مقالات متنوعة

خالد التيجاني يكتب:لماذا يجب على الطبقة الحاكمة أن تتنحى؟

(1)
كنت حتى قبل ساعات قليلة موقناً بأن البلاد ستخرج من هذه الأزمة، محسناً الظن بأن هناك من العقلاء من بوسعهم تجنيب الشعب السوداني مشقة السيناريو الأسوأ الذي تشهده العديد من الدول في جوارنا ومحيطنا الإقليمي، ولكن تبددت كل هذه الآمال حين اطلعت على بيان صادر من مجلس الوزراء، عقب جلسة وُصفت بأنها طارئة لمناقشة “الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد”، وهالني ما قرأت، وتساءلت إن كان المجلس حقاً مدركاً لخطورة الوضع في الصراع الحالي على حافة الهاوية، أم يا ترى كان يناقش أمراً آخر، وعنّ له أن يعرج ليناقش الوضع الراهن في فضول وقته، وكأنه يملك ترف خيارات بلا حصر، ضعف البيان وخلوه من أي مضمون ذي مغزى يكشف مدى عجز الطبقة الحاكمة عن الارتفاع لمستوى مسؤولية تغوّلت عليها بغير استحقاق.
(2)
قفز بيان المجلس قفزاً على جذور وأسباب المأزق الذي يكابد الشعب اليوم تبعاته، ليحدث الناس أنه قرر تشكيل “خلية أزمة” من جميع الأطراف بهدف معالجة الأزمة الحالية لتحصين التحول المدني الديموقراطي”!! عن أي تحول ديمقراطي يتحدثون؟!، ما هي دلائله، وما الذي أعدوه من أجله على مدار أكثر من عامين؟، ثم ماذا كان ينتظر المجلس طوال أكثر من شهر، والأزمة التي أسمعت من به صمم، يزداد فتقها على الراتق كل يوم، كيف ذلك والمجلس المنقسم على نفسه، هو الذي يقوم بدور حمّالة الحطب، وزراؤه في الفريقين المختصمين هم من يتولون كبر إشعال الحريق، ويصبون المزيد من الزيت على ناره؟.
(3)
أي “نقاش بناء وصريح وشفاف” هذا الذي لم يورد البيان سطراً واحداً ليدلل عليه، لا يحتاج الرأي العام لجمل محفوظة باردة لا تقول شيئاً من شاكلة “حرصه على معالجة الأزمة من منطلق مسؤوليته الوطنية والتاريخية”!! وهل هذه الصفات مما يكتشف فجأة؟، أين كانت هذه المسؤولية الوطنية والتاريخية وبذرة هذه الأزمة التي لم تولد في الأسابيع القليلة الماضية، فقد كانت تنمو وتتجذر على مدار أكثر من عامين تحت أبصار الجميع؟، لم تهبط هذه الأوضاع المأساوية من السماء لتجعل إدارة الفترة الانتقالية سيركاً للألعاب البهلوانية من هواة طبقة سياسية متواضعة القدرات، ومفتقرة للحد الأدنى من متطلبات إدارة دولة في حالة انتقالبمسؤولية وجدية لا مجال فيها للمجاملات، ولا إيكال مصير البلاد والعباد لمن يفتقرون للحس الوطني والوجدان السليم.
(4)
ربما كان يجد مردود اجتماع المجلس قدراً من الاحترام، إن كان فعلاً تحلى بروح المسؤولية في تحديد أسباب الوصول إلى هذا المنزلق الخطير، وتحمّل المسؤولية عنه بكل شجاعة، ما قيمة أي نقاش “بناء وصريح وشفّاف” إن لم يشّخص أسباب الداء ويصف العلاج الناجع مهما كان مراً، إذ لا حاجة للعبة تلاوم انصرافية مما نشاهده من تصريحات متبادلة تفتقر للحد الأدنى من المسؤولية، لقد أصبح مثيراً للشفقة أن تستمع لدعاة التمسك بالوثيقة الدستورية من الأطراف نفسها التي ظلت تنتهك استحقاقاتها، وتعتبر الاستمرار في خرقها أمر عادياً لا يستوجب حتى الاعتذار عنه، ثم تذكروا للتو أن هناك شيئاً اسمه الوثيقة الدستورية، ولو كانوا حريصين عليها لما فرطوا فيها، ولو تحلوا بروح المسؤولية الوطنية والاستقامة الأخلاقية لأسسوا مؤسساتها كما ينبغي لها، ولوجدوها اليوم ترياقاً حاسماً ضد أية محاولة لتهديد الانتقال، ولكن “صيف ضيعت اللبن”، فالتباكي على الوثيقة الدستورية اليوم يكشف انعدام المروءة الوطنية للذين تواطأوا على التلاعب بها خدمة لأجندتهم الضيقة.
(5)
ما دعا له بيان مجلس الوزراء من حوار بين أطراف التنازع الحالي لا معنى له، ولن يكون منتجاً، إذ لا يوجد شيء اسمه الحوار من أجل الحوار، بل هو وسيلة تكتسب قيمتها من استعداد الأطراف المعنية، عسكرية ومدنية، لتحمّل مسؤوليتها كاملة غير منقوصة في دفع الأمور دفعاً باتجاه المأزق الراهن الذي لم يأت من المجهول، ولا يمكن للذهنية نفسها التي أنتجت الانسداد الحالي أن تنتج حلاً لم تكن تمتلكه أصلاً، وإلا لما وصل الأمر إلى وضع بات معه مصير البلاد على المحك، وعليها أن تدفع ثمن التفريط في مصالح البلاد والعباد، وهذا يستلزم تنحي الطبقة الحاكمة التي سادت المشهد خلال العامين الماضيين من حلفاء الانقلاب الحقيقي لتقويض النظام الدستوري للانتقال، فالمسؤولية تضامنية مشتركة بينهم، ولا يمكن أن يرتهن مستقبل السودان لمن ثبت أنهم غير جديرين بقيادته، وحواء السودان لم تعقم، فالحق فوق القوة، ومستقبل الأمة فوق محترفي السياسة وطلاب السلطة.

صحيفة السوداني

‫2 تعليقات

  1. شكرا علي المقال الرزين وناسف ونعتذر لك بأنه لن يصل حمدوك أو مستشاره الشيوعي الفاشل عرمان.
    حمدوك رجل بلا شخصية قيادية من ناحية فكر أو عمل والدليل أنه يتفرج علي كل المشاكل دون أن يوفق في الحل بل أنه دائما ما تجده عند الأزمات ينتظر الحل من السفراء الأجانب أو المبعوث الخاص أو البعثة الأممية وهؤلاء جميعا متفقون علي عدم الحل بل التعقيد ليتدخلوا حماية لمصالحهم الشخصية ومصالح دولهم وهذا واضح ولا يختلف عليه الا المكابرون أو الجهلاء.
    وضع البعض أمله في حمدوك وشكره ولكن سرعان ما انكشف تبني الرجل برنامج اليسار الذي يختلف معه غالبية الشعب فسقط الرجل بلا كوابح ولا يستطيع الان ليخرج ويخاطب اي حشد.
    حمدوك يجيد لغة الهواء ودغدغة مشاعر الشعب بشعارات يعلم يقينا انه لا ينفذها ديمقراطية وشهداء وفي الواقع هو يعمل علي ضربها بعدم تكوين اامجلسعالتشريعي والمفوضيات لأنه يخاف من عزله بل تبني لجنة التمكين خوفا من المفوضية مع علمه بأنها من أكثر آليات ضرب القانون وممارسة البلطجة السياسية .
    أكبر مشاكل حمدوك استعداء الجيش ومحاولة تفكيكه ومحاولة التوغل علي جهاز الأمن ليعمل علي تسييس الحل لن يكون أبدا الا بذهاب حمدوك اس الفشل وداء الأزمات أن لم يكن مفجرها

  2. الزول الدائر يحل ي جماعة الخير بلملم افكارو ويجمع ناس بلدو ولكن حمدوك شغال يفرتق في المجتمع لقوانين سيداو وما شابهها .
    والله ما لاقاني رئيس وزراء يتم شتم جيشه أمامه ويسكت الا حمدوك أما لضعفه او عدم وطنيته .
    ما لاقاني رئيس وزراء يقبل بفكرة الأمريكان لتفكيك جيش بلده الا حمدوك.
    ما لاقاني رئيس وزراء طلب من الأجانب للتدخل لوضع قوانين إنتخابات وشرطة وقضاء وحكم محلي يعني استعمار كامل الدين وبدون ثمن وبلا خجل او خوف محاسبة الشعب.
    اتفق مع القول بأنه لا حل مع حمدوك بل يجب إن يحاسب قبل ان يذهب