رأي ومقالات

الجميع من السودان، مرورا بإثيوبيا وجيبوتي، وانتهاءا بالصومال يعيشون هشاشة بنيوية

هل تخطط إثيوبيا لاحتلال مدينة ( زيلع ) التاريخية ؟
…………………………………………………………………
كتب الكاتب الأمريكي الدكتور مايكل روبن المعروف باهتمامه الكبير فى الجغرافيا السياسية ، ومتخصص فيما يسمى بالشرق الأوسط الكبير مقالا خطيرا حول مسألة فى غاية من الأهمية ، وهي امكانية احتلال إثيوبيا لمدينة زيلع ذات البعد الإستراتيجي ، ولديها ميناء خامل لا يعمل الآن لأسباب سياسية ، والرجل لديه اهتمام كبير فى القراءة المستقبلية السياسية للمنطقة ، وعنده اهتمام ايديولوجي ، لأنه من الذين يناصرون اسرائيل بقوة ،.
نشر الرجل مقالا فى مجلة ( ناشيونال إنتريست ) الأمريكية حول إمكانية احتلال الدكتور أحمد آبي مدينة زيلع ، لأنه عرف مؤخرا ، وخاصة فى حربه الأخيرة مع جبهة تحرير تغراي بأن عدم وجود ميناء خاص لإثيوبيا مضر استراتيجيا ، بل ويمكن أن تتعرض إثيوبيا لمشكلات بنيوية متعلقة فى هذا الشأن ، ولهذا كتب فى مقاله ، أن لدى أحمد آبي عينان ، إحداهما على السلطة ، والأخرى على ميناء مدينة زيلع التاريخية ، وهناك من مؤيديه كما زعم الباحث من يدعم هذا التوجه السياسي ، لآن مدينة زيلع تاريخيا ارتبطت بمدينة ( هرر ) التاريخية ، والتى تمثل اليوم جزءا من أراضي إثيوبيا الحديثة ، ولهذا لا مانع من استخدام هذا الممر المهم ، والخطير استراتيجيا .
إن الرجل كذلك ناقش فى مقاله النوعي ، والخطير مسألة الصراع الكوني بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حيث نجحت الصين فى اختراق الجدار الأفريقي ، وخاصة فى القرن الأفريقي بنجاح ، وللصين اليوم قاعدة كبيرة واستثنائية فى ( جيبوتى ) التى تعيش تمر اليوم حالة خاصة سياسيا ، وبدأت تشق طريقها نحو اريتريا ، تلك الدولة التى تعيش هي الأخرى حالة من الضمور السياسي ، ولها علاقة مميزة مع إثيوبيا ، ولم يبق لها إلا الصومال ، وخاصة ( جمهورية الصومال لاند ) غير المعترف بها دوليا ، ومن هنا يجب كما زعم الرجل أن تفكر الولايات المتحدة بقوة عن هذا الأمر .
ما لم يقل مايكل روبن عن ميناء زيلع .
………………………………………………
إن فهم الموضوع بشكل أساسي يتطلب منا فهم ( الجغرافيا السياسية ) ، وهذا الموضوع أنضجه بشكل كبير المفكر السياسي الدكتور جمال حمدان ، والذى ناقش موضوع ( عبقرية المكان ) ، ومن هذا العنوان نستطيع أن نفهم عبقرية المكان لمدينة زيلع التاريخية وأخواتها ، جيبوتى ، ومدينة بربرا ، وهذه المدن تقع فى موضع استراتيجي غاية فى الأهمية ، وتزداد أهميتها مع مرور الزمان ، ولكن المشكلة تكمن فى مسألتين مهمتين ، وغاية فى الخطورة وهما ، الانكشاف الاستراتيجي فى هذه المنطقة التى تعيش تحت دول فاشلة ، أو قابلة للفشل ، أما الأمر الثانى ، فهو ينتج من هذا الانكشاف الاستراتيجي ، وهو وجود البعد القبلي ، وغياب فكرة الأمة عن المجتمع الصومالي ، ومن هنا يرى الطامع بأنه يمكن وصول الهدف فى هذه اللحظة بهدوء ، ولكن فلا بد من استخدام اللغة القانونية ، والسياسية للوصول إلى المآرب السياسية .
تعيش إثيوبيا ذات الكثافة السكانية فى حبس جغرافي ، بينما تتمتع دول ذات كثافة سكانية منخفضة ( جيبوتى ) نموذجا بممرات بحرية مهمة ، وكذلك الصومال لاند التى لم تجد حتى الآن اعترافا دوليا ، فجيبوتي الدولة لديها سكان لا يتجاوز مليون نسمة ، وميناؤها يخدم لإثيوبيا أكثر من ( ٩٥ ٪؜ ) من احتياجاتها ، والصومال لاند لديها سكان لا يتجاوز أربعة ملايين نسمة ، ومع هذا لديها ساحل بحري طويل نسبي ، وإلى جانب ذلك جمهورية الصومال بشقيها ، ولديها أطول ساحل بحري فى القارة الافريقية ، وعدد السكان لا يتجاوز عشرين مليون نسمة ، بينما إثيوبيا تعتبر من عمالقة القارة الأفريقية ، فهي الدولة الثانية من حيث عدد السكان بعد نيجيريا ، ومع هذا تشكو من أزمة الممر البحري ، وتعتبر جهات غربية أن هذا ليس عدلا ، بل هو ظلم سياسي ، يجب تصحيحه ، بل وترى بعض الجهات فى الدولة العميقة فى اثيوبيا بأن مدينة زيلع ، وجيبوتى وتادجورا الجيبوتية ، أجزاء من دولة إثيوبيا ، ويجب إعادتها إلى الخريطة من جديد .
قبل عقد من الآن ، عملت إثيوبيا من جديد القوات البحرية ، وتخطط لإيجاد قواعد عسكرية لها فى القرن الأفريقي ، ولكن الخطة لم تكشف بعد للإعلام ، إلا أن القراءة الموضوعية تشير بأنها تخطط لأمرين لا ثالث لهما ، إما احتلال منطقة ما كمدينة زيلع ، أو دخول اتفاقية من شأنها منح إثيوبيا قواعد عسكرية فى بعض الموانئ. فى المنطقة ، وخاصة فى مدينة زيلع ، وبربرا ، وجيبوتى ، ولكن السؤال ، أي المنطقين أقوى ؟ ولماذا ؟
يرتبط المنطق السياسي بحالة المنطقة ، وحالة الصراع الكوني ، فالمنطقة اليوم تعيش حالة استرخاء سياسي ، وجميع الدول تشكو من ليونة سياسية فائقة ، وليس هناك دولة خارجة عن هذا المنطق بما فيها إثيوبيا ،فالجميع من السودان ، مرورا بإثيوبيا وجيبوتى ، وانتهاء بالصومال يعيشون هشاشة بنيوية ، ولهذا قد لا تتمكن لإثيوبيا تنفيذ الخطة ، ولكن هذا لا يعنى أن الخطة لن ترى النور قريبا ، فالأمر يحتاج إلى تهدئة الأوضاع داخليا ودوليا .
يلعب الدكتور أحمد آبي فى مساحات مختلفة ، ومن المساحات الجديدة ، أنه بدأ يهدّئ الأوضاع الداخلية حيث قام بتسريح سياسيين ذوي أثقال مهمة ، ومن جميع القوميات ، ماعدا القومية الصومالية ، وبعدها حصل مكالمة تليفونية من السيد الأول فى البيت الأبيض مما يدل على أن التسريح جاء بعد ضغوط خارجية ، وخاصة من الدول الغربية ، وعليه فإن الخطط ما بعد الهدوء سيكون العمل فى الخارج بشكل استراتيجي متوازن .
كيف يفكر السياسيون فى بلادنا ؟ ما رؤية السياسي الصومالي والجيبوتي فى هذه المرحلة ؟ وكيف نقرأ الأوضاع السياسية ؟ كل ذلك سيكون فى مقال لاحق بإذن الله .

Sh. Abdirahman Bashir

تعليق واحد

  1. مقال منطقي وكل المعطيات تدل على أن اثيةبيا وقريبا جدا ستكون اللاعب الأول في المنطقة من مصر مرورا بالسودان واريتيريا والصومال وجيبوتي ستكون لهاالذراع الأطول والأقوى. والشيء الذي أستطيع أن أجزم به أن للصومال وأرتيريا وجيبوتي مفكرين وسياسيين استراتيجييب إذا لم تكن لهم خطط اليوم فعلى الأقل تتوفر لديهم الوطنية وحب الوطن. وبالنتيجة البلد الوحيد لذي خطط لشعبه أن تكون اكبر طموحاته الحصول على وجبتين في اليوم. بالمناسبة هذا هو طموح السياسيين في السودان أيضا لا يختلف في ذلك رجل الشارع العادي من السياسي أو المهندس أو الطبيب أو غيره كما أكبر ما يجمعهم جميعا هو الأنانية والحسد وأنعدام الحس الوطني والانتماء لترابه والدليل على ذلك. أنظر للجميع تراهم يعملون ثرواتهم من عرق الغلابة ولكن بدل أن يستثمروا في هذا البلد يخرجوا ليعيشوا بها ملوكا في بلدان المنطقة. والله لو في دولة تعرف مسئوليتها تجاه شعبها أي انسان يغنى من ممارسة الأعمالفي السودان أن يحرم عليه تخريج أي دولار ليعيش ويستمتع بها خارجه. المصري يغنى من مصر ويستثمر في مصر والأييوبي المغربي الجازئري وغيرهم الإ نحن الخونة التافهين الأنانيين.