محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: برشلونة وحمدوك

السؤال الذي ظل يدور في رأسي هو اين اختفى مني اركو مناوي وجبريل ابراهيم والتوم هجو؟ هؤلاء الذين هندسوا (الانقلاب العسكري) وحاولوا ان يلبسوه لباس المدنية (العمة والجلابية) بدلاً من (البزة) العسكرية ليكون (الانقلاب المدني) فعندما فشل مخططهم وانكشف كيدهم وانقلب الانقلاب عليهم اختفوا من الساحة بحثاً من ان يكون لهم موقع في المرحلة القادمة بعد ان اكتشفوا ان مواقعهم الجديدة لن تصمد طويلاً مع تيار الشارع الرافض للانقلاب.

 عاد التوم هجو يتحدث عن الديمقراطية والثورة بعد ان انقلب عليها ورجع جبريل ابراهيم يمارس ادب (الطبطبة) بعد ان فقد انصاره حتى في حركته.

 اين الذين كانوا يخرجون علينا في الفضائيات السودانية والعربية ليحدثونا عن ان الذي تم ما هو إلا حركة تصحيحية؟

 اين الخبراء العسكريين وخبراء الامن والاستراتيجيات؟

 اين المحلل الذي ظهر في فضائية عربية وقال ان ما يحدث في الشارع السوداني احتجاجات محدودة؟

 ما زلت اذكر حسن اسماعيل عندما كان ناطقاً رسمياً باسم حكومة الانقاذ وظهر في مناظرة مع فيصل محمد صالح في قناة الجزيرة وقال ان الثورة انحسرت لتسقط حكومته بعد ايام قليلة من هذا التصريح.

 الحركة التصحيحية اوصلتنا الى هذا المنقلب وأرجعتنا ثلاثين سنة للوراء.

 لو كانت الامور تحل بهذه الطريقة التي جاء بها البرهان لما سقط البشير ولأحدث (حركة تصحيحية) تبقيه في السلطة (30) سنة اخرى.

 انقلاب 25 اكتوبر هو الذي ادخل البلاد في هذه الورطة – من قام بهذا الانقلاب واشترك فيه يجب ان يترجل ان كان يريد خيراً للسودان.

 أي مكابرات او مغالطات سوف تدخل الذين قاموا بهذا الانقلاب في المزيد من الصعاب والمطبات والأزمات.

 المكون العسكري امام امتحان تاريخي – لم تعد المرحلة تحتمل وجودهم في السلطة – قدموا استقالاتكم وارحلوا هذا افضل من ان تجبروا على هذا – أي مكابرات غير ذلك تبقى مكابرات تشبه ظهور احمد هارون في قناة سودانية 24 مع الطاهر التوم ليلة سقوط نظام البشير متحدثاً عن الحلول المرتقبة والحوار مع المعارضة والسيطرة على الاوضاع وكتائب الظل.
 لا تخدعوا انفسكم بهذه (المسكنات) التي يمنحها لكم الفلول – لقد جربتم كيدهم يوم ان نصحوكم بانقلاب 25 اكتوبر وأكدوا لكم ان الشارع سوف يدعم هذا الانقلاب و سيطلق عليه (حركة تصحيحية).

 الآن ينصحونكم بمحرقة اخرى ويدعونكم للاستمرار في السلطة.

(2)

 نحن غير معنيين باستقالة حمدوك – على الشارع ان لا يقف في هذه الاستقالة كثيراً – قدمت او لم تقدم.

 لا تتعاملوا مع (النوايا). تلك مرحلة متقدمة لم نبلغها حتى الآن – حمدوك اوضح للمقربين منه (نيته) تقديم استقالته – حمدوك كشف للمقربين منه (نيته) تراجعه عن تقديم استقالته.

 في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل.

 تعاملوا مع حمدوك شخصياً وليس المقربين منه.

 المقربون من حمدوك ليسوا جزءاً من العملية.

 لكن مع هذا يبقى السؤال حول (التكتيك) السياسي الذي اتبعه حمدوك في هذه النوايا.

 هل يريد حمدوك ان يضغط على العسكر لتحقيق المزيد من المكاسب ؟ ام انه بهذه (الحركة) يريد ان يضغط على المكون المدني؟ اخشى ان يكون تكتيك حمدوك يذهب في هذا الاتجاه ويأتي على طريقة (الحركة التصحيحية).

 عموماً ان حدث هذا او ذاك يجب ان يكون الشارع السودان معني فقط بمدنية الحكم وسلمية الثورة وعظمة الاهداف.

 احياناً نخشى على الوطن من (الانزلاق) ولكن نعود ونجد ان هذا (الانزلاق) يستعمله المخذولون والمحبطون والذين يريدون ان يرضوا بالنصف الفارغ من الكوب.

 اذا كان هناك (انزلاق) حقاً يمكن ان ينزلق له الوطن – فان المكون العسكري ادعى للتنازل والتنحي من اجل سلامة وامن هذا الوطن كما يقول العسكر دائماً.

(3)

 تكتيكات حمدوك الاخيرة لا تختلف كثيراً عن تكتيكات فريق برشلونة في هذه الفترة بعد ان كان فريقاً يهز الارض طولاً وعرضاً – وأصبح يستقبل خسارة او تعادلاً جولة بعد الاخرى.

 برشلونة نزل الى بطولة الدوري الاوروبي بعد ان كان في بطولة الابطال وأصبح حتى على مستوى الدوري المحلي الاسباني يحتل المركز السابع في جدول (الليغا) الاسباني.

 برشلونة فقد كثيراً بعد رحيل ميسي وأظن ان حمدوك هو الاخر قد فقد (ميسيه) الذي كان يمثله (الشارع) وأصبح يلعب الكرة التي تعتمد التشتيت.

 اما البرهان فهو ينطبق عليه ما ينطبق على (ليفانتي) الذي يحتل المركز الاخير في (الليغا) الاسبانية بثماني نقاط فقط بعد (18) جولة في الدوري الاسباني خاضها ليفانتي.

(4)

 بغم /

 قرأت عن اخبار الحمقى والمغفلين في التراث العربي ووجدت ان ما كان يحدث منهم هو نفس ما يحدث الآن من الذين دعموا الانقلاب العسكري ودعوا اليه ليوردوا البلاد الى هذه التهلكة.

 في باب الحمقى حكى أبو الخير الخياط عن بعض أصحابه قال: دخلت تاهرت فإذا فيها قاضٍ من أهلها، وقد أتى رجل جنى جناية ليس لها في كتاب الله حد منصوص ولا في السنة، فأحضر الفقهاء فقال: إن هذا الرجل جنى جناية وليس لها في كتاب الله حكم معروف فما ترون؟ فقالوا بأجمعهم: الأمر لك، قال: فإني رأيت أن أضرب المصحف بعضه ببعض ثلاث مرات، ثم أفتحه فما خرج من شيء عملت به، قالوا له: وفقت. ففعل بالمصحف ما ذكره، ثم فتح فخرج قوله تعالى: ” سنسمه على الخرطوم ” فقطع أنف الرجل وخلى سبيله.

صحيفة الانتباهة

تعليق واحد