد البرهان من المعيب أن تخاطب الجيش في تنوير حول انقلاب وتتجاوز حدث الانقلاب للحديث حول الوضع السياسي، وتعلق شماعة الأخطاء على قسم من شركاء الحكم لاعلي مؤسسة الحكم، وانت تعلم ان الجيش( من ساسو لراسو) مليان بخلايا الفلول الذين قامت الثورة ونزعت رؤوس افاعيهم وتركت لك مهمة إصلاح الهيكل ولم تقم بشئ. لتعلمي ياقائد الجيش بأن القوى السياسية ليست مؤسسة عسكرية تاتمر بالاوامر وأن الاختلاف بينها هو الأصل، ولكن تدير خلافاتها بالاطر الديمقراطية السياسية، ولطالما حشر الجيش أنفه في السياسة فعليه التقيد بذات الأطر وخلع البذة، ولن تجدي مع القوى السياسية والمدنية لغة التهديد…

حميدتىي:الجمل مابشوف عوجة رقبتو!!
يسوق السيد حميدتى المبررات لقيام الانقلابات بانصراف المدنيين وعدم تصديهم للمهام الموكلة لهم وتازم الأوضاع المعيشية، ونذكر السيد حميدتى بأن إمبراطوريته العسكرية( غير النظامية) والاقتصادية التي بناها على حساب الشعب السوداني ومن موارده وحدها كفيلة بحل الأزمة الاقتصادية، ومثلما قال عبارته من حق الشعب أن يسأل عن الانقلابات، كذلك من حق الشعب أن يسأل عن مصادر الأموال الضخمة والاستثمارات الضخمة ومصادرها؟ والتي يمتن منها على الشعب بالعطايا (نحن مابخلنا ومادسينا المحافير).
ليعلم السيد حميدتى أن الشعب يدرك تماما أن الدعم السريع صنيعة كيزانية بامتياز استخدمت ووظفت بقذارة في صراع دارفور من قبل النظام المباد ، ومخترقة من كل واجهات الكيزان العسكرية وكتائب الظل التي وظفت في فض الاعتصام.

نقول للسيد حميدتى إذا أردت أن تلعب دورا سياسيا فإن السياسية لاتؤتي من بوابة الكاكي والبندقية(خلوية كانت أو بندقية حلة) ولاتؤتي من بوابة القبيلة والاثنية.

الانقلاب الخديج :التوقيت والعقلية
اي كانت السرديات التي قيلت حول الانقلاب، وهل هوانقلاب داخل انقلاب؟ ام انه فبركة قصد منها وضع البلاد في حالة فوضى عامة، تتيح للمكون العسكري استباق الفترة المدنية للرئاسة باتخاذ تدابير طوارئ هيأ لها المسرح بالانفلات الأمني، وتداعيات الشرق؟ في كل الحالات المؤامرة مكشوفة وباهتة، ولن تمر على وعي شعبنا وذاكرته الحية بإنتاج فلول النظام واستنساخهم من جديد..
الانقلاب خانه الذكاء في قراءة الواقع الإقليمي والدولي قراءة صحيحة، مثلما خانه الذكاء في قراءة الواقع الداخلي فالانقسام السياسي الذي استندت عليه خطابات البرهان وحميدتي هو انقسام داخل صفوف الثورة وحول الياتها،وهي تقديرات مواقف في طرق الوصول للأهداف وليست في الأهداف نفسها.. ولكن على القوى العسكرية أن تتحسس مواقفها من أهداف الثورة جيدا لأن الشعب ذكي ولماح…

أسئلة مشروعة؟
من حق الشارع أن يسأل من تقع على عاتقهم مسؤلية حفظ الأمن، لماذا لم يحاكم من قاموا بست محاولات انقلابية سابقة؟ولماذا لم تكشف لجان التحقيق الحقائق للشعب؟
لماذا لم يتصدى من تقع عليهم مسؤلية الأمن للتفلتات الأمنية داخل العاصمة؟ ولماذا لم يتصدوا لمن يهدد أمن وسيادة البلاد؟

ولماذا التراخي في تنفيذ الترتيبات الأمنية؟
المكون العسكري في الحكومة الانتقالية غارق في الفشل حتى أنينا، مهما يتذاكي في دوره في إنجاح التغيير الذي اكره عليه.

قوي الثورة والتغيير.. خطوات تنظيم :
ان مهددات التحول الديمقراطي كبيرة ومتعددة الخنادق، ولايمكن هزيمة قواها الا بالتوحد حول أهداف الثورة وتجاوز حالة الصراع السلبي والعمل على تجميد الصراعات العدمية والانتباه للعدو الأساسي.
من المهم الوعي والإدراك التام بأن الحلم بانتقال ديمقراطى يمر عبر بوابة تصفية التمكين الانقاذي واقتلاع جزوره، ومحاكمة المفسدين والاقتصاص للشهداء.
ان طريق الثورة طريق التحديات الكبيرة التي تتطلب تنازلات كبيرة.

الحكومة التنفيذية :
يتوجب عليها أن تغادر حالة الرتابة والضعف والهزال في تعاطيها مع أهداف الثورة، وان توثق صلتها بالشعب الذي أتى بها بشرعية ثورية وتصارحه بالحقيقة.
وأن تعمل على استكمال مؤسسات الحكم لضمان الفعالية والإنجاز.
كمايتوجب عليها الالتفات لمعاناة الشعب وتخفيف وطأة السياسات الاقتصادية القاسية وتحسين معاش الناس..

صحيفة التحرير

تعليق واحد

  1. السيد كاتب المقال حفل مقلكم بالكثير من المغالطات وفي بعضه بعدم عكس الصورة الكلية ومن ذلك ان معيار الاحترافية التي ذكرتها تنطبق علي دول ذات مؤسسات سياسية و اقتصادية و اجتماعية راسخة ولعله من سخرية القدر عدم احترافية الجيش السوداني (ذلك ما حاولت ابرازه) عدم الاخترافية هذا هو ما انجح ثورة ديسمبز وهذه حقيقة لا يستطيع احد انكارها.. كما انك لم تتطرق للسياقات التاريخية و الجغرافية التي ادخلت الجيش الي حلبة السياسة كما انك لم تذكر دور الساسة في هذا التدخل و المعلوم بالضرورة وجود حاضنة سياسية لاي انقلاب عسكري. اري ان الرؤية التي ابرزها كاتب المقال لها منطلقات سياسية لابرازها للصورة من زاوية واحدة فقط.