شخص تكفي عبارة واحدة مثل (مدنيااو) لتحوله لكائن زومبي، يرقص، يصرخ ثم يعود آخر اليوم ليواجه حياته البائسة
أي موكب مهما كان حجمه صغيرا هو فعل مهم، كل خروج للشارع مهما كان كرنفاليا وراقصا فهو خروج مهم. هذا تعبير عن موقف وظاهرة، وهذه الظاهرة هي اجتماعية أكثر منها سياسية، وكما لاحظ الكثيرون فإن تحليلها ينتمي لعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي بأكثر من العلوم السياسية. ولي قناعة خاصة بأن كشف حقيقتها الكاملة يتجاوز منطق تلك العلوم؛ ليلامس فن الرواية الحقيقية. بالطبع لا أقصد تلك الروايات الرديئة التي يكتبها النشطاء أمثال بركة ساكن وحمور زيادة.
على أي حال فإن المئات التي خرجت يوم أمس تعكس أهمية لعودة السياسة من جديد، عودة الممارسة السياسية والنقاش السياسي والفكري حول الواقع، هناك فراغ ضخم تركه غياب المثقف الوطني والسياسي صاحب الرؤية، فصار الزومبي الجديد المعولم الذي يسمى (الترس) هو الذي يسيطر على المشهد، هذا الزومبي لا يرغب في طرح سؤال ماذا يريد؟ وماذا يفعل؟ يحكم على تعقيد الواقع بنظرة ساذجة يظنها أخلاقية، يحسب نفسه نشيط ومحسن وخير ومتجرد، لكنه يعيش على سطح الوجود الإنساني المعقد، شخص تكفي عبارة واحدة ساذجة مفرغة المضمون مثل (مدنيااو) لتحوله لكائن زومبي، يرقص، يصرخ، يقفز، يركض، يمشي، يهرول. ثم يعود آخر اليوم ليواجه حياته البائسة محطمة الأحلام، لا مشروع أمامه ولا مستقبل واضح، في عالم رأسمالي متوحش يحتاج لمعايير فنية عالية لكسب الرزق. هذا الترس وهذه التي تسمى كنداكة يعيشان في عالم بتفاوت طبقي كوكبي حاد، و يعيشان في معايير عولمية تجعلهم يحلمون بحياة كالآخرين الذين يشاهدونهم على تطبيقات السوشيال ميديا.
إنها حياة صعبة، فهي ملهاة وتفاهة ومأساة ساخرة وحزينة. ولا نرغب في أن يكون مستقبل شباب وطننا مظلما في الشتات والهجرة وضياع الأحلام داخل الوطن، ونعلم جيدا أن جهدنا ونضالنا السياسي والفكري والعملي يجب أن يتوجه نحو هزيمة الشروط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تخلق هذه الحالة. وهي حالة أهم ألف مرة من ردود الفعل وخطابات الحقوق المنافقة.
بالعودة للمواكب والمسيرات نقول أنها تحولت تماما لكرنفال، ظاهرة، حفلة، عيد، استعراض أزياء وأجساد، ليس مهما أن تتوقف، بل نقول: دعوا ألف موكب يسير، ودعوا ألف حفلة تقام. ثم ماذا بعد؟ هذا ما يجب أن تخلقه عودة السياسة من جديد، ثم إلى أين نتجه؟ هذا ما يجب أن يقوله لنا المثقف الوطني.
هذا المشهد لا يمكننا أن نسيطر عليه، فقوى الشر العولمية أكثر جاهزية منا، لذا فالضحايا والعنف والموت بقدر ما نشعر تجاهه بالأسف والحزن. لكننا نعلم أن المجرم والقاتل هو النظام كله، والمشهد كله، بالتحالف مع كثير من الأنبياء الكذبة. لذا فإننا لن نستجيب لأي مزايدة رخيصة تمنعنا من قول الحقيقة.
وعاش السودان عزيزا موحدا
هشام الشواني
لم نسمع لك صوتا اثناء تحكم نظامك المثالي في السودان….اين كنت.. ؟ ولماذا تعيش هذا التناقض الغريب بين ادعاء المثقفاتية ومعاداة حركة التاريخ الليبرالية قدر العالم ولا مهرب منها إلا بإثبات العكس وهو ما فشلتم فيه فشلا داويا….
مثلما كان صوتا داويا لحمدوك و غيره عمالة الخارج؟؟؟!!!!!!!