مقالات متنوعة

مكايدات النفوس الصغيرة..!!


د. مرتضى الغالي
البرهان لن يتوقّف عن تعكير حياة السودان وهو يعلم أن انقلابه قد انهزم واندحر بقوة شارع الثورة ولم يتبقى له غير المكايدات..! وها هو لا ينسى أن بعض أبناء الثورة قد صدعوا في وجهه بقولة الحق معترضين على الانقلاب شأنهم شأن كل جماهير الشعب.. وأنهم كانوا من موقعهم في مؤسسات الانتقال وفي صفوف الثورة ينتقدون ممارسات المكوّن العسكري الذي يقوده.. لهذا فهو لا يأبه للاتفاق الصريح بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ويلتف عليه بإعادة اعتقال أنصار الثورة..! وإذا لم يكن البرهان يعلم فلينزل اليوم في استفتاء بينه وبينهم ليعرف موقعه من التأييد الشعبي وليدرك مدى وعي الشعب بهذا الخط الدموي المعادي الثورة الذي لا يصدر منه غير الغدر والتنكر للثورة وشعاراتها وأهدافها ومعادة الشعب والوقوف حجر عثرة في طريق الانتقال والتعافي وأمام مسيرة الوطن نحو آفاق الحرية والعدالة..!
هل الوقوف إلى جانب الشعب جريمة..؟! وهل دعوة الشعب للاحتشاد من اجل حماية الثورة تهمة..؟! وهل الشعب في الأساس يحتاج إلى من يدعوه لحماية ثورته..؟! انه الإفك المبين والتحامل المريض..!! مَنْ يعتقل مَنْ ومَنْ يحاكم مَنْ..؟! هل هؤلاء الذين يريد البرهان إعادة اعتقالهم ومحاكمتهم هم من قاموا بفض الاعتصام..؟! هل هم الذين قتلوا الأطفال النيام وسحقوا الشباب بالمجنزرات وألقموا أفواههم بالرصاص وقيدوا الشباب إلى بلوكات الاسمنت والقوا بهم أحياء في النيل..؟! هل هم مَن أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين ضد الانقلاب..؟؟!.. هذه هي عدالة البرهان وحميدتي ومن معهما من أنصار الانقلاب..إنه الخلط المقصود لتبديل الأدوار بين المجرم والضحية عبر هذه (العدالة المقلوبة)..! مرحباً بهذه العدالة ومرحباً بالاتهام الموجّه لهؤلاء الثوار الأحرار بالدعوة إلى اليقظة وحماية الثورة ورفض الانقلاب..وهي تهمة يتشرّف بها كل سوداني.. مرحباً بهذه التهمة العوراء التي يريد البرهان ترويجها وهو يظن أن الشعب الآن مثل الشراذم التي كان يحشدها الانقاذيون ويلقون عليها (التنويرات) وكأنهم يسوقون بعض السوائم إلى حظائرها.. هذا الشعب ليس من سوائم الإنقاذ التي تلغي عقولها وتستمع إلى الباطل فتطيع. (وبعض الناس كالإنعام بل هم أضل سبيلا)..!! . ألم يكن رفض الانقلاب وبسالة الوقوف في وجهه درساً بليغاً يغني عن تكرار هذه المهازل الإنقاذية التي أرادت أن تخرج لنا في نسخة جديدة ملطخة بالدم والعار..؟!
إن الرجال الصغار هم الذين يتركون قضايا الوطن من اجل الانتصار لذواتهم.. ولعل البرهان لم يستطع أن ينسى الذين رفضوا الاستسلام لانقلابه ووقفوا في وجه السلوك الجانح والممارسات الخاطئة لمكوّنه العسكري.. ولعله يظن نفسه ذاتاً مصونة فوق الانتقاد..ويريد الناس أن يخضعوا له الرقاب بالسمع والطاعة..وهو يقف في صف تعويق الثورة ومواقفه (هو وصاحبه) جميعها مُعلنة ومرصودة..من المحاولات المفخخة العديدة ضد الثورة ومنذ مجزرة فض الاعتصام وما قبلها وما بعدها..وعبر مؤامرة الشرق وصناعة الانفلات الأمني ولعبة الدواعش والإساءة للقوات المسلحة بقوله إنها تحارب في الخارج بالدولارات..وكل الاختراقات والانتهاكات التي قام بها هو وجماعته ضد الحكومة المدنية والوثيقة الدستورية و(الخرمجات الضارة) التي لحقت بالسياسة الخارجية وسمعة البلاد..ثم هل هناك شاهد اقوي من الانقلاب على الثورة وحكومتها المدنية..؟!!
كل المشكلة الآن عند البرهان وصاحبه وجماعته هي التشفّي من فلان وعلان..أنها الألاعيب الصغيرة بينما الوطن يريد أن يسابق الزمن ليعيد ما تم تخريبه خلال الانقلاب في الاقتصاد والعلاقات الخارجية وفي إطلاق أيدي الفساد والمفسدين واللصوص وفي تخريب المؤسسات وفي فصل الأنقياء وتعيين الملوثين…!! وللحقيقة فإن هذا الانقلاب (الأشتر الأبتر) هو المسؤول الأول عن الهجمة الجديدة لفيروس كورونا..فقد كان الوضع الصحي للمواطنين هو آخر ما يفكّر فيه الانقلابيون الذين كان همّهم الأول والأخير تعطيل العدالة وإعادة تمكين الإنقاذ وإيقاف ملاحقة الفساد ونهب الموارد…ليعتقل البرهان من شاء من معارضي الانقلاب ولنرَ ماذا يمكن أن يفيد ذلك لدى الذين يتوهمون أن اعتقالهم أو اعتقال المزيد من أحرار الثورة وشبابها سيعني تراجع الثورة وهزيمتها وإخماد هبة الشعب الباسلة ضد القهر والفساد ومن اجل الحرية والعدالة والكرامة..!!

مرتضى الغالي
صحيفة التحرير


تعليق واحد