حسن إسماعيل: نحن أمة فيها كثير من العلل النفسية
الغوغاء صغار العقول !!
– أفهم بصعوبة أن يغلق المواطنون ( العاديون) طريق الشمال احتجاجا على تعرفة الكهرباء …أقول (بصعوبة) لأن هنالك أساليب اخرى للإحتجاج تقوم على قاعدة لاضرر ولاضرار مثل الاعتصام الرمزى والمجدول داخل مكاتب الكهرباء على امتداد الولاية ثم التصعيد تدريجيا ليكون رمزيا داخل المحليات مثلا ولكن ماذنب المواطن الذى يريد جلب حصاده من الفول والتمر إلى سوق امدرمان مثلا؟ والتتريس هنا لايفرق بين (الماربيلا والطحنية) والبركاوى وفول السليم( قولوا بسم الله ) !!
ـ ليست هذه هى المشكلة ….المشكلة فى حمار النوم الذى تركبه العملية السياسية والمدهش أنه حمار له نهيق وهتاف ولاحول ولاقوة إلا بالله ….
ـ فالجميع يفهم أن التتريس تم احتجاجا على تراجع وزارة المالية عن خفض تعرفة الكهرباء المجنونة التى أعلنتها سابقا ولكن عملية التتريس تحولت بقدرة قادر لعمل سياسى وإقتصادى هتافى اخرق وأجوف تم من خلاله الإكتشاف فجأة أن مصر تسرق مواردنا ومن ثم بدأ الحديث عن (بركات) التتريس ولتبيان تلكم الخزعبلات تم تدبيج عدد من الروايات والتسجيلات الصوتية والمقالات …قرأت أن صاحب قهوة اكتشف عملة سودانية مزورة وبكميات كبيرة لدى سائق إحدى الشاحنات فاتصل على لجان المقاومة ( بالله ) !! هؤلاء الاغرار لايعلمون أن أول من يتأذى من نشر مثل هذه الأخبار هو الإقتصاد السودانى نفسه وأن اخبار تزوير العملة يجب أن تصدر من مصادر رسمية وإن الحكاية ليست ( طلقيبه) مثل كلامات ( لقينا مليارات الدولارات مدفونة تحت كراع حدية فى المدينة الرياضية )!! …
ثم قرأت لأحد منسوبى قحط أنه تأمل فى شحنات الفول السودانى العابرة لمصر فحك رأسه وفكر وقدر وأرجع البصر كرتين وتساءل ماذا لو عملنا مصانع دكوة وبعنا الكيس الصغير بواحد دولار ؟ طبعا هو معذور فأحد أعضاء مجلس السيادة فى إحدى جلسات طق الحنك وسلق البيض أكد أن كراتين (المنقة) وحدها كفيلة بحل مشكلة الإقتصاد او مثل الآخر الذى قال ذات (نفخة) أنهم (حيشتتوا) سبعة مليار دولار فى الصرافات عندما تحكم قحط ( تلك أمة بعضها من بعض ) !! فهذا المسكين لم يجد من يقول له أنه وحتى قيام مصنع الدكوة إذا ظل الطريق مغلقا وخسر المصدر سلعته هذه فإن المصنع الحلم عندما يفتتح فلن يجد فول سودانى ليصنعه لأن المنتج المسكين سيكون هجر زراعته وربما باع حواشته وهاجر ليشترى بثمنها شقة فى مصر!! ( يعنى ده عايز يوقف صادر الفول السودانى لحدى مايقوم مصنع الدكوة )!! (الناس دى مانصيحة )
ـ ثم يدهشك هذا التبجح بنشر وتدوير وصناعة الأخبار والمعلومات الهشة والمفبركة … مثل تلك التى تقول أن الإقتصاد المصرى سينهار إن استمر التتريس وإغلاق الطريق شهرا واحدا …
من يخبر ناشر هذه المعلومة أن مجمل الميزان التجاري المصرى يصل لحدود الخمسين مليار دولار ، من هذه الخمسين مليار دولار يعادل الميزان التجارى بين مصر والسودان فى أحسن حالاته واحد مليار فقط وفى سنوات كثيرة يكون أقل من ذلك (شفت كيف) …
بمعنى رقمى آخر أنه يمثل نسبة (2 فى المائة) من مجمل الميزان التجارى المصرى …المليار دولار هذه تنقسم بين السودان (40فى المائة) و(60 فى المائة) لصالح السلع القادمة من مصر ، وهذه النسبة من الواردات المصرية تتقسم بين (60فى المائة) سلع استهلاكية وغذائية ، و ’40فى المائة) مواد راسمالية ، مواد بناء وسماد وأجهزة طبية وغيرها ولكى نكون اكثر دقة فليس كل الواردات العابرة لبوابتنا الشمالية مصدرها السوق المصرى فبعضها قادم من أسواق عالمية أخرى مثل الصين والهند عبر الموانئ المصرية …
ـ هنالك نقطتان مهمتان يجب أن تقال بوضوح وهما أن أكثر الجهات تضررا من هذه الحماقة هى أولا المنتج السودانى سواءا كان مزارعا او تاجرا ، ثم ثانيا الدولة السودانية (وليس الحكومة ) وأن الإضرار بالمنتج هو ضرر مركب لأنه يتجاوز المنتج وأسرته الى وسطه وإلى دائرة العمالة التى تشارك فى الإنتاج ثم إن معالجة هذا الضرر إن تم فسيأخذ جهدا كبيرا لأن أسواق السلع العالمية لاتقبل الفراغ وانتظار مزاج المتعطلين وفض المتاريس !!
ـ من يخبر أصحاب العقول الصغيرة هؤلاء إن العافية الإقتصادية هى خط الدفاع الأول الذى يشترك المجتمع والدولة فى حمايته …ميزان التبادل التجارى بين مصر وتركيا ظل فى عافيته وتصاعده رغم حالة العطاس التى انتابت العلاقة السياسية بين البلدين ، الميزان التجارى هو ذاته الذى جعل إيطاليا تكسر الإجماع الأوروبى ومنعت شقيقاتها الأوربيات من توقيع عقوبات على تركيا نتيجة للإحتكاك التركى اليونانى ..فعلت إيطاليا ذلك لأنها تعلم أن تأسيس المصالح التجارية وحماية منتجيها وسوقها لايقل قدسية عن حماية السيادة الإيطالية فمن يخبر ( جراد القرامطة ) الذى يريد أن يسمم كل القضايا العادلة ويخطفها من أهلها ويتاجر بها ؟؟
ـ تبقى من القول أن نشير إلى أن الصناعات التحويلية التى تجعل للموارد الخام قيمة إضافية لن يتم إقامتها بإغلاق الطرق وقفل المعابر وأن معالجة عجز الميزان التجارى لن يتم بالإضرار بالمنتجين والمصدرين بل هو عملية إصلاح علمية دقيقة وطويلة وللذى يريد أن يستزيد فليراجع أوراق البروفسير ابوصالح الذى تتحدث عن استراتيجية ( 2020..2030م)، وعلى قنواتنا الفضائية أن تستضيف الأخ احمد الشايقى مدير شركة زادنا ليحدث الناس عن خطة الإصلاح الإقتصادى عبر القطاع العام والتركيز على خمس سلع ( زراعية وحيوانية) لتطويرها بالصناعات التحويلية وأن الذى كان يعيق استقامة الظهر الإقتصادى هو العقوبات الاقتصادية التى منعت استيراد حتى اسبيرات المصانع … والتى وقفت من خلفها قحط ( الله لاكسبها)
ـ خاتمة مزعجة …حالة الهتاف والحبور و(الإنطراب) للذين يغلقون الطريق كلما تمدد صف الشاحنات المتعطلة والموقوفة يجعلك تفكر فى أن مشكلتنا أكبر من كونها مشكلة معرفية ..بل هى مشكلة سلوكية …بل تشعرك أن مشكلتنا تكمن فى تلافيف نفسيتنا …كأننا أمة ميالة للإضرار بالغير …. نعم .. لدينا ميول مزعج للإضرار ببعضنا البعض …كل مايحدث خلال السنوات الثلاث التى مضت …يشير إلى أكثر من كوننا أمة متخبطة سياسيا ، بل نحن أمة فيها كثير من العلل النفسية … ذات علل الذين كانوا كتابا فى صحيفة السودانى وعندما حانت لهم فرصة أذيتها عبر لجنة التمكين هرعوا إلى ذلك كأن شوكة تشكهم وتدفعهم إلى ذلك دفعا …
ـ (نكشة )
ـ نحن ضد زيادة اسعار الكهرباء ، تلك الزيادة الغبية والفاحشة ..وضد منهج قطع يدنا التى توجعنا
ـ لاضرر ولاضرار
حسن إسماعيل
وأنت أفضل مثال للمعلول نفسيا .
وعلتك النفسية بادية في كل ما تكتب .
…..
بمناسبة إغلاق الطرق …
الآن فقط إنحلت عقدة لسانك !؟
لماذا كنت شيطان أخرس عندما أغلق (ترك) طريق الشرق والميناء !؟