حوارات ولقاءات

مجتبي بازان.. قصة شاب سوداني يعشق الطيران يقترب من تحقيق هدفه


كان ينظر وهو طفل الي الطائرات من شرفة منزلهم بالخرطوم “2” بشغف ممزوج باعجاب وأمنية بان تشرق شمس أحد الأيام وقد تحقق حلمه بان يكون جزء من عالم الطيران في السودان الذي كان عشقه ينمو في دواخله، حتي إنه وفي سن باكرة كان يعرف بحكم قرب الحي الذي يقطنه من مطار الخرطوم أنواع الطائرات وطرازاتها بل ويحفظ مواقيت هبوطها وإقلاعها ،وكان الطفل وقتها مجتبي يأمل في أن يحقق حلمه سريعاً.

إرث وتجارة
غير أن أرث أسرته التجاري أجبره علي تأخير تنفيذ أمنيته وذلك لأنه رأي ان يمضي علي ذات خطاه والده رجل الأعمال والقطب الإتحادي والسياسي الفقيد “أحمد محمد الأمين الفكي” الذي ترك بصمته عليه وهو يافعاً ،فكان أن نهل من معينه التخطيط والإجتهاد والمثابرة،فذهب الشاب مجتبي الي الصين ودرس فيها مجالاً يبدو بعيداً عن حلم حياته ومهنة والده وهي الهندسة الكيمائية وهو تخصص أضاف له الكثير لاحقاً في حياته العملية بعد أن تخرج في العام 2005،ووجوده في الصين فتح مداركه علي ضروب متنوعة من الإقتصاد والعمل التجاري فكان ان أسهم في توسيع مجموعة أسرته التجارية عبر العمل في مجال التطوير العقاري فمن إستيراد مواد البناء شجعهم والدهم علي خوض تجربة جديدة في التطوير العقاري،وبالفعل تمكنوا خلال عام من ملامسة ثريا النجاح لتنطلق الأسرة في هذا المجال حتي وصلت مرحلة تشييد عشرة أبراج سكنية في العام الواحد بمجموع 750 شقة سكنية بالخرطوم 2و3.

أمنية وهدف
ورغم التوفيق الذي لازمه في العمل العقاري إلا حلمه بدخول مجال الطيران ظل يراوده ،كان يوم يخطط لأن يصبح طيارا غير أن الفقيد والده كان صاحب رؤية ثاقبة حينما طلب منه إلا يحصر نفسه في الوظيفة في مجال الطيران وأن يعمل علي خدمته عبر رؤية جديدة وذلك بانشاء شركة طيران من واقع أهمية هذا القطاع ،ولأن الشاب مجتبي إمتلك الخبرة التجارية وعشق الطيران فانه إتجه ومن أجل إكتساب خبرات عملية الي إنشاء وكالة بازان للسفر والسياحة في العام 2013 ليبدأ أولي خطواته في هذا المجال ونجح في خلق علاقات متينة مع عدد من شركات الطيران وعلي رأسها تاركو التي تعتبر وكالة بازان وكيلها في عنتبي بالاضافة الي بدر وفلاي دبي وغيرها ،كانت فلسفته في بداية مشروعه ان تتخصص الوكالة في الحج والعمرة والإقتصادي عبر أسعار تنافسية، لتحصل الوكالة على إثر ذلك على جائرة أكبر مفوج من شركة تاركو للطيران،وتمتلك الوكالة رؤية واضحه وخطط يريد الشاب مجتبي أن تقوده الي تأسيس شركة طيران وبالفعل هذا ماحدث في العام 2017 وذلك للتدرج في مطلوبات الطيران، وقد القت الظروف السياسية وجائحة كورونا ظلالها السالبة علي تنفيذ كامل خططه في خروج شركته الي الوجود، ويري أن هذا أمر جيد لأنه يسهم في إكتسابهم المزيد من الخبرات،ويضع تجربة تاركو نموذجاً يقتفي أثره.

مجال واعد
يري الشاب مجتبي أن مجال الطيران خدمي وفي السودان يمكنه إستيعاب المزيد من الشركات،فهو ينظر الي أن نسبة السودان المتواضعه من سوق الركاب بعدم رضاء، ويعتقد أن الحل في ظهور المزيد من شركات الطيران الجديدة بالإضافة الي تحديث اساطيل الطائرات ،عطفا علي ضرورة الإتجاه الي المزيد من المحطات العالمية في أوربا ،آسيا وأفريقيا،
وتتملك الشاب مجتبي قناعة راسخة بضرورة الإنفتاح علي أفريقيا ويقول إن علي شركات الطيران الوطن ان تهتم بذلك ،وهذا القناعة جعلته يضع خطط شركته علي الإهتمام بالقارة السمراء ،وله فلسفة في ذلك تستند علي أن هذا هو عمق السودان الحقيقي عطفا علي أن اسواقها واعدة يمكنها ان تسهم في تحريك الإقتصاد السوداني وتعزيز صادراته بالإضافة الي الإستفادة من مواردها ،علاوة علي تعزيز التواصل الإنساني بين الشعوب،ويري أن في هذا تغيير للنمط التقليدي للعمل الاقتصادي في السودان ،لذا فانه يضع أفريقيا نصب إهتمامه ويقول ان شركة طيران بازان ستركز بشكل كبير علي دول القارة السمراء ،ويؤكد ان جدوي التعامل الإقتصادي مع الدول الأفريقية من شأنه أحداث إضافة حقيقية للسودان وضرب مثلاً بدولة جنوب السودان التي أشار الي أن الخبراء الإقتصاديين يقدرون حجم التبادل التجاري معها بثمانية مليار دولار.

أوضاع وتوقعات
مجتبي بازان مثله وعدد كبير من الشباب العاملين في مجال الطيران فهو يعتقد بان الأوضاع في البلاد ماتزال تحتاج لعمل كبير حتي يمكنها ان تستقر ،ويقول إن الطيران يبدو واقعه غير مرض وذلك لانعكاس الأوضاع السياسية والإقتصادية عليه ،عطفا علي عدم وجود إستراتيجية واضحة من كل الحكومات المتعاقبة التي تتعامل مع قطاع الطيران مثله والبقرة والحلوب ،ويعتقد بان عافية هذا القطاع في تأسيس دولة سودانية مستقرة تمتلك دستور دائم واستراتيجيات واضحة ،معتبراً مجرد المطالبة بالحقوق الاساسية مثل المياه والصحة والتعليم دليل علي ان الدولة السودانية لم تتطور.

وكالات السفر والظلم
بذات شفافيته فان الشاب مجتبي يعتبر ان وكالات السفر والسياحة في السودان تعاني كثيراً من تجاهل الحكومة لها وعدم العمل علي تطويرها ،مشيراً الي ان الطيران المدني عليه ان يساعدها بإلزام شركات الطيران الأجنبية بان يكون الوكيل في السودان صاحب وكالة موجودة ومعروفة وليست مصنوعة وحديثة النشأة والتصديق ،مؤكداً علي أن هذا القطاع المؤثر يستحق تعامل أفضل وعدم سلب حقوقه بالإضافة الي إمتلاك شعبة الوكالات القدرة علي إثبات وجودها،مبديا دهشته من عدم وجود وزارة منفصلة للسياحة بالسودان رغم إمتلاك البلاد كل المقومات التي من شأنها ان ترفد خزانة الدولة بمليارات الدولارت اذا اهتمت بها.
وكيل داخلي وخارجي
ومثلما حصلت وكالة بازان للسفر والسياحة علي توكيل تاركو لخط عنتبي فانها وبفضل وضوح رؤيتها تمكنت من الحصول علي توكيل شركة طيران النيل المصرية التي أكد علي انها ستمثل إضافة حقيقية لسوق الطيران في السودان وستكون خيار جديد امام المسافرين ،ولايعتقد بان شركات الطيران العالمية تؤثر علي الوطنية وذلك لان سوق السفر في السودان يمكنه إستيعاب المزيد من الشركات بالإضافة الي ان هذا يتيح للمسافر الإختيار الحر.

شاهد عصر
تجربة الشاب مجتبي أحمد محمد الأمين الفكي رغم سنواتها القصيرة تؤكد أن إدراك النجاح يحتاج إلى تضافر عدد من العوامل أبرزها الرغبة، المثابرة والتخطيط الدقيق، واذا مضى بهذه الوتيرة فإن رؤية طائرات شركة بازان وهي تحلق في سماء الخرطوم لن يكون حدثا بعيداً.

الخرطوم:طيران بلدنا