مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي يكتب: الإقصاء هو الداء


(1)
تمعنتُ في أكثر قضايا السودان تعقيداً فوجدتُ أن “الإقصاء” السياسي هو العامل المشترك بين جميع المشكلات والأزمات .. وهذه الأخيرة كثيراً ما تفرز المشكلات الإقتصادية والأمنية.. الإقصاء السياسي للآخرين رغبة جامحة تتملك كل السياسيين الذين يساعدهم الحظ في الوصول إلى السلطة والهيمنة على مفاصل الدولة فبينما هم في سكرتهم يعمهون تسول لهم أنفسهم إقصاء الآخر، وهذا الإقصاء غالباً ما ينتج عنه خصومة سياسية فاجرة ورغبة في الإنتقام مما قد ينعكس على عدم الاستقرار ودوامة الصراع على المواقع..
(2)
خذ مثلاً الصراع السياسي الذي برز مبكراً بين الأحزاب التقليدية التي اسهمت في الإستقلال ستجد أن محاولات إقصاء الآخر وإبعاده أوجدت ذلك الصراع والفجور في الخصومة السياسية… كل الأزمات السياسية منذ الإستقلال كان سببها الرئيس محاولة البعض عزل الآخرين وإقصائهم والإنفراد بالسلطة، حتى الإنقلابات العسكرية التي حدثت كانت محاولة إقصاء للقوى المدنية والإنفراد بالسلطة بل حتى عمليات التسليم والتسلم منها كانت كانت تمهيداً للهيمنة وإقصاء الآخر..
(3)
وخذ مثلاً الأزمة السياسية بين الجبهة الإسلامية بزعامة الترابي والقوى السياسية الأخرى والتي استمرت على مدى “30” عاماً بعد إنقلاب الأولى في يونيو 89 ، هذه الأزمة بكل اسقاطاتها ونتائجها كانت بسبب إقصاء الجبهة الإسلامية للأحزاب الأخرى وهيمنتها على السلطة بعد الإنقلاب وإحتكارها للحكم والإنفراد به على مدى ثلاثة عقود..
(4)
وخذ مثلاً أزمة شرق السودان، فقد كان محاولة مجموعة جوبا بالجبهة الثورية إقصاء المكونات الأخرى هي السبب الرئيس في إشعال أوار الأزمة ووصولها للحد الذي رأيناه، وقد كانت ردة الفعل عنيفة من الطرف الآخر الذي وقع عليه الإقصاء وشاهدنا الذي حدث..
(5)
الأزمة الحالية بين المكونين المدني والعسكري والتي غرقت فيها البلاد، تظل هي الحصاد المر لمحاولات الإقصاء المستمرة من الجانبين العسكري والمدني من جهة ، وبين المدنيين أنفسهم من جهة ثانية..وقد كانت النتيجة الفعلية لمحاولات الإقصاء تلك، ماحدث في 25 أكتوبر بعد إنقلاب المكون العسكري في المجلس السيادي على شركائهم المدنيين..فما حدث في 25 أكتوبر كان إقصاءً للقوى المدنية ومحاولة للإنفراد بالسلطة من جانب المكون العسكري، والنتيجة هي حصاد أرواح بريئة وتعقيد خطير للأزمة السياسية، وفتح الأبواب للتدخلات الأجنبية، وصراع المحاور الإقليمية والدولية على أرض السودان..ألم أقل أن محاولات الإقصاء السياسي في إطار الصراع على الكراسي والمواقع هو أس البلاء والقاسم المشترك بين كل الأزمات السياسية التي حدثت في البلاد، ولو أنهم يدركون ويعلمون أهمية قبول الآخر وإدارة الإختلاف والتنوع لما حدث الذي كان، ولكنهم لايعلمون …….الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة


تعليق واحد

  1. اذا كانت محاولات الإقصاء تتم عبر صناديق الانتخابات فلا غرابة ولكن المشكلة ان الاحزاب تستعين بالخارج كما فعل حمدوك بان جاب البعثة الاستعمارية التي تحاول اعادته للمشهد مرة اخري ولو علي اكتاف الفشل. ..العمالة والارتزاق والتعويل علي الخارج هي اكبر مشكلة تواجه البلاد وحتي مقالك حين يرد علي ذكر استعانة بعض التحزاب بالخارج لا يعطي الموضوع ما يستحق من عبارات ولا يقف ليستنكر …مطلوب تجريم التعاطي في قضايا البلد مع الخارج. .مطلوب من الشعب والكتاب والمثقفين العمل علي رفع الوعي بخطورة العمالة علي البلد ومستقبلها واستقرارها