مقالات متنوعة

سهير عبد الرحيم تكتب: ذبابة الحراثة


يحكى أن ذبابة وقفت فوق قرن ثور الحراثة ، وحين رجعت لبيتها سألتها ذبابة أخرى قائلة : أين كنتِ..؟

فقالت : كُنا نحرث ..؟

حال هذه الذبابة لا يختلف كثيراً عن حال الذي لم يقدم شيئاً في تاريخه النضالي ولا لثورة ديسمبر شيء غير أنه كان ذبابة الحراثة .

ذبابة تلو ذبابة صعدوا على ظهر الشهداء و أمتطوا الفارهات و المرتبات الدولارية و تطاولوا في البنيان وجعلوا لهم حُراساً و تأميناً من الشعب ، خدعتهم أصوات المغيبين و الإمعة و معاكم معاكم و بعض نعيق الضفادع و عواء الذئاب .

لا يعلمون أنهم صفرٌ كبير في قلوبنا و عقولنا، و أنهم خصماً على خريطة الوطن والمواطن ، لا يدركون أن لعبتهم إنكشفت و قناع الثورة لا يطابق مقاسهم .

وبرغم هذا وذاك يرغب خاطفو الثورة أن يخرج الشارع لحماية كراسيهم ، هو نفس الشارع الذي أغلقوا أمامه بوابات قاعة الصداقة …!!

نفس الشارع الذي تآمروا عليه في فض الاعتصام و خاطبوا (صديقاتهم) أن أخرجوا من القيادة ، نفس الشارع الذي أغمضوا أنوفهم عن روائح جثامينه في المشارح ، و دفنوا رؤوسهم في قضايا شهدائه و مفقوديه ولم يكلف أحدهم نفسه عناء زيارة الجرحى ومداواتهم حتى تفاقمت جراحاتهم و تدهورت صحتهم ….من تريدون أن يخرج ليحافظ لكم على كرسي و إمتيازات دولارية …؟؟ ويوم أمس تخلعون من ثائر المايكرفون لتحجبوا صوته … ويخرج غثاؤكم …؟

هل الثوار بالنسبة إليكم مجرد إطارات وحجار تترس بها الشوارع …؟؟ هل هم مجرد فزاعة تستنجدون بها كلما أهتز العرش تحت أقدامكم …؟؟ هل الشارع بالنسبة إليكم أداة لتطويل أمد الانتقالية و تأخير الانتخابات ….؟؟

أتعلمون لماذا تماطلون و تفتعلون المشاكل لأنكم غير حريصين على الانتخابات …؟؟ لأن صندوق الانتخابات لن يأتي بأمثالكم ….؟؟ نحن لم نختاركم أمس ولا نرغب في بقائكم الآن ولن ننتخبكم غداً …؟ لأنكم فاشلون …؟

الآن أفيدوني لماذا صرختم و أرتعدت فراصئكم عند سحب الحراسة منكم ….؟؟ لماذا يا مناضلين يحرسونكم …؟؟ ألم تقولوا أنكم من الشعب و إليه ….؟؟ هل تريدون حراسة من الشعب …؟ ، لماذا تبحثون عن تأمين لأنفسكم و أنتم أبناء هذا الشعب …؟؟

أعلموا جيداً أن الذي طفح كيله ليس جنرالات الجيش أو الدعم السريع ، نحن الذين طفح الكيل بنا ، سئمنا و قرفنا مغامراتكم الصبيانية و عروضكم البهلوانية و مسرحياتكم البائسة .

أليس لديكم مزعة حياء في وجهكمم ألا تستحون من صبر هذا الشعب الذي صمت كثيراً على ضعف خبرتكم و سوء إدارتكم و تعلمكم للحلاقة على رأسه .

الآن تناكفون القوات المسلحة السودانية ، يا للهوان يا للخزي و العار ، من أنتم ….؟؟ و ماهو تاريخكم النضالي …!! من يعرفكم ..؟ …

ماذا قدم شخص مثل ياسر عرمان للثورة والذي ( تسنتر ) في مقعد مستشار رئيس مجلس الوزراء ، من ياسر عرمان …؟؟ شخصٌ تلاحقه شبهة جريمة قديمة و غير مرغوب به في الجنوب ولا ينتمي لأي من المنطقتين اللتين تطالبان بحق تقرير المصير ، وليس لديه أية قاعدة أرضية أو شعبية يستند عليها غير رصيد هائل من الأحقاد تجاه الشمال و سيرة ذاتية جيدة في زرع الفتن .

رجل بهذه السيرة يتندر و يناطح القوات المسلحة والله أن نقطة عرق تسقط من جندي سوداني في الفشقة تساوي عشرة أمثالكم ….؟؟ أرعوي يا هذا ولا تمتحن صبرنا في الإساءة إلى القوات المسلحة ….فهي أمان البلاد رضى من رضى و أبى من أبى

هذا الحديث ليس لك وحده ولكنه إلى كل وجد مقاسه في ذبابة حرث تعتقد أنها تقوم مقام الثور..

أعلموا يا هؤلاء كل الشعب يرغب في حكومة ديمقراطية ولكن لستم أنتم من تمثلوها .

كل الشعب حريص على ثورته ولكنكم لستم الثوار

كل الشعب يعلم أنكم أضعف و أفشل و أسوأ حكومة تمر على تاريخ هذه البلاد

كل الشعب يستطيع أن يفرق جيداً بين جنود القوات المسلحة و عملاء السفارات ، كل الشعب يفدي جيشه بالروح ولكنه لن يصرخ تأييداً لخائن .

حين قامت الثورة هتفنا الجيش جيشنا و نحنا أهله لم نهتف يا عرمان أو يا سلك أو يا ود الفكي

ذهبنا إلى القيادة العامة و جلسنا تحرسنا عيون جنود القوات المسلحة لم يحرسنا حزب ولم نهتف لشخص ….هتفنا لجيشنا …..

خارج السور :

السيد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لمرة واحدة في حياتك كن إيجابياً قم بحل هذه الحكومة فوراً و إقالة كل الولاة و تكوين حكومة تسيير و الدعوة لإنتخابات مبكرة … وكل فأر يدخل جحره ، يجب أن تعلم هؤلاء أنهم لا يحرثون الأرض أنما يقفون فوق قرن ثور الحراثة.

صحيفة الانتباهة


‫6 تعليقات

  1. التحية لسهير الشجاعة ..
    الجيش في حدقات عويننا ولن نسمح بالاساءة اليه ولن نسمح بتفكيكه ويجيبوا الخونة المرتزقة العملاء بديلا لمن حافظ على ارض السودان وقاتل في احراش الجنوب والغرب … التحية للكيزان الذين قووا ايمان الجيش ورفعوا معنواياتهم …
    ويجب كلب خائن يطعن في كيزان الجيش … التحية لكل كوز في الجيش لولاهم لضاع البلد .. واللعنة على كل خائن وعميل …
    الميزان يستحقوا المكافاة مش التفكيك …..

  2. بس باقي ليك عبارة واحدة من الشتايم ما قلتيها يا بت عمي عبد الرحيم وهي : (شذاذ الآفاق) .. العبارة الكان بيصف بيها البشير جموع الشعب السوداني الثائرة عليه
    ……

    قالت سهير : (نفس الشارع الذي أغمضوا أنوفهم عن روائح جثامينه في المشارح)

    بالله هي الأنوف بيغمضوها !؟
    أوطيب العيون بيعملوا ليها شنو ؟

    الرجاء الإكثار من القراءة لكبار الكتاب والصحفيين حتى ترتقي بقدرتك على التعبير ولا ترتكبي مثل هذا الخطأ الفادح والفاضح الذي يمكن ان يكون مقبولا من تلميذ في مرحلة الأساس .. وليس من صحفية ليها (شنة ورنة) مثلك .

  3. زهبو ليحتمو بالجيش وحدث ما حدث. رائحة الجثث العملها منو يا سهير نسيتي مصر ام المصائب. هل جندتك مخابرات السيسي لتطبلي لمجرمين فض الاعتصام وجاهذين ان يقتلو الملايين لولا خوفهم من العمل البشير مطلوب القبض عليه. مهما صدر مرتزقه رخيصين برضو ما شفعت ليه.
    انتي اظنك تحت ابتزاز كبير الله يعينك
    السودان عنده رجال تنكح الجمال

  4. و ليه ما ذكرتى حاجة عن أكبر جريمة ترتكب ضد الثورة بتصفية الثوار أمام القيادة, وين حماية العسكر للثوار , انت بتفتكرى الناس ساذجة للدرجة دى و ذاكرتها بمستوى ذاكرة سمكة.

  5. مولانا عبد العزيز فتح الرحمن رئيس القضاء بالإنابة
    تحيةً وإحترامآ
    أتقدم لسيادتكم بطلبي هذا رأجياً منكم تجريد الصحفيه سهير عبدالرحيم من الجنسيه وطردها من سوداننا فهذه السيده لا تشبهنا ولا نشبهها فلماذا تظل بيننا ؟؟
    وللحقيقه والتاريخ لا أعرف عنها غير أنها ذات خُلق وأخلاق ومن اُسره كريمه حاربت نظام المخلوع في عِقر داره وأوج عُنفوانه مما دفع وزير داخليته (القابع الآن مع سيده في سجن كوبر) لِمطاردتها ومنعها من الكتابه وحتى حرمان شركتها من الإعلانات التجاريه وتكبيلها بالغرامات الباهِظه

    https://www.alrakoba.net/2841631/%d9%85%d8%ad%d8%a7%d9%83%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b3%d9%87%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%85-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a7/

    كما تصدت للمخابرات المصريه وجواسيسها بجساره تُحسد عليها – ولكن من متابعتي لكتاباتها والتي سأتطرق لمواضيعها في حيثيات طلبي بمحاكمتها أدناه تبين لي بما لا يدعُ مجالاً للشك أن وجودها في سوداننا (المنكوب بأبنائه) يُحسسنا بدونيتنا وغبائنا كما قلمها يجلد ضمائرنا الميته وكأمثله فقط لإجرامها بحقنا أحيطكم علماً بالآتي :-
    (1)- أعلنتها بدون وجه حق حرباً على لجنة التمكين وفضحت سدنتها الفضح المُبين وفي هذا مُخالفه واضحه لطبعنا كسودانيين نحترم العملاء ونُقدِس المأجورين فاللجنه المذكوره كما تعلمون سيادتكم رئيسها هو المدعو ودالفكي عضو الحركه الإتحاديه (الحركه التي ترفع بلا خجل شعار الإتحاد مع دوله كانت ولا زالت تحتل أراضينا) وعُضوية كُل من المُهرج وجدي القيادي بحزب البعث (الحزب الذي سقط في مسقط راسه وتبرأ منه حتى أهله) وثالثهم ثري الإنقاذ صلاح مناع الذي أدهش العُرب والعجم بكِذبه في هذا الفيديو
    https://youtu.be/H-NPIm9a0Sc

    ورابعهم أمينها العام رائد الشُرطه المفصول الذي تطاول على قادة الشرطه كما وصف منسوبيها بالكوزنه إضافةً لِجهله الواضح بالقانون حيث طالب من يفصلهم في الرابط أدناه
    https://www.alrakoba.net/31538620/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85-%d9%84%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%a9-%d8%a5%d8%b2%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%85%d9%83%d9%8a%d9%86-%d9%84%d9%85-%d9%86/

    بالإستئناف له !! وبإختصار يعني أنه نصَب من نفسه الخصم والحكم في ذات الوقت !! فما الذي يضير في ذلك حتى تغضب الكنداكه سهير عبدالرحيم ؟؟ ألسنا في السودان حيث كما قال الشاعر :-
    كل أمريء يحتل بالسودان غير مكانه
    فالمال عند بخيله والسيف عند جبانه
    أما أبرز المُدافعين عن اللجنه فبالطبع هو المدعو ياسر عرمان القيادي بالحركه الشعبيه (جناح جواسيس الشمال) (الحركه الجنوبيه التي صوّت أتباعها الجنوبيين بالإجماع للإنفصال عنا – بل قالها مُفكرها يوسف علنا بالرابط أدناه
    https://youtu.be/WMOW8jYmYXI

    ورغم ذلك وبدناءه لا مثيل لها يرفع البعض يافطتها في ساحتنا السياسيه بل وينادي بدمج مرتزقتها في قواتنا النظاميه حتى يكونون بمثابة حصان طِراوده لجيوش سلفاكير وديبي الغازيه) – إضافه لأن اللجنه المُوقره تفصِل من العمل موظفين صغار يعولون اُسر فقيره بينما تغًض الطرف عن من تولوا مناصب دستوريه في عهد المخلوع وبدون خجل غيروا جلودهم وصاروا بفضل (خمجوك) مستشارين له وحُكاماً لِأقاليم وولاة !! فبالله عليك يا مولانا رئيس القضاء هل هنالك لجنة تناسب خنوعنا وهبلنا أفضل من هذه ؟؟
    (2) قامت المذكوره بالتغول على واجبات الدوله بإنشائها ودعمها لمبادرة (وصلني )
    https://www.alrakoba.net/31442094/%d9%88%d8%b5%d9%84%d9%86%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a/

    و التي بعد أن نجحت في العاصمه قامت ومعها نفر كريم بتعميمها على الأقاليم – فمن الذي طلب منها مساعدة أطفالنا ؟؟ خصوصاً وان مساعدتهم في الوصول لمدارسهم والتحصيل العلمي الجيد سيغير من طبيعتنا كشعب جاهل يُلدغ من ذات جُحر من خانوه عشرات المرات وكمثال وليس للحصر ها هُم كبير مساعدي المخلوع أركوي مناوي ووزيره و واليه مالك عقار ورفيقه ياسر عرمان عضو أدبخانة الكيزان المسماه زورا بالمجلس الوطني يتبوأون أعلى المناصب بالدوله (مُتربصين بمرتزقتهم لساعة الإنقضاض علينما وإستعمار أسيادهم في جوبا لسوداننا !!)
    (3) كتبت الصحفيه سهير عبدالرحيم وناشدت شعبنا وأشقائنا أحفاد النجاشي للتحلى بضبط النفس وتفويت الفرصه على المخابرات المصريه التي تسعى لكي يخوض جيشنا حرباً بالوكاله عن النظام المصري ضد إثيوبيا وهي معركه لا ناقة لنا فيها ولا جمل بل في الحقيقه نحن مستفيدين من سد النهضه أكثر من اسياده أنفسهم – ولكن كيف نقبل منها ذلك إن كنا رضينا أن يكون جواسيس مصر وسدنة حركات النهب المُسلح في أعلى مؤسسات القرار !! بل أن راعي احد أكبر الاحزاب السودانيه لا يتشرف بالبقاء في سوداننا و يرعى أتباعه (بالريموت) من عاصمة من يسعى لِضمنا لهم !!
    (4) رفضت الصحفيه موضع الإتهام إتفاقية إستسلام جوبا التي وقعها أبناء الغرب من الطرفين (التعايشي والكضباشي) من جهه و(مناوي وجبريل وثالثهم عقار من الجهه الاُخرى ) رغم أن الإتفاقيه قد منحت دون وجه حق خيرات الشمال لحركات ولاؤها لتشاد ودولة جنوب السودان !! وتفصيلاً فقد منحت الإتفاقيه مُرتزقة الحركات 3 مقاعد في المجلس السيادي و5 في مجلس الوزراء و75 مقعدا في الجمعية التشريعية بالإضافة الى 750 مليون دولار سنويا من الميزانية العامة لمدة عشر سنوات،
    و100 مليون دولار أخرى يتم تسديدها فوراً مع تخصيص ثُلث الوظائف في الوزارات السياديه والسفارات لأبناء مرتزقة الحركات و السماح لهم بالإحتفاظ بسلاحهم مع دمجهم في القوات النظامية !! الجدير بالذكر أن تلك الحركات (وكما واضح في تسمية حركاتهم) هدفها تحرير السودان منا !!
    فلماذا تعارض هذه الصحفيه إتفاقيه نحن أشباه الرجال السودانيين قبلنا بها ؟؟
    (5) سلطت الضوء على فساد المدعو مبارك أردب بول مدير الشركه السودانيه للتعدين (أكبر شركه حكوميه) وفي هذا إجحاف منها بحق الرجل – حيث ماذا فعل حتى تفضح ممارساته ؟؟ كل ما فعله (المجني عليه) أنه كسِب بعرق جبينه عدة ملايين من الدولارات كسمسره في عمارات وسيارات وبصات إشتراها للشركه دون إذن من وزارة الماليه كما منح لموظفيه حتى لا يفضحونه رواتب خياليه (دون مُراعاة للوائح الخدمه العامه !!) فماذا في ذلك ؟؟ ألسنا في السودان حيث الخائِن يُكرّم والحرامي يُنتخب والجاسوس الديوث يُصير فريقاً أو مستشارآ ؟؟!!
    كما أن الرجل و إمعانا منه في الخيانه فقد تفاخر علناً بقتله ومن معه لرفقاء سلاحنا البواسل بالرابط أدناه
    وللحديث بقيه !!
    ======================================================================
    توثيقاً للتاريخ هذا ماكتبه المدعو مبارك أردببول متفاخراً بقتلهم لشهدائنا الأبرار :-

    https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-89250.htm
    عن مواقف أبطال صنعوا المجد والتاريخ نحكيكم، عن زمرة الشجعان نكتب…
    الرفاق( كوكو إدريس الازيرق وعبود اندراوس ونميري المراد).

    بقلم مبارك أردول

    بعد سفر طويل وشاق، أمتد بالطائرات والبصات وسيارات الدفع الرباعي، حط بنا المقام في بلدة عبري جنوب منطقة دلامي بجبال النوبة، وصلنا برفقة الرفيق لوجولو، وجدت هناك عدد من عساكر الجيش الشعبي مصطفون في طابور تمام مسائي، قال لي أحد مرافقي يدعي كوتي، ان هنالك عميدا مستلقيا على (عنقريب) يطلب مني الحضور، تركت كل شي وتوجهت اليه فإذا به الرفيق الطاهر محمد إدريس (أبوجقادو)، القيت له التحية واخبرني بأن علينا التحرك بعد لحظات، لأن الرفيق عبدالعزيز يريد أن تصل هذه المامورية باسرع وقت ممكن، قال لي أننا سنحمل معنا دانات مضادة للمدرعات بالاضافة لامتعنا وتسليحنا الشخصي وان عدد الدانات يفوق عدد قوتنا المتحركة مرتين، وان المشي بالارجل وليس بالعربات، قال لي علينا إقناع هؤلاء الشباب لذلك، حملت القوة هذه الدانات بعد جدال وتعليمات ورجاءات، اخدتنا عربيتين نحو منطقة حدودية لمناطق سيطرة الحركة الشعبية، واظنها جنوب امبرميطة، كنت لا أعرف الي اين نحن متوجهين، ولكن عند وصولنا توقفنا مع الرفيق لوجلو والرفيق الطاهر وظابط الاستخبارات الرفيق عبيد على انفراد، جاء الدليل وهو ابن المنطقة اعتقد، وذهبنا نشق عنان الطريق، قال لنا الدليل ان المسافة سوف تستغرق حوالي اربعة ساعات، لكننا قضينا (16) ساعة، نسبة لهطول الامطار وتعثر المشي، بالاضافة للحمولة التي كنا نحملها بمافيها الدانات، دخلنا منطقة () جنوب ابوكرشولا عند الساعة ال11 صباحا، في المدخل جاءت سيارات العمليات واخذت منا كل الدانات، وصلنا حيث مقرنا، حوالي الساعة الثانية عشر ظهرا، وبعدها بثلاثة ساعات اشتبكت القوات المشتركة للجبهة الثورية مع متحرك البنيان المرصوص الذي كان غرضه احتلال بلدة ابوكرشولا، كان الاشتباك حوالي الساعة الثانية ظهرا، امتدت المعركة حوالي 45 دقيقة تماما، بعدها بدأت أصوات المدافع تنخفض وتتقطع وتذهب بعيدا، كان الرفيق الاحمير وهو من احد الرفاق الشجعان، يتابع كل دقيقة سير المعركة ويفيدنا، كنت متوعكا بصورة شديدة، حتى السير على الأرض كان يغلبني بسبب المشي الطويل الذي استغرق (16) ساعة بشكل متواصل بعد انقطاع طويل.

    كالعادة المهام التي كانت تؤكل الينا هي التوثيق لانتصارات الجيش الشعبي ونقل المعركة الي الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، جاء الينا الرفيق القاضي رمبوي وقال لي بهذه الحالة هل تستطيع أن تذهب؟ قلت له ولما لا! معركة بهذا الحجم لابد من توثيقها.

    تحركت مع عدد من الرفقاء منهم الرفيق جاكوب وليم واخرون، وفي الطريق الذي يمتد لحوالي 15كلم كنا نجد سيارات الجيش الحكومي التي سيطرت عليها قواتنا، ومدافعهم، وبعض المعدات، ولكن عند اول مدخل لبلدة ابوكرشولا وجدت قافلة مكونة من خمسة سيارات بينها سيارة جديدة تم اغتنامها من قوات الحكومة، توقفت القافلة وجاء الظابط الشهيد المقدم كمال آدم يوسف الذي اغتالته لاحقا قوات عبدالواحد نور في بيته بدم بارد، قال لي الرفيق والاخ كمال القائد يريدك أن تأتي؟ كنت مزهولا وسألته ومن هو القائد؟ قال لي العميد كوكو إدريس، قلت في نفسي بالحيل، فالرفيق كوكو إدريس الذي تربطني به علاقة تميزها الاحترام والتقدير، لابد من الذهاب إليه، وسماع توجيهاته، فقد سكنا معا في الكمباوند في تبانجا عندما جاء الحركة الشعبية مجددا بعد اندلاع الحرب في 2011م، كنا لوحدنا نستأنس لفترة اسبوعين تقريبا، حكينا عن الأيام التي قضاها في الخرطوم والتي لم اقابله قبلها، ولم أكن أعرف شي عن تلك القصة، بل سمعت رواية من طرف واحد، الي أن حكي لي هو عن ما حدث، المهم عندما سكنا معا وتشاركنا سقفا واحدا تعرفت عليه عن قرب، فهو إنسان يتميز بالبساطة والكرم والصراحة والوضوح، وشجاعته أكثر ميزاته الظاهرة، فذات مرة أهدي لي اللبسة الخاصة التي وجدها في شنطة قائد منطقة الاحيمر العسكرية جنوب كادقلي، بعد دحر قوات الحكومة منها، أرسل الي تلك اللبسة عندما كنت اعدم اي لبسة مدنية، كنت ارتدي فقط الزي العسكري (كاكي) ليل نهار، كنت فرحا بتلك اللبسة بالرغم من أن طول البنطال كان قصيرا ولكنها هدية من رفيق عزيز جاءتني وانا كنت معدم حينها، فرحت له ايضا عندما ابلى بلاءا حسنا في معركة تلودي الثالثة ووصل بمقدمة قواته حسب النقطة التي حددت له في مجسم المعركة الرملي( تربيزة الرملة)، فرحت له مرة أخرى عندما استعاد رتبته وكذلك نال اقدميته العسكرية، فهذا أقل تشجيع وتحفيز يمكن أن يناله مقاتل في شجاعة وبساطة الرفيق كوكو إدريس.

    هذا الشريط السريع من الذكريات استعدتها وانا في طريقي لتلبية النداء الذي أتاني به الرفيق المقدم كمال آدم يوسف، وصلت موقع القائد والقيت له التحية وكنت متشوق لمعانقته لمباركة انتصاره التاريخي الكبير، وجدته مصابا لا يقدر على ذلك العناق، سالت اخي كمال آدم يوسف بلغتنا المحلية، ولأننا ننحدر من نفس المنطقة، سألته ماذا هناك؟ فرد لي أنه أصيب في مطاردة قائد قوات الحكومة العميد عادل الكناني، وأضاف طاردناه حتى جبل الدائر جنوب السكة حديد واصيب هناك، قلت له لما هذا الطمع فقد هزمتم قواته وهرب منكم فلما المطاردة، أشار الي السيارة الجديدة وقال لي هذه سيارته.

    المهم كفرت للرفيق كوكو الإصابة وكنت حزينا أن أرى قائد قواتنا مصابا ولكنه قال لي، (ارفع مورال يا رفيق) فالاصابة طفيفة لا تذكر، وأضاف بالله عليك الله اذهب الي اخر منطقة ستجد فيها العميد كارلو تريلا مع العميد تجاني الضهيب، وخذ اللقطات من هناك، قلت له هذا سهل ولكن قل لي هل لدينا خسائر كبيرة؟ قال لا لا تذكر ولكنني كنت متحمسا وكنت اريد القبض على العميد عادل الكناني، ولكن ربنا انقذه، وعدنا بسيارته، ضحكنا والقيت له التحية وانصرفنا.

    فبالنسبة للعسكريين، وفي تكتيك المعركة اذا ما اصيب القائد فهذا يعني أن الخصم قد انتصر، فدوما القادة يتخذون المواقع الخلفية الأكثر أمنا لمتابعة سير المعركة، وهي الطريقة العسكرية التقليدية المعروفة، ولكن كوكو إدريس وعبود أندراوس ونميري المراد واخرون يخروقون ويخالفون هذا التقليد ويتقدمون الصفوف مع قواتهم اقداما وبسالة، والقاعدة العسكرية هذه مكسورة لديهم فقد يصابون وينتصرون في آن واحد.

    هذه الشجاعة قد أدت إلى عدد من الانتصارات بحيث ينظر العسكري الي قادته يخوضون معه غمار المعارك ويتقدمون الصفوف فيوثر ذلك إيجابا في سير المعركة، وبالرغم من إن هذه الطريقة لها سلبيات الا أنها نالت اعجاب العساكر وجعلتهم يحبون قادتهم ويطيعون توجيهاتهم، فالقائد الذي يضحي افضل من الذي يدفع بجنوده ويحب حياته.

    ودعت الرفيق كوكو إدريس على أمل اللقاء به بعد عودتي، دخلنا أرض المعركة ومازال غبارها مرتفعا وبرغم من قصف الطائرات الكثيف، حيث مطار الابيض لايبعد من منطقة ابوكرشولا كثيرا، دخلنا وبدينا نمارس مهامنا، وما رايته في تلك المعركة أتمنى أن لا أراه في حياتي مجددا، فأثناء تنقلي لأخذ صور الخسائر التي الحقتها قواتنا بالجيش الحكومي من سيارات واسلحة ومعدات وذخائر وغيرها، كذلك الخسائر البشرية من قتلى وجرحى ومن هم في حالات متأخرة من شدة الإصابة وفريق السلاح الطبي يحاول اسعافهم، كانت أوقات هول حقيقية، فقد تمر ببعض المشاهد التي لا تصدقها وتعتقد انك تشاهد فيلما، ولكنها كانت حقيقة، فالمعركة هذه برغم من اني لم اخضها الا انها تركت في عدة اسئلة الي اليوم.

    تقابلت مع العم كارلو تريلا في وسط هذه الضجة، القيت له التحية وقلت له (Uncle) وهو والد زميلنا العزيز دانيال كارلو تريلا الذي تزاملنا معه في الفترة الطلابية في الخرطوم، سألت في نفسي لما هذا العم مازال يخوض المعارك بعد أن تقدم هكذا في السن وأنجب من الابناء في عمري ويزيد؟ قلت الم يحن الوقت بعد لكي يرتاح، قال لي وصلت متين ؟ قلت له للتو.

    قال لي هل استطعت أن تأخذ صور قلت له نعم، اخذت مايكفي لهذه المعركة، أكثر من (50) صورة في الكاميرا الواحدة ولدي ثلاث كاميرات، احداهما للرفيق عبدالعزيز الحلو.

    فالذي جعلنا أن نكون أقوياء سياسيا ومحترمين ومشهورين في المجال السياسي والإعلامي ويكون لنا دور هي المجهودات التي بذلها امثال هؤلاء، الرفاق كوكو إدريس وامثاله وما اظهروه من شجاعة وبذلوه من تضحية، فنحن بمجهوداتنا التي بذلناها لا تسوى ربع مايقومون به، فهم يضحون بانفسهم وشبابهم ويخوضون الحروب حتى ولو تقدموا في العمر امثال العم كارلو تريلا وغيره.

    عدنا في نفس تلك الأمسية برفقة الرفيق ابوجقادو فوجدنا الرفيق كوكو إدريس مستلقيا في سريره ومنزله كان حافلا بالضيوف من العسكريين والمدنيين، الكل جاء محتفلا بالنصر ومكفرا لإصابة القائد، جلسنا معه وتجاذبنا أطراف الحديث ولكنه كان مذدحما، استأذناه بأن نعود في الغد الباكر.

    عدنا بعد ثلاثة أيام ووجدنا الرفيق كوكو إدريس عاد يمارس مهامه كقائد للقوة، وجدناه يزجر أحد ضباط المدفعية الذي تقاعس في احدى المعارك ولم ينفذ التوجيهات كما خططت له في مجسم المعركة (تربيزة الرملة)، ولولا الإصابة التي كانت عليه لقام كوكو إدريس بضرب ذلك الضابط بعصاته التي كان يؤشر بها في وجه ذلك الرائد، تحدثنا سويا وعلى انفراد مع الرفيق الرفيق الطاهر والرفيق جمعة بلة وشخصي واتفقنا أن نبعد ذلك الضابط من وجه الرفيق كوكو إدريس حتى لا يحدث شيء مكروه، كان الرفيق كوكو إدريس حادا وغاضبا منه، جلس الرفيق الطاهر بالقرب من كوكو إدريس وكنت برفقته واخذ الرفيق جمعة بلة رائد المدفعية وذهب معه بعيدا، وعندما كانوا ذاهبين، الحقهم كوكو إدريس بتعليمات أن يتم نقل هذا الضابط (الجبان) كما وصفه، الي رئاسة القوة المشتركة فهو لن ينفع أن يكون ضابطا في رئاسة اللواء الأول عمليات.

    هذه إطلالة خفيفة عن الأبطال الذين عاصرناهم وعشنا بسالتهم، ممن رسموا وبنوا المجد الذي نتسنمه، جعلوا للحركة الشعبية وجودا في السياسة السودانية، عادة ننساهم ولا نعرف الكثيرين عن دورهم وتضحياتهم التي قاموا بها.

    غدا ساحكيكم عن بسالة الرفيق عبود اندراوس (صاحب الثلاث وجوه)، وبعده عن الرفيق نميري المراد الشجاع الطائش.

  6. يا سلام … تسلمى يا سهير يا أشجع إمرأه سودانية فى الساحه اليوم … والله أنك تُساوين 100 من أشباه الرجال الذين يُداهنون السلطان الحاكم ويُزينون له سوءاته ويلحسون حذاءه طمعاً فى ما فى جيبه … لقد كتبتى ووفيتى فبارك الله فيكى وفى عيالك وأسرتك …