مقالات متنوعة

(9) طويلة وخطْف (المخْطوف)!


محمد الأمين
_________
الكثير من الناس ما كانت تظن أن الأوضاع ما بعد الثورة تسوء إلی هذه الدرجة وتصل إلى درك سحيق مما آلت إليه الآن، فالكل كان يمني نفسه بسودان مختلف عن قبل 12 أبريل 2019، وكان من الممكن جداً تحقيق حلم الشعب في بناء سودان جديد، لو لا اختلافات وتشققات وصراعات مكونات الثورة، علاوة على التروس التي وضعها المكون العسكري أمام عجلات التغيير لكي يحدث التغيير الذي لا يوافق أهواءه.
*من مساوئ اختلاف وانشقاقات وصراعات مكونات الثورة، أنها أفرزت لنا مصطلحات جديدة في عالم السياسة السودانية، مثل مصطلح (4 طويلة) والمقصود بها قحت 1،على غرار 9 طويلة مجموعة الخطف والنهب والسرقة في شوارع الخرطوم والولايات.. وفيما يتعلق بالحديث عن اختطاف الثورة، أستطيع أن أقول إنه فعلاً تعرضت لعملية 9 طويلة، من العساكر وقحت 1 معاً، وأبسط شيء خذ مثلاً الخدمة المدنية، فنجد أن عملية التوظيف والتعيين فيها تتم بطريقة لا تختلف عن طريقة المؤتمر الوطني المحلول بأساليب لا تشبه الثورة معيار التعيين (زولي وزولك) و(شيلني وأشيلك) و(هذا هارون أخي) إلخ.. والوظائف جلها أصبحت لا تتم إلا للذين يرتدون عباءة حزبية معينة، أما المستقلون وأصحاب الكفاءات فلا عزاء لهم وليس لهم نصيب! فالثورة من الأساس ما قامت إلا ضد هذه الممارسات.
* أما مجموعة قحت 2 المتحالفة مع العساكر فهي قد تكون قالت كلمة حق لكن تريد بها باطلاً، وتدعي بأنها تريد استرداد الثورة عبر حل الحكومة! فهي نفسها ليست أفضل حالاً عن قحت 1 والشعب لن يأمنها كما أمن قحت 1 من قبل، حتى لا يحدث للشعب ما وقع ليوسف وإخوته عندما تردد أبيهم يعقوب، ثم خرج معهم يوسف وألقوا به في غيابة الجب! الشعب لا يريد تكرار هذا التطابق ويأمن قحت 2 لكي تلقي بالوطن بأكمله في غيابة الجب، لأن قحت 2 الداعم لها العساكر ومنسوبو حزب المؤتمر الوطني المحلول يريدون خطف المخطوف وسرقة المسروق والاستئثار بالسلطة حتى ولو أجهضت الثورة وراحت دماء الشهداء هدراً، أو براءة الذين قتلوا ونهبوا أموال الشعب، فكل هذا ليس همهم الأول، ولكن هيهات.
* وبالرغم من بطء عملية التفكيك، والبطء الذي صاحب تحقيق أهداف الثورة، إلا أن الشعب أصبح يطالب الجميع بالاحتكام لما جاء في الوثيقة الدستورية والالتزام ببنودها، ونقل السلطة إلی المدنيين، حتی تختتم الفترة الانتقالية بعملية التحول الديموقراطي والحكم المدني المنشود الذي يعد من تطلعات الشعب السوداني، بميلاد دولة تحقق العدالة والمساواة، دولة مؤسسات يحتكم فيها الجميع (حاكم ومحكوم) إلی سيادة حكم القانون، فليس للشعب خيار آخر غير ذلك.

صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد