يوسف السندي يكتب.. تنحي المجلس العسكري
السياسة تختلف عن الثورة، فالسياسي يفاوض ويتنازل اما الثوري فلا، وقفنا في الماضي مع السياسة حين انتصرت الثورة وسقط البشير، ودعمنا التفاوض مع العسكر وتجاوزنا فض الاعتصام واحداث قتل الشهداء المتعددة في رمضان وفي يونيو، ولكن النتيجة التي حدثت بعد تسوية الوثيقة الدستورية هي ان العسكر ظنوا ان تفاوض الثوار معهم ضعف، وتنازلهم هزيمة، فقاموا بالانقلاب علي الوثيقة الدستورية ووضعوا مكاسب ثورة ديسمبر في مهب الريح.
الان هناك دعوات يتزعمها حمدوك وبعض السياسيين للعودة للتفاوض مع العسكر مجددا، وتوقيع اعلان سياسي جديد يؤطر لهذا التفاوض، وهو موقف خاطيء يعتمد نفس التكتيك الأول الفاشل، ولن يقود الا إلى النهاية التي حدثت في ٢٥ أكتوبر مجددا، لذلك من الغباء القيام بنفس التجربة مرة اخرى وتوقع نتائج جديدة.
الشارع وصل إلى قناعة بأن تجريب المجرب ندامة، لذلك لن يدعم الشارع اي تفاوض مع البرهان وحميدتي وبقية طاقم المجلس العسكري، ومن غير المتوقع تنازله عن لاءاته الثلاثة( لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية)، لذلك على السياسيين الذين يتحدثون عن العودة للتفاوض مع حمدوك والعسكر ان يعلموا انهم سيفارقون خط الشارع، وسيخسرون الان وفي المستقبل.
الشارع غير مهتم بما يفعله السياسيون، فهو قد تجاوز تجربته القديمة برمتها، ويبتكر الان في تجربته الحديدة والشعب السوداني شعب مبدع وخلاق في ثوراته، لم تعد قيادة الثورة الان لدى تجمع المهنيين ولا قوى الحرية والتغيير وانما أصبح الشارع يقود نفسه، هذه التجربة الفريدة في قيادة الشارع لنفسه ستعصم حراك الشارع من أي سقوط للاحزاب السياسية والكيانات المهنية وأي تسوية يعقدونها مع العسكر.
السياسيون قد يساومون، ولكن الشارع لن يفعل ذلك، السياسيون تحركهم اسباب مختلفة ليس من بينها الشهداء ولا الجرحى ولا المفقودين، بينما الشارع لديه خطوط حمراء لم يعد مستعدا لتخطيها، محاكمة قتلة الشهداء لن يتنازل عنها الشارع، محاكمة الانقلابيين لن يتنازل عنها الشارع، لن يعطي الشارع مجددا شرعية كاذبة للمجلس العسكري، لذلك مهما كانت التسوية ومهما كانت الاحزاب السياسية التي انضمت إليها فان الشارع لن يقبلها، وسيواصل تصعيده لحين اسقاطهم جميعا.
قد يمثل تنحي البرهان وحميدتي وبقية طاقم المجلس العسكري عن السلطة بادرة حسن نية قد يستمع بعدها الشارع للتسويات، اي حديث عن تسوية اقل من هذا السقف ستكون مجرد إضاعة وقت.
صحيفة التحرير
ولا زال السندى فى أحلامه الزلوطية والغير قابله للتحقيق بل هي أمنيات ومجرد أمنيات وفقط !