مقالات متنوعة

التاج بشير الجعفري ..الأزمة السياسية في السودان .. إلى أين؟


رؤيتي

يكاد الجميع يجزم أن الأزمة السياسية الحالية في البلاد تُمثل تهديداً مباشراً للدولة في كيانها ووحدة نسيجها الإجتماعي؛ ولذلك جاء الخطاب الأخير لرئيس الوزراء ليرسم خارطة الطريق للخروج من المأزق، فالخطاب كان واضحاً في كلماته جريئاً في عرضه للمشكلة والحلول التي إقترحها وأيضاً متوازناً في مخاطبة كل الأطراف المعنية بالأزمة الحالية ولم يستثن أحداً ولم يستبق شيئاً.

العديد من المراقبين للشأن السياسي يتناولون الأزمة الحالية على أنها إنشقاق داخل مكونات مجلس الشركاء الإنتقالي بمكوناته المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ومجموعة نداء السودان بما فيها الحركات المسلحة، والذي تشكل بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل في جوبا ليسير بالبلاد نحو إكمال الفترة الإنتقالية والوصول لإنتخابات تُفضي لحكومة مدنية منتخبة.

حيث بدأت مجموعة الوفاق الوطني ومعها إثنين من قادة الحركات المسلحة (أو ما بات يُعرف بمجموعة القاعة) منذ وقت قصير المطالبة بحل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات من المتخصصين “غير المنتمين للأحزاب )بالإضافة لتوسيع المشاركة في الحاضنة السياسية وهو ما تسبب في حالة التصعيد التي نشاهدها الآن.

مبدئياً لا يجوز أن يكون توسيع المشاركة في الحاضنة السياسية للحكومة سبباً للخلاف بين شركاء الفترة الإنتقالية، لأنه مطلب منطقي ومهم لتحصين الحكومة وإسنادها لتنفيذ برامجها وإكمال متطلبات بناء مؤسسات الفترة الإنتقالية المتعثرة أصلاً؛ ولذلك لا أفهم كيف لا يتم التوافق عليه بشرط أن يكون ذلك وفق المعايير التي حددتها الوثيقة الدستورية وينسجم مع أهداف الثورة لأنها المرتكز والأساس.

فمطلب توسيع قاعدة المشاركة يجب أن يمثل في جوهره تعضيد وإضافة (للمشروعية) التي تتمتع بها حكومة الفترة الإنتقالية بموجب الوثيقة الدستورية الحاكمة.

ولكن يبدو أن من ينادون بحل الحكومة وتوسيع قاعدة المشاركة يتخذون من ذلك ذريعة لتحقيق أهداف ومآرب أخرى قد يكون من أهمها إدخال بعض الشخصيات أو الكيانات المقربة أو المحسوبة على النظام السابق وهذا قطعاً غير مقبول ويعتبر ضد أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.

النظام السابق نال فرصته في حكم البلاد وأتضح للناس (كسبه) خلال الثلاثة عقود الماضية ويجب على أنصاره أن ينتظروا حتى يحين موعد الإنتخابات التي سيتحدد بناء عليها من يفوضه الشعب للحكم.

وبعيداً عن النظام السابق وأنصاره، فبدلاً من التحشيد والتحشيد المقابل للمؤيدين والأنصار كان الأجدر أن تعكف هذه القوى والمكونات السياسية المتشاركة والمتصارعة حول السلطة على دراسة ما جاء في خطاب رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بعناية وصدق مع النفس إذا كانت فعلاً حريصة على مصلحة البلاد والخروج بها من المأزق الحالي، ولكن على العكس لم تلتفت هذه القوى السياسية لما جاء بذلك الخطاب الهام ومضت في خططها في محاولة منها لحسم الأمور بالتظاهر والحشود وتعطيل البلاد وخلق حالة من عدم الاستقرار بالإعتصامات ودعوة كل جهة لأنصارها ومؤيديها بالنزول للشارع!!

يجب أن يعلم هؤلاء المتصارعين أن ما يقومون به ليست الطريقة السليمة لحل الخلافات وتجسير هوة الإختلافات، فالشارع وإن أعطى كل طرف حقه ومستحقه من المؤيدين فإنه لن يحل المشكلة وسيقود إلى المزيد من التصعيد.

المشكلة يا سادة تُحل بالحوار البناء الذي يدعم مسيرة التحول الديمقراطي ويضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار.

أليس فيكم رجل رشيد؟!

صحيفة الانتباهة


تعليق واحد

  1. حمدوك غاية ما يفعله تشخيص المعضلات دون وجود خطة عمل واضحة لتنفيذ الحلول وكان لسان حاله يقول ” زولكم العيان دا مشكلتو كدا و كدا شيلو ودوهو المستشفى خلوهم يعالجوه ليكم “