خير الله خيرالله يكتب فشلان سودانيان… في فشل واحد
فشلان سودانيان… في فشل واحد
استقالة حمدوك تكشف عن عمق الأزمة الداخليّة السودانية التي تضع مصير البلد على كفّ عفريت ويعبّر الفشل في إقامة توازن جديد عن رفض السودانيين التعلّم من التجارب التي مرّ فيها بلدهم منذ استقلاله.
استقالة حمدوك جعلت كلّ الآمال في مستقبل أفضل تخيب
ليست استقالة عبدالله حمدوك من موقع رئيس الحكومة في السودان سوى تعبير عن الفشل في إقامة توازن جديد في البلد يؤسس لدولة مدنيّة حديثة.
كذلك، تكشف الاستقالة عمق الأزمة الداخليّة السودانية التي تضع مصير البلد على كفّ عفريت. فوق ذلك، يعبّر الفشل في إقامة توازن جديد عن رفض السودانيين التعلّم من التجارب التي مرّ فيها بلدهم منذ استقلاله في العام 1956، خصوصا من تجربة الحروب الداخليّة المتلاحقة التي لم تنته بعد. لم تنته هذه الحروب الداخليّة على الرغم من انفصال الشمال عن الجنوب، إثر استفتاء شعبي، وقيام دولة مستقلّة في الجنوب صيف العام 2011 وذلك من أجل محافظة عمر حسن البشير على نظامه!
في أساس الفشل السوداني، الذي عبّرت عنه استقالة حمدوك، غياب الوعي الشعبي بمستلزمات المرحلة المعقّدة التي يمرّ بها البلد من جهة وإصرار كبار الضباط على دور أساسي محوري في عملية بناء السودان الجديد من جهة أخرى. لا يتردّد عسكر السودان، الذين يريدون نظاما مدنيّا على قياسهم، في استخدام القوّة والقمع لتأكيد أن ليس في الإمكان إزاحتهم من الموقع المهيمن الذي يصرّون على الاحتفاظ به.
يمكن اعتبار الفشل السوداني فشلين في فشل واحد. فشل شعبي وفشل عسكري في الوقت ذاته. لا يعرف العسكريون أنّه لولا الإصرار الشعبي لما أمكن التخلّص من نظام بائس ومتخلّف تحكّم به عمر حسن البشير طوال ثلاثين عاما. ولا يعرف السودانيون الذين نزلوا إلى الشارع بغية التخلّص من البشير أنّ كبار الضباط كانوا وراء إقناعه بالاستقالة ووضعه في السجن من دون سفك دماء. أبلغ كبار الضباط البشير أنّ اللعبة انتهت. بدل وجود تكامل بين الجانبين، لما كان هناك أمل ببناء بلد أفضل بعد التخلّص من البشير وتخلّفه. لكنّ الواضح أن الصبر ينقص لدى الجانبين اللذين لا يمكن لأيّ منهما، إلى إشعار آخر، الاستغناء عن الآخر.
في الواقع، لم يستوعب المواطنون السودانيون أنّ هناك حاجة إلى كبار الضباط في هذه المرحلة وأنّ العودة السريعة إلى حكم مدني يمكن أن تنتظر بعض الوقت وظروفا أفضل. يعود ذلك إلى غياب النضج السياسي في الشارع السوداني. مثل هذا النضج ضرورة سودانية في ظل الحاجة إلى اتخاذ قرارات كبيرة غير شعبيّة تحتاج إلى تغطية العسكريين أوّلا وأخيرا. لم يخرج السودان من لائحة الإرهاب الأميركيّة ولم يحصل على إعفاء من بعض ديونه لولا تغطية كبار الضباط، على رأسهم عبدالفتاح البرهان.
تبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى رعاية دولية وعربيّة للسودان في حال كان مطلوبا تفادي الأسوأ وكي لا يقال إن السودانيين يتصرّفون على طريقة أبناء العائلة المالكة في فرنسا ونبلائها
يبدو أن البرهان يفهم جيّدا ما يدور في العالم والمنطقة ويفهم خصوصا معنى التحولات التي تشهدها منطقتا البحر الأحمر والقرن الأفريقي والدور الذي يفترض في السودان لعبه في دعم الاستقرار الإقليمي. بكلام أوضح، ثمّة حاجة إلى غطاء للقرار السياسي السوداني في ظلّ أزمتي اليمن وإثيوبيا وسعي إيران لأن تكون موجودة بقوّة وفعالية في البحر الأحمر. وهذا ما ظهر بوضوح من خلال احتجاز الحوثيين، انطلاقا من ميناء الحديدة، سفينة ترفع العلم الإماراتي عليها مساعدات طبية. في النهاية، الحوثيون ليسوا سوى أداة إيرانيّة لا أكثر.
منذ استقلال السودان، لم يحدث أن استطاع العسكر التعاون مع المدنيين ولا استطاع المدنيون التعاون مع العسكر. كان الأمل في أن تبدأ بعد العام 2019 مرحلة جديدة في ضوء التخلّص من نظام البشير الذي سعى لجعل السودان بلدا متخلّفا على الرغم من كلّ الثروات التي يمتلكها. جعلت استقالة حمدوك كلّ الآمال في مستقبل أفضل تخيب. بات السؤال هل السودان عاجز عن العيش في ظلّ نظام مدني بحماية من العسكر وضمانة منهم؟
يبدو السودان أمام مستقبل مجهول ومخيف في الوقت ذاته في غياب معادلة جديدة تؤمّن نوعا من الحكم المدني يضمن الاستعانة بخبراء حقيقيين يعالجون الوضع الاقتصادي أوّلا. في غياب مثل هذه المعادلة التي تمثّل الخيار الأفضل للبلد، يبدو أن العسكريين يتجهون إلى تكريس وضعهم كمرجعيّة لأيّ سلطة مدنية… هذا إذا لم تغرهم تجارب الماضي، بدءا بتجربة إبراهيم عبود وصولا إلى تجربة عمر حسن البشير، مرورا بتجربة جعفر نميري، وهي ثلاث تجارب سيئة الذكر إلى حدّ بعيد.
تبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى رعاية دولية وعربيّة للسودان في حال كان مطلوبا تفادي الأسوأ وكي لا يقال إن السودانيين يتصرّفون على طريقة أبناء العائلة المالكة في فرنسا ونبلائها. خسرت هذه العائلة، مع نبلائها، العرش نتيجة ثورة 1789 وبقي أفرادها وأبناء العائلات النبيلة يرفضون أخذ العلم بما حدث. كانت النتيجة أن انطبق عليهم القول الذي خرج به تاليران عن أنّ هؤلاء “لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا”. لم يتعلموا شيئا من التجربة التي مروا بها ولم ينسوا شيئا من عاداتهم السيئة.
في كلّ الأحوال، يقف السودان عند مفترق طرق. هذا ما قاله حمدوك في بيان استقالته الذي عكس تجربة مرّة منذ صار رئيسا للوزراء في العام 2019 ثم وضعه في الإقامة الجبرية في تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي، قبل أن يفرج عنه لاحقا ويكلّف مجددا بتشكيل حكومة. حدث ذلك في ظلّ ضغوط دولية مورست على الضباط الذين يبدو أنّهم أعادوا التقاط أنفاسهم في الأسابيع القليلة الماضية. اضطر العسكر إلى اللجوء إلى العنف والقمع في مواجهة شارع يريد حرق المراحل. هذا مستحيل في بلد مثل السودان حيث تعوّد السياسيون بأحزابهم المختلفة على مماحكات لا طائل منها…
ما حدث أن عبدالله حمدوك فرّ بجلده بعدما وجد نفسه أسير معادلة مستحيلة هي تفاهم بين العسكر والمدنيين. ترك السودان في حال يرثى لها في وقت تبدو الحاجة أكثر من أيّ وقت إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلد كان إلى ما قبل فترة قصيرة بلدا واعدا، خصوصا في ظلّ الإصرار الداخلي على التخلّص من نظام البشير بكلّ تخلّفه.
صحيفة السوداني
خلييص انتهت أزمة لبنييين يا زلمي؟
كتاب الخليج ولبنان مدفوعي الاجر حاملي راية الحرب الشرسة علي الاسلام السياسي. .. المتحمسين للديموقراطية خارج حدود الخليج الساكتين عنها داخل الحدود… لا نتاج من فهمكم الذي يستبعد معادلة الاسلام والحكم …. سترتد الحملة عليكم وقريبا باذن الله سترون تحول حكام الخليج لرفع راية الاسلام هو الحل وستكونون تبعا لهم وكتاب بالوكالة ولستم اصحاب راي وفكر… ما ذكرته هو فشل صحيح لكن التصحيح قادم باذن الله فقط لو اوقفتم حملة الحرب علي الشعب السوداني من اعلامكم العلماني الموجه ضد الامة