الفريق أول صلاح قوش ونهاية البشير (1)
بقلم: عبدالرازق الحارث إبراهيمم
بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير فإن أحاديث المدينة تداولت أن سقوط البشير حدث بسبب خيانة من مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني ورجل النظام القوي الفريق أول صلاح عبدالله المشهور في الأوساط السياسية (بصلاح قوش) ولعل الإجابة عن ذلك الحديث تطرح سؤالاً، هل صحيح أن الفريق أول صلاح قوش هو الذي دبر المؤامرة ضد الرئيس البشير ونظامه حتى تهاوى كأعجاز نخل خاوية بعد ثورة شعبية اقتلعت نظام الإنقاذ.
لا نستطيع الإجابة عن ذلك السؤال دون القراءة الصحيحة للوضع السياسي والاقتصادي والعسكري للنظام الذي كان يترنح بسبب قطعة خبز وتدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الجنيه مقابل الدولار وفشل البشير في القضاء على القطط السمان والفساد والاستبداد.
أضف الى ذلك أن التوقف عند المحطات الرئيسية في علاقة الفريق أول صلاح قوش بالرئيس البشير وعلاقته بقادة النظام السابق أمثال الدكتور حسن الترابي والأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور نافع علي نافع وآخرون من صقور وحمائم الإنقاذ، وعلاقته بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والشعبي والقوى السياسية المعارضة ستعكس لنا تفاصيل مهمة.
وفي البداية نتوقف عند جامعة الخرطوم كلية الهندسة بيد أن الطالب صلاح قوش كان أحد أبرز طلاب الاتجاه الإسلامي في جامعة الخرطوم في كلية الهندسة وتميز بالذكاء والهدوء الأمر الذي جعله يتبع لمكتب المعلومات الخاص بالحركة الإسلامية، وبعد نجاح الجبهة الإسلامية القومية في الوصول للسلطة بعد انقلاب العميد عمر البشير على حكومة الصادق المهدي في 30 يونيو 1989م تم استيعاب قطاع كبير من (السوبر تنظيم) من كوادر الحركة الإسلامية كضباط في جهاز الأمن الجديد فكان من بينهم الكادر السياسي والأمني صلاح قوش الذي برز نجمه السياسي كأحد أبرز الضباط الشباب في ذلك الوقت في جهاز الأمن والمخابرات الجديد الأمر الذي دفع قيادة الجهاز إلى تسليمه الملفات المهمة، واستطاع العقيد صلاح قوش في فترة تقلده لإدارة العمليات بالجهاز من إنجاز أكبر مهمة في التاريخ السياسي عندما وصلت اليه معلومة من أحد مصادر الجهاز بأن هنالك مستثمر لبناني يصرخ في الزنزانة في القسم الشرقي للخرطوم وهو مخمور بأنه الإرهابي العالمي (كارلوس) وتابع العقيد صلاح قوش آنذاك ذلك الخيط عبر زيارة شخصية خاطفة للقسم الشرقي بالخرطوم وزار المستثمر اللبناني في الحراسة وتعرف عليه من خلال ملف المعلومات الشخصي للإرهابي العالمي (كارلوس) حيث تعرف قوش على أحد عشر صفة لكارلوس وتبقت واحدة تأكد منها بعد عودته لمباني الجهاز وبعد أن استوثق العقيد صلاح قوش أن الذي يقبع في زنزانة القسم الشرقي بتهمة التحرش الجنسي بامرأة سودانية في نادٍ شهير هو الإرهابي العالمي (كارلوس) بلحمه ودمه، وبعد ذلك حضر العقيد صلاح قوش وهو يلبس جلابية بيضاء وعمامة سودانية وأطلق سراحه بالضمانة وتابعه متابعة شخصية لمعرفة من يقف وراءه من أجهزة المخابرات العالمية وماذا يريد الثعلب من السودان ولماذا سعى إلى مباني المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي لعرض خدماته للأمين العام وقتذاك الدكتور حسن عبدالله الترابي الذي لم يقابله أصلاً واعتبروه أكذوبة مثل الأكاذيب الكثيرة في ذلك الوقت ضد النظام الإسلامي في السودان، وجاءت رسالة من مدير المخابرات الفرنسي لمدير جهاز المخابرات السوداني الدكتور نافع علي نافع بأن الإرهابي العالمي (كارلوس) موجود في الخرطوم وله مكتب تجاري ويتحرك في أندية الجاليات الغربية في السودان بحرية ويمارس حياته دون خوف من مطاردة أجهزة المخابرات العالمية، وتم رفع رسالة مدير المخابرات الفرنسية لقيادات الدولة والحزب الحاكم التي نظرت في طلب الحكومة الفرنسية بتسليمها الإرهابي (كارلوس) الذي قتل ضباطاً من البوليس الفرنسي في أحد فنادق باريس وفر هارباً ولم يظهر إلا مع العقيد المقتول معمر القذافي في باب العزيزية في ليبيا، واستطاع صلاح قوش أن يقود قوة من قوات العمليات الخاصة استطاعت أن تلقي القبض على كارلوس في أقل من عشر دقائق وتخديره وتسليمه لمدير المخابرات الفرنسية الذي أعجب بذكاء صلاح قوش وتخديره للثعلب كارلوس الذي وجد نفسه في مباني المخابرات الفرنسي مقيداً بالأصفاد في يديه وبذلك انطوت صفحة هذا المجرم الذي قتل وسفك الدماء وقام باختطاف سفراء ودبلوماسيين وروع العالم بجرائمه، وبهذا الإنجاز سنحت السودان أن يجد مساندة من الفرنسيين وحصل جهاز المخابرات السوداني على أجهزة تنصت عالية الدقة وأجهزة رصد من فرنسا ساهمت في ترجيح ميزان الحرب الأهلية في جنوب السودان واستطاع الجيش السوداني أن يرصد تحركات المتمردين ويحرر ثلاثة عشر مدينة ويجعل التمرد محصوراً في الحدود اليوغندية، أضف الى ذلك أن السودان وجد مساندة من الحكومة الفرنسية بأنه ضد الإرهاب وساهم في القبض على أخطر إرهابي عالمي ظل يشكل خطراً على الأمن الدولي والاستقرار العالمي.
صحيفة اليوم التالي
تلميع ظهور قوش هل هو مرحلة أولى وتمهيد لإعادته للخرطوم وتنصيبة على هرم الجهاز ولماذا تحتضنه مصر اليوم وكيف عبر الرجل إلى مصر
أيمن أحمد أحمد أيمن