مقالات متنوعة

حَدَثَ في قاعة الصداقة (3)

يبدو أنّ هذه السلسلة لن تنتهي، فقد أصبحت قاعة الصداقة مسرحاً ثابتاً تقدم فيه الطبقة السياسية عروضها بصورة راتبة و.. رتيبة إن شئت. في 8 سبتمبر الماضي احتشدت الحرية والتغيير في قاعة الصداقة ووقعت إعلاناً سياسياً ملزماً للأحزاب والقوى السياسية، فيما غاب جزء من التحالف من ذلك العرس، وهو الحدث الذي تناولناه وشرحنا تداعياته في الحلقتين السابقتين، ومن نتائجة الجليّة الحشد الثاني المضاد الذي التأم ظهيرة السبت الماضي(2 اكتوبر) إذ تقاطرت جماهير أخرى وقيادات سياسية أخرى لم تكن حاضرة في 8 سبتمبر إلى قاعة الصداقة وأعلنت جسماً جديداً باسم الحرية والتغيير تم التعارف عليه – إعلامياً – بالمجموعة الإصلاحيّة. في الواقع لم تُعلِن هذه القوى السياسية جسماً جديداً رسمياً، بل أرجأت الإعلان الرسمي 14 يوماً، ومع ذلك فقد اعتمد الإعلام الجسم الجديد واعتبره أمراً مفروغاً منه وصرنا إلى انشقاق رأسي في التحالف الحاكم أنتج الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والحرية والتغيير (الإصلاحية).
* في ليلة السبتِ، التي سبقت الإعلان في قاعة الصداقة، جرت كثير من اللقاءت خلف الكواليس بين قادة المجموعة الجديدة وانتهت إلى تأجيل إعلان الجسم أسبوعين عوضاً عن إعلانه ظهيرة السبت، وربما يساهم هذا في تخفيف حدة المواجهة بين الطرفين، إذ قالت المجموعة الجديدة – على لسان قادتها – أنها ستعطي مهلة قدرها أسبوعين لمجموعة المجلس المركزي كي تقبل بمبدأ الحوار الذي يفضي لوحدة قوى الحرية والتغيير بدلاً عن الانشقاق عنها، وهذه بادرة حسنة تحسب في ميزان الحسنات النضاليّة لمن قاموا بها والأمل معقودُ على حكمة قادة الحرية والتغيير لرد هذه التحية بأحسن منها، وإن كنت أشك أن تجد الحكمة مكاناً وسط حفل الهياج الإسفيري الذي تطربه عبارات الشيطنة والتخوين ولا يرضى إلا بالانشقاق والشتات وسط القوى المدنية، والأمر لله من قبل ومن بعد، ولله في خلقه للسياسيين شؤون.
* أقول، لا زال بالإمكان ردم الهوة بين طرفي النزاع الحالي، ويمكن التخلص من هذا الشتات في المكون المدني إذا لزمنا الجابرة واستمع كل طرف لرؤية الطرف الآخر بهدوء وبلا تشنج، فهذا الوطن الواسع الأرجاء يسع الجميع حقاً لا شعاراً، كلما يحتاجه السياسي السوداني هو التمسك بالتدابير المرعية لإدارة الخلافات الطبيعية بين الحلفاء بدلاً عن الإسراع نحو بندقيته وإطلاق النيران تحت أرجله.

محمد المبروك
صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد